قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية إن دولة قطر توصف بأنها أكثر مرونة وتركيزاً ، وأن الحصار الذي فرضته عليها السعودية والإمارات والبحرين ومصر دفعها إلى توسيع قدراتها الدفاعية. وأوضحت الصحيفة في عددها الصادر الأحد، أنه ورغم ما تمر به السعودية من أزمة دولية، فإن قطر لا تبدو متحمسة لعقد مصالحة معها، وهي ماضية اليوم من أجل تعزيز قدراتها الدفاعية. وتابعت الصحيفة أن وتيرة التعزيز العسكري تسارعت منذ قيام ثلاث من دول مجلس التعاون بسحب سفرائها من الدوحة عام 2014، ثم بعد الحصار الذي فُرض عام 2017. ويقوم مبدأ تعزيز القوة الدفاعية العسكرية في قطر على عدة محاور منها تعميق العلاقات العسكرية مع الولاياتالمتحدة، وتوسيع قاعدة العديد الجوية التي تضم 8 آلاف جندي أمريكي، وهي أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط. يقول وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري، خالد بن محمد العطية، إن قطر أصبحت أكثر مرونة وتركيزاً وربما حتى أكثر استقلالية. وكانت السعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان قد فرضت في يونيو من العام الماضي حصاراً على قطر بدعوى دعمها “للإرهاب”، وتنفي الدوحة مثل هذه الاتهامات، كما أن واشنطن أكدت أنها راضية عن الجهود القطرية لمكافحة تمويل الإرهاب. وتنقل “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين قطريين قولهم إن إدراكهم للتهديدات التي تحيط بهم قد تغير منذ فرض الحصار، ويقول متحدث باسم البحرية القطرية: “لم نعد نثق بأحد”. قطر التي يبلغ سكانها 300 ألف مواطن، بحسب الصحيفة، أكبر أحتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، بالإضافة إلى كونها تمتلك شبكة الجزيرة الإعلامية القوية التي لديها أكثر القنوات الإخبارية العربية شعبية، ونتيجة لذلك كان يُنظر إلى قطر على أنها منافس اقتصادي واستراتيجي للسعودية وحلفائها. وكانت السعودية عقب أزمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في الثاني من أكتوبر الماضي، قد أرسلت إشارات إلى إمكانية مراجعة موقفها من قطر، حيث أشاد بن سلمان في حديث خلال منتدى استثماري بالرياض الشهر الماضي، بقوة قطر الاقتصادية. لكن ولي العهد السعودي ظهر بثقة أكبر على المسرح العالمي مع مرور الوقت، خاصة بعد أن قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن بلاده لن تتحرك لمعاقبته. وبحسب مسؤولين قطريين فإن السعودية وقطر غير قريبتين من حل الخلافات، فالحصار لا يزال مفروضاً على قطر، وليس هناك أي تغيير أو أختراق. عندما قررت السعودية وحلفاؤها فرض الحصار على قطر العام الماضي، تقدمت بعدة مطالب منها أن تقوم قطر بإغلاق قناة الجزيرة الإخبارية، ولكن ومنذ أن تفجرت أزمة خاشقجي قامت الجزيرة بدور كبير في الضغط على المملكة من خلال تكثيف التغطية الخاصة بهذه القضية. مسؤول غربي متابع للسياسة في الخليج قال للصحيفة: “إن قطر ليست في حالة مزاجية لتكون صديقة مع السعودية الآن، إنهم يهتمون أكثر بالأضرار التي نجمت من الحصار”. التصدع الذي لحق بمجلس التعاون الخليجي أدى إلى تعقيد جهود الولاياتالمتحدة لتوحيد تلك الدول تحت مظلة أمنية مشتركة لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة. تقوم قطر حالياً بتوسيع حجم قواتها المسلحة ومعالجة التحدي الفريد المتمثل في بناء جيش من مجموعة صغيرة ومتميزة نسبياً، حيث قامت الحكومة في العام 2018 بتوسيع الخدمة العسكرية الإلزامية للشباب لتكون سنة كاملة، بعد أن كانت ثلاثة أشهر عندما تم إقرارها عام 2014، كما فتحت قطر باب التطوع للنساء. بالإضافة إلى ذلك استثمرت قطر بكثافة في التوسع العسكري خلال السنوات الأخيرة، حيث قامت ببناء قاعدة بحرية جديدة بصفقة بلغت 5.4 مليارات دولار مع شركة بناء سفن إيطالية، وتتوقع أن تتسلم 36 طائرة مقاتلة من نوع “إف 15” بحلول العام 2022، كجزء من اتفاق تم إقراره مع وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس في العام 2017 بعد فرض الحصار. وتعتبر هذه الصفقة مثالاً على كيفية سعي دولة قطر لتعميق علاقاتاتها مع الولاياتالمتحدة بعد الحصار، وتقوم قطر حالياً بتوسيع بناء قاعدة العديد لتكون قادرة على استضافة 5 آلاف جندي آخرين، ممَّا يجعلها منشأة دائمة بعد أن كانت معسكراً مؤقتاً. يقول الكولونيل ستيفون تونكو، مدير خلية التنسيق في العديد: “نريد أن نجعل من قاعدة العديد مكاناً ملائماً للناتو”.