في حوار مع “نبراس الشباب” ضمن حملة “أيام الحرية” التي نظمتها جمعية المدونين المغاربة لتسليط الضوء على واقع الحريات والحقوق بالمغرب، وما يعانيه الجسم الإعلامي من رقابة وتعسف من قبل السلطات في مقاربتها الأمنية لما تنشره مختلف وسائل الإعلام، عبرت الأستاذة خديجة عليموسى مديرة مكتب “المساء” بالرباط، وعضو السكرتارية الوطنية للتضامن مع رشيد نيني والدفاع عن حرية الصحافة على أن الجسم الصحافي يصاب بنكسة جديدة يتم فيها التضييق على حرية الرأي والتعبير، معتبرة أن متابعة الأستاذ رشيد نيني مدير نشر “المساء” والتضييق المتواصل عليه وحرمانه من عدد من الحقوق داخل السجن، وكذا التفتيش الجسدي الذي يخضع له يوميا والحراسة اللصيقة به، والذي قاده إلى اعتصام ما زال قائما إلى الآن، له طابع “انتقامي”، مؤكدة أن حملة “أيام الحرية” ستضاف إلى كل الحملات السابقة المنددة باستهداف الجسم الصحفي، والمدافعة عن حرية الرأي والتعبير، خاصة أن طابعها الالكتروني سيساهم في نجاحها وانتشارها لأنها تستهدف شريحة عريضة من الشباب و الآلاف من رواد الانترنيت. بداية وفي إطار الحراك الاجتماعي الذي يعرفه المغرب، وفي ظل المضايقات والمتابعات القضائية المتتالية التي تطال الجسم الإعلامي المغربي، كيف تقيمون وضعية حرية الرأي والتعبير في المغرب؟ عرف المشهد الإعلامي منذ بداية عهد محمد السادس وبعد ظهور الصحافة الخاصة أو ما يصطلح عليها بالصحافة “المستقلة”، انفتاحا وتغيرا نحو الأفضل بعدما كسرت العديد من الطابوهات التي كانت في الماضي تدخل ضمن الخطوط الحمراء، غير أن هذا التغيير لم يكن يخلو من عدد من المحاكمات والمتابعات القضائية، ولا مجال لسرد عدد من الأمثلة، غير أنه خلال المرحلة الراهنة لم يكن منتظرا أن يخضع الصحافيون بعد الدستور الجديد إلى التضييق من جديد وإلى محاكمات ذات طابع انتقامي كما حصل مع رشيد نيني مدير نشر “المساء” ، فلا يمكن قبول متابعة صحافي في حالة اعتقال ويطبق عليه القانون الجنائي في العهد الجديد، ففي الوقت الذي ينتظر فيه الصحافيون تعديل قانون الصحافة، قانون يتم فيه إلغاء العقوبات السالبة للحرية وحذف كل العبارات الفضفاضة التي من شأنها أن تضيق على المهنة، وكذا عدم اللجوء إلى القوانين الأخرى عندما يتعلق الأمر بقضايا النشر، يصاب الجسم الصحافي بنكسة جديدة يتم فيها التضييق على حرية الرأي والتعبير، ويوضع صحافي وراء القضبان في زمن الحرية والتغيير. عموما فإن واقع حرية الرأي والتعبير في مجال الممارسة المهنية لم يرق بعد إلى المستوى المطلوب، لكون هذه الحرية دائما مقيدة ومتحكم فيها عن طريق آليات قانونية لم يعد لها مكان في زمن الإصلاح السياسي وعهد الدستور الجديد. يتابع الأستاذ رشيد نيني بتهم يعلم القاصي والداني أنها طبخة مخزنية، هل لكم أن توضحوا لمتتبعي حملة “أيام الحرية” طبيعة الملف؟ انطلق الملف يوم 26 من شهر أبريل الماضي عندما تم استدعاء نيني من لدن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء على خلفية مقالات وأعمدة نشرتها الجريدة وقضايا أخرى أثيرت في عمود “شوف تشوف“، وتوقفت أسئلة عناصر الفرقة الوطنية، على الخصوص عند قضية العميد محمد جلماد، الرئيس السابق للمنطقة الأمنية بالناظور، المعتقل حاليا بدون محاكمة في ملف بارون المخدرات نجيب ازعيمي بتهمة محاولة الإرشاء، كما توقفت الأسئلة عند مضامين الملف السياسي، التي نشرتها الجريدة حول معتقل تمارة “السري”. وحاولت العناصر الأمنية لمعرفة المصادر التي يستند إليها نيني في تحرير أعمدته وأخباره، وكان الرد بهذه الصيغة “أنا صحافي ولا يمكن لي أن أكشف عن مصادري انسجاما مع أخلاقيات وتقاليد مهنة الصحافة”، وبعدها تم الاستماع من جديد لنيني من الفرقة الوطنية ليوضع تحت الحراسة النظرية وبعدها رهن الاعتقال الاحتياطي لتنطلق محاكمته ويصدر الحكم في حقه والقاضي بحبسه سنة سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها ألف درهم. إن ملف اعتقال مدير نشر “المساء” له طابع “انتقامي” بالدرجة الأولى لأنه تم فيه خرق عدد من المقتضيات القانونية منذ بداية الملف، فأولا تمت متابعة نيني في حالة اعتقال رغم أن ذلك يخالف فصول قانون المسطرة الجنائية الذي يقرن الاعتقال بالتلبس، وثانيا توبع بالقانون الجنائي بالرغم من أنه صحفي يمارس دوره المهني، وهذا ما دفع نيني إلى الامتناع عن الإجابة عن أسئلة القاضي لأنه يرفض أن يحاكم بقانون غير قانو ن الصحافة، إلى جانب الدفاع الذي لم يرغب بدوره أن يسجل عليه أنه قبل المرافعة في ملف صحافي توبع في إطار القانون الجنائي. إن اعتقال نيني في هذه الظروف جعل أكثر من علامة استفهام تطرح حول الموضوع، فلا شك أن الذين وراء محاكمته يرغبون في وضع القيد على قلمه حتى لا يعبر بحرية عن رأيه في كل هذه المتغيرات خاصة أن لديها قاعدة واسعة من القراء، والذين نشكرهم بالمناسبة لأنهم ما زالوا أوفياء لجريدتهم وينتظرون ساعة الإفراج عن مدير نشر “المساء” بفارغ الصبر، لأنهم اشتاقوا كثيرا لعموده ولأسلوبه المميز، هذا العمود الذي يعتبر سر نجاح المساء. مباشرة بعد اعتقال الزميل نيني انطلقت حملات تضامنية واسعة تطالب بإطلاق سراحه، وتستنكر التضييق على حرية الرأي والتعبير، فهل تضفي حملة “أيام الحرية” في نظركم جديدا لهذه الحملات؟ لا نقاش حول أن ملف نيني محل إجماع وطني، حيث انضمت مختلف الفعاليات السياسية والثقافية والنقابية إلى لجنة وطنية تحمل اسم “اللجنة الوطنية للتضامن مع رشيد نيني والدفاع عن حرية الصحافة”، والتي يرأسها المناضل سعيد آيت يدر، إلى جانب عدد من المواقف الصادرة عن عدد من الفاعلين السياسين ومنهم وزراء، هذه المواقف التي شجبت واستنكرت ونددت باعتقال نيني واستمرار سجنه، لكن مع الأسف المسؤولون عن اعتقال مدير المساء يصمون آذانهم عن كل المواقف ويرغبون في استمرار الظلم والانتقام المسلط على مدير جريدة تتصدر المبيعات الأولى في المغرب . وعودة إلى سؤالكم لا شك أن حملة “أيام الحرية” ستضاف إلى كل الحملات السابقة والتي نتمنى أن تكون لها نتيجة خاصة أن طابعها الالكتروني سيساهم في نجاحها وانتشارها لأنها تستهدف شريحة عريضة من الشباب و الآلاف من رواد الانترنيت. قبل ثلاثة أيام للمرة الثانية على التوالي رفض المحكمة تمتيع الأستاذ رشيد نيني بالسراح المؤقت، هل تقرؤون في ذلك نهج معين للسلطة في مقاربتها الأمنية؟ شخصيا، لم أعد أفهم مسار القضية، لأنه تسرب لدينا الكثير من الأمل في المرات السابقة خاصة قبل عيد العرش، إذ كان جميع المتتبعين يترقبون الإفراج عن نيني خلال هذه المناسبة وتمتيعه بعفو ملكي لاسيما أن بعض القيادات الحزبية وجهت نداء عبر تصريحات إعلامية في الموضوع لكن مع الأسف لم تكن أي نتيجة، وبعد تعيين جلسة الاستئناف بدأ أمل جديد في أن يتم تصحيح قرارات المحكمة الابتدائية ، وكنا نرتقب قرار السراح المؤقت لنيني لكن ما الأسف خاب أملنا من جديد ولم نلحظ سوى الإصرار على سجن نيني رغم أنه يتمتع بكافة الضمانات القانونية للمثول أمام القضاء، وهذا ما يؤشر على أن هناك من يرغب في المزيد من الانتقام من صاحب أشهر عمود بالمغرب. يخوض نيني اعتصاما داخل زنزانته، هل ما زال اعتصامه متواصلا، وما سبب ذلك؟ ما يزال مدير نشر “المساء” يواصل الاعتصام داخل زنزانته لأنه محروم من عدد من الحقوق داخل السجن من قبيل توفره على وسائل الكتابة من أوراق وقلم، وكذا الاتصال بأفراد أسرته عبر الهاتف الثابت وكذا عدم نقله إلى جناح الطلبة، كما أن اعتصامه جاء احتجاجا كذلك على التفتيش الجسدي الذي يخضع له يوميا والحراسة اللصيقة به، كل هذه الإجراءات لا تهدف سوى للانتقام من نيني وممارسة الضغط عليه. وهذا ما دفع عدد من الجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية إلى وضع طلب لزيارته داخل السجن والاطلاع على أحواله لكن ما زال مدير إدارة السجون حفيظ بنهاشم يصر على رفضه لهذه الزيارات التي تحمل طابعا إنسانيا. وإذا ما تمت المقارنة بين سنوات سابقة والوضع الحالي نجد هناك تراجعا إلى الوراء بخصوص أوضاع معتقلي الرأي، هذه الفئة كانت في السابق تستفيد من عدد من الزيارات غير زيارة العائلة، لكن في العهد الحالي لم يعد سوى أسلوب المنع وهذا ما يبين أن الهدف من التضييق على نيني هو الإمعان في إذلاله وممارسة الضغط عليه. -أخيرا ما هي رسالتكم في المساء لمتتبعي حملة “أيام الحرية” وقراء نبراس الشبا من مدونين ومدونات، وصحفيين وصحفيات، وفعاليات جمعوية وحقوقية ومجتمعية؟ هناك المثل القائل “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”، فما يجري حاليا من متابعات ومحاكمات ظالمة تقتضي أن يتوحد الجميع من أجل التصدي لها بمختلف الوسائل المشروعة، لأنه يبدو أن الجسم الإعلامي مشتت، وأن الأمر يتطلب أن يكون التنديد والشجب على أوسع نطاق ويتم ابتكار أشكال إبداعية من أجل مطالبة الدولة برفع يدها على أقلام الصحافيين وتركهم يمارسون دورهم المهني بكل حرية ومسؤولية. وبالمناسبة أذكر بوقفة احتجاجية ستنظم أمام مقر البرلمان يوم الثلاثاء 23 غشت من أجل المطالبة بحرية رشيد نيني، ونتمنى أن يشارك فيها جميع الصحفيين والصحفيات المدونون والمدونات والفاعلين الإلكترونين عموما ومختلف الفعاليات من أجل أن نقول جميعا “الحرية لرشيد نيني” و”لا للتضييق على حرية الرأي والتعبير“.