“الاقتصاد المغربي عرف انتعاشا مهما، لكن نسبة البطالة في تزايد مستمر”، هذا ما قاله أحد المسؤولين عن قطاع التشغيل على إحدى القنوات المحلية، كلام يبدو غريب ولا يستوي مع المنطق، إذ كيف ينتعش الاقتصاد ولا تنخفض نسبة البطالة؟؟،المسؤول قدم تفسير لهذه الظاهرة الغريبة، حيث أكد أن من يعاني من البطالة هم الحاملين للإجازات من الجامعات المغربية بمختلف التخصصات، خاصة الآداب والعلوم الانسانية والقانون. إذ يؤكد نفس المسؤول، أن حاملي الديبلومات والشواهد من المدارس والمعاهد الوطنية التي تتأقلم مع سوق الشغل لا يعانون بطالة أبدا، أي من درس التجارة والتسيير والإعلاميات والتخصصات الفلاحية ….. وغيرها من التخصصات التقنية. إذ يؤكد أن أصحاب هذه التخصصات لا يجدون أي صعوبة في الحصول على وظيفة مباشرة بعد تخرجهم، هذا الكلام يعني أن الجامعة “تفرخ البطالين”، وبالتالي كل من حصل على الاجازة في الجغرافيا والتاريخ واللغات … وحتى العلوم الدقيقة (الرياضيات الفيزياء..) والقانون، كل هؤلاء لا نصيب لم في إيجاد فرصة في القطاع الخاص، وعليهم الانتظار في طابور الدولة، حتى يأتي الشغل أو لا يأتي. أما القطاع الخاص فلا يشجع المجازين أصلا للحيف الذي يطالهم على جميع الأصعدة، المسؤول ذاته يؤكد أن الاجازات التي تمنح في الكليات المغربية لا تتناسب مع ما يتطلبه سوق الشغل، إذ ما نفع طالب درس التاريخ داخل مقاولة كيفما كان نشاطا، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، وهو إن كانت الدولة تعتبر أن الشواهد المحصل عليها في الكليات لا تتلاءم مع متطلبات السوق، ولماذا إذن تنفق ميزانيات مهمة على هذه الجامعات وعلى هذه التخصصات التي تعتبرها لا تتناسب وحاجيات السوق؟؟، ولماذا تصرف الدولة الملايين من الدراهم لدفع أجور الأساتذة الجامعيين وسد مختلف نفقات الكلية؟؟، وهل سألنا يوما أنفسنا لماذا تعرف الجامعة اكتضاضا كبيرا؟، وهنا سنعود إلى أصل المشكل، أي بعد الحصول على البكالوريا، لنسأل ما هي الأبواب التي يجدها الطالب مفتوحة أمامه، المعاهد العليا التي توفر تكوين عالي ويتماشى مع حاجيات السوق، كلها تشترط الحصول على معدلات عالية (16 أو15)، من يحصل على هذا المعدل ياترى؟، اثنان من أصل عشرة، في أحسن الظروف تلاثة. إذن أين سيذهب الباقي؟، الجامعات طبعا التي تحتضن أولاد الشعب وتفتح الأبواب على مصراعيها، فضلا عن تركز أغلب المعاهد بالرباط، وكأن أهل الرباط فقط من لهم الحق قي التعليم الجيد والمتنوع، أما مشاكل التوجيه في المغرب كثيرة وعويصة، يحكم على التلميذ في سن مبكرة (الثالثة أعدادي)، أن يختار خيارين لا ثالث لهما، إما أبيض(علمي) أو أسود(أدبي). لمن أراد دراسة الطب في المغرب يجب أن يكون علميا كليا، و يحصل على نقط جيدة في الرياضيات؟، علما أن الرياضيات لايربطها أي صلة من قريب أو من بعيد بالطب الذي يتطلب فقط العلوم الطبيعية، (هذا في الدول التي تنتج توجيه حكيم)، فكم من نوابغ ضيعها المغرب في العلوم الطبيعية والطب بسبب الرياضيات، أو بالأحرى بسبب التوجيه الذي يمارس الاقصاء. كل هذه العوامل مجتمعة توسع قاعدة الكليات بكل التخصصات التي تصفها بعض الجهات ب “العقيمة”، حيت لا تواكب سوق الشغل، وتحد من التخصصات المفيدة التي تراعي سوق الشغل واحتياجات الاقتصاد، وهذا يعيدنا إلى جدلية المغرب النافع وغير النافع في صيغته الجديدة “التخصصات النافعة”، و”التخصصات غير النافعة”. كل هذا تتحمل المنظومة التعليمية المغربية مسؤوليته الكاملة، هذه المنظومة التي إفتقرت لاستراتيجيات إستباقية ومخططات لما يجب أن يكون عليه التعليم والتخصصات المرتقبة لمواكبة المهن الجديدة وحاجيات السوق، كما أن الدولة قصرت في إصلاح حال الجامعات المغربية لتواكب التطور الاقتصادي والمستجدات في سوق الشغل وطرق التدريس، ووزر هذا الفشل يفترض أن تتحمله الجهات المسؤولة، وليس الطالب المغربي العاطل” ولد الشعب”.