البيئة هي العالم المحيط بالكائن الحي من ظروف وعوامل خارجية تتمثل بالأساس في الماء والهواء أي ما يعني منابع الحياة، وعلى مر العصور، قام الإنسان باستغلال موارد الطبيعة وذلك لتقدم وتحسين نمط عيشه لكن في الآونة الأخيرة بدأ يتم ذلك بشكل خاطئ مما يكاد يقضي على البيئة ويهدد الحياة برمتها على سطح هذا الكوكب. في بداية القرن العشرين بدأ الإنسان يشق طريقه نحو التطور والتقدم التكنولوجي الذي مس جميع الميادين محاولا بذلك ضمان حياة أفضل لكنه بهذا صار يخرب – عن غير وعي منه في بداية الأمر- مدار عيشه المتجلي في البيئة، تلك التي أصبحت تعاني بسببه من مشاكل شتى ومختلفة. فما هي ماهية هاته العراقيل التي تهدد النسل البشري وكذا الكائن الحي بشكل عام وما السبيل إلى حلها أو الحد منها اعتمادا على المجال العلمي والوسائل العلمية؟ تعتبر الفلاحة في معظم دول العالم جزأ أساسيا من الاقتصاد، للعمل على تنمية هذا المجال، قام البشر، استنادا على التكنولوجيا والوسائل الحديثة، بالتدخل في أشكال وأحجام المنتجات الزراعية عن طريق الجينات واللجوء إلى الأسمدة الكيماوية الشيء الذي يؤدي إلى اختلال الطبيعة وتسميم التربة، كما تم تزويد المواشي بأكل منافي لطبيعتها الغذائية لتسمينها في مدة قصيرة فأدى ذلك إلى ظهور أمراض جديدة من نوعها كجنون البقر والذي بحسب السلسلة الغذائية يعرض حياة البيئة للخطر ومن تم حياة الإنسان. بالانتقال إلى الجانب الصناعي الذي يشكل مصدرا أساسيا للمداخيل خاصة في الدول المتقدمة والبترولية، نلاحظ أن هناك انتهاكا لحرمة البيئة، فبعد اكتشاف البترول تم اللجوء إلى التكرير لاستخلاص مختلف مكوناته، أضف إلى ذلك مجموع المعامل المصنعة للصلب، الحديد، الاسمنت، الصناعات الكيماوية كالأسمدة، المنظفات، المبيدات الحشرية، معامل صناعة الأدوية… دون إغفال المخلفات الصادرة عن هاته المصانع وكذا المنازل التي إما يتم تكويمها في مساحات شاسعة تجعل الافرازات السامة تتسرب إلى جوف الأرض وإما يرمى بها في البحر. كل هده العوامل تكاثفت لتشكل ما يسمى بالاحتباس الحراري ما يعني ارتفاع درجة حرارة الأرض بسبب مختلف الغازات السامة الموجودة في الجو خاصة ثاني أكسيد الكربون مما يؤدي إلى تقلب المناخ، نزول الأمطار بشكل أقل وفي غير أوقاتها وكذا بداية جفاف التربة، ذوبان الجليد الذي يسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، ازدياد الفيضانات، العواصف، انقراض بعض الكائنات الحية وانتشار الأمراض… والأخطر من ذلك كله تسبب هاته العوامل في ثقب غشاء طبقة الأوزون الذي يعتبر كجدار واقي للكرة الأرضية من أشعة الشمس الضارة مما صار يسمح للأشعة فوق البنفسجية بالتسرب عبره والتسبب في حروق وسرطانات الجلد. تختلف الأسباب المهددة للبيئة بين طبيعية، صناعية وكذا دفاعية، هنا نتحدث عن التسابق نحو التسلح الذي يعتبر أكبر عامل مهدد لسلامة البيئة خاصة عندما يتعلق الأمر بالأسلحة الفتاكة كالمفاعلات النووية والقنابل الذرية حيث يتم دفن مخلفاتها فتقضي إشعاعاتها على التربة. قبل الانتقال إلى إيجاد حلول، وجب ذكر الظاهرة التي تفشت بين دول العالم بأسره ألا وهي الإعمار والبنيان واكتساحها للغابات والمساحات الخضراء التي أصبحت تتآكل يوميا في ظل التزايد المستمر للسكان ما يعني تقلص نسبة الأكسجين في الهواء و إمكانية ظهور ظاهرة الاختناق. بعد إحصاء وجرد كم هائل من المشاكل والأخطار التي تهدد بشكل مستمر بيئة الإنسان وحياته وحياة الكائنات الحية ككل، وجب على هذا الإنسان الوعي بخطورة ما يجري حوله و ما يتسبب في تخريبه وفهم أن البيئة لا تقف عائقا أمام تقدمه وتحقيق طموحاته حيث أن هنالك وسائل سلمية تمكنه من إحراز التطور دون المساس بنطاق عيشه كما عليه الوعي بلزوم تدارك وإصلاح ما يمكن إصلاحه ببيئته، تلك التي تعتبر مسكنه إذ يجب الحرص عليها حيث أن سلامته من سلامتها. إذن فقد أصبحت مهمة حماية البيئة مسؤولية الجميع بعد أن أضحت مهددة بالخطر الداهم لذا وجب إيجاد بعض الحلول العلمية والعملية لإنقاذها وكذا إنقاذ حياة الإنسان. في مجال الفلاحة، يجب على الإنسان التراجع عن التدخل في الجينات وترك المنتجات الزراعية تنمو بشكل طبيعي مع استعمال الأسمدة العضوية كالذبال التي تنفع المحاصيل ولا تضر بالبيئة لأنها تعد من والى الطبيعة، جعل الماشية ترعى في الأراضي الزراعية دون التدخل في سلسلتها الغذائية لتجنب تعريض البيئة والإنسان لخطر اختلال هاته السلسلة وللحفاظ على التوازن الطبيعي. بالحديث عن الغابات، يجب تكثيف عمليات التشجير لتوفير أكبر قدر ممكن من الأكسجين لجميع ساكنة العالم التي يتوجب عليها تنظيم النسل لتحقيق التوازن بينها وبين الكمية الموفرة من الأكسجين لذا يجب عليها الوعي بضرورة الحفاظ على الغابات من أخطار الحريق ووقف الزحف العمراني نحوها ونحو المساحات الخضراء. بالنسبة للمجال الصناعي، على الجهات المسؤولة في كل البلدان تطبيق قوانين صارمة على المعامل وكيفية تخلصها من مخلفاتها بطرق غير مؤذية للبيئة. يمكن التخلص من المخلفات الصلبة للمصانع بدفنها في حفر خاصة بعيدة عن المناطق السكنية والأراضي الزراعية ولا ينصح بحرقها لأن ذلك يساهم في زيادة تلويث الهواء بسبب الغازات السامة المتصاعدة نتيجة الحرق. وبخصوص الزيوت الملوثة للبحار المتدفقة من ناقلات النفط، يستحسن التخلص منها بأنسب طريقة وهي إغراق هدا الزيت في الماء بإضافة بعض الرمال الناعمة التي ترش على سطح الزيت فترفع كثافته وتؤدي لترسبه في القاع وذلك حرصا على نظافة البحر وحماية الثروة السمكية التي يجب احترام فترات تبييضها. أما النفايات المنزلية فيجب فرزها ومعالجتها قبل رميها إلى: متبقيات الخضر التي يمكن منها صنع أسمدة عضوية وورق مقوى، بلاستيك، زجاج… واسترجاعها وإعادة تصنيعها واستخدامها من جديد، كما يتحتم إنشاء محطات معالجة للمياه المستعملة التي تمر من شبكة من الأنابيب وصولا إلى شبكة الصرف الصحي. أما بشأن الدول المصنعة للمفاعلات النووية، يجب عليها الوعي بلزوم إيقاف التصنيع لأنه بدون نفع ولا يساهم إلا في تخريب البيئة عبر الزيادة في ثقب الأزون وتزايد الأمراض المسرطنة. للاقتناع بتطبيق كل هاته الحلول، من المهم عمل حملات إعلامية لتوعية مختلف الطبقات بالمخاطر التي تتعرض لها البيئة باستعمال الدلائل العلمية للتمكن من الإقناع. وأخيرا يمكن القول أنه بإتباع هاته الحلول في ظل مجموعة من القوانين الصارمة التي تجبر على الحفاظ على البيئة، يمكن للإنسان حينئذ إيقاف الخطر المحدق ببيئته ومن تم الحفاظ على سلامته وسلامة جميع الكائنات الحية على سطح هذا الكوكب.