كنت أجلس في ركن ركين أداعب صفحات الجرائد المملة التي تلوك الأعراض و تخوض في الأنساب منتظرة النادل الذي مضت ساعة و لم أره. آه، ها هو وقف أمامي بزيه المنمق و قال: أهلا ماذا تشربين؟ أجبت: قهوة سوداء بدون سكر من فضلك، رحل النادل وتعقبت خطواته بفضول عجيب غريب، كان ينتقل من طاولة لأخرى يداعب بعض الأطفال، يبتسم لبعض الآنسات ويشعل السجائر لبعض الرجال. راقني مشهد الجالسين بالمقهى فودعت الجرائد وتركتها مع سطورها وحبرها تنادي من يقرأها كانت هناك امرأة تجلس على اليمين تتحدث في الهاتف وتلوح بيديها و تصرخ حتى أدركت مع جميع الحضور أنها تعاثب ابنتها لأنها لم تربي زوجها الزنديق عندما وجدته مع سكرتيرته في وضع مخل للحياء. وهناك رجل في الطاولة اليسرى برفقة فتاة أصغر منه سنا يداعب أناملها ويوشوشها فتقهقه حتى يلتفت لها كل من يجلس بالمقهى، ومن حين لآخر يرن هاتفها وتتجه للمراحيض ثم تعود والعجوز المتصابي يجلس هناك كأباجورة تنير العتمة والكل يضحك على خفت نورها مقارنة بقوة التيار الكهربائي الذي يصل بها من مرافقته. أما الغريب والأغرب فكان مشهد شابين أثار بالفعل فضولي خصوصا وهما يعانقان بعضهما البعض في حميمية كبيرة و شكل أحدهما أنثوي بنسبة تثير الجدل مساحيق على الوجه وأظافر مشذبة بعض الحلي الخفيفة وتصرفات ناعمة، هذان الشابين يزيدان فضولي مع كل حركة و همسة و لمسة خصوصا لما قبل أحدهما الآخر. ماذا يحدث؟ النادل يركض بسرعة نحو الطاولة رقم 14، إنه يقف أمام الشابين وبكلمات جد خشنة وعصبية كبيرة أمر الشابين السالفين الذكر بالانصراف. بعد برهة ناديت النادل لأن ناقوس فضولي كان يرن بقوة، آسفة لكن أيمكن أن أستفسر عن سبب طردك للشابين في الطاولة 14، أجابني النادل بتحفظ إنها علامات الساعة سيدتي، إنهما شابين قليلا الحياء، إنهما من قوم لوط اللهم احفظنا، ثم انصرف. تساءلت من قوم لوط،!؟ آه وصلت الفكرة حاسبت على مشروبي وانصرفت وألف سؤال يؤرقني، كيف اخترقنا الغرب بهذه السرعة؟