تعيش العاصمة العلمية للمملكة على إيقاع فوضى عارمة، البعض عزا ذلك إلى النمو الديمغرافي والبعض الأخر إتهم السلطات بالوقوف موقف المتفرج على مايجري، من خلال تقصينا عن بعض الأسباب التي حولت هذه المدينة التاريخية إلى مكان للإجرام بإمتياز. لفت انتباهنا كيف نما التطور السكاني بشكل مهول ما بين سنتي 1991 الى سنة 2004 . وناذرا ما تأتي الأنباء استحسانا بهذه المدينة، فجل التقارير الصحفية تتحدث عن القتل والضرب والسرقة، بل أكثر من ذلك اطلاق الرصاص بحي “عوينة الحجاج” في الأشهر القليلة الماضية. “نبراس الشباب” وقفت على بعض الأسباب التى حولت فاس إلى مدينة مرعبة وأعدت التحقيق التالي: تلاميذ يحترفون الكريساج تعتبر ظاهرة اعتراض سبيل المارة أو مايسمى بالمصطلح الشعبي “الكريساج” من المواضيع الشاغلة لبال أهل فاس، خاصة في مجموعة من الأحياء التي يطلق عيها بالنقط السوداء كحي “عوينة الحجاج”، ”بن سودة”، “المدينة القديمة”، ”سايس”، ”ولاد الطيب”، … ومن غرائب هذه الظاهرة أن ممن أصبح يحترفها تلاميذ الثانويات والإعداديات حيث يتشكلون على شكل عصابات مدججين بالأسلحة البيضاء والكلاب المدربة من نوع بيدبول ينتشرون خاصة في الليل، ما يجعل المدينة شبه مفرغة من السكان بعد صلاة العشاء. في مقابله أفادت مصادر ل “نبراس الشباب” أن السلطات لجأت الى نصب كاميرات ذات جودة عالية في شوارع المدينة كما هو حال ساحة الأطلس وذلك لمتابعة ورصد المشتبه فيهم. إجرام فاس على الفيسبوك لم يجد شباب فاس أدانا صاغية لمطلبهم في توفير الأمن فالتجئوا الى الفايسبوك ليجدوا فيه ضالتهم، ففي النقرة الأولى لكلمة فاس على المحرك “جوجل” تجد عدة مجموعات تنادي بمحاربة الإجرام إحداها أسمها “معا ضد الاجرام في مدينة فاس”، وتأسست في أواخر سنة 2011 يحاول القائمين عليها تقديم مقترحات لعل رسالتهم تصل كباقي سكان العاصمة العلمية. كما يتساءل الفيسبوكيون عمن يتحمل المسؤولية؟، هل السلطات الأمنية أم السياسيين على رأسهم المنتخبون؟، فيما عزا الآخرون أن السبب الرئيسي هو النمو الديمغرافي الذي أصبح يتزايد بشكل مهول إضافة إلى الهجرة القروية من القرى المجاورة لفاس. للجامعات نصيب من العنف تعرف جامعات العاصمة العلمية بما فيها جامعة ظهر المهراز و كليات سايس أحداثا كل موسم دراسي بعضها يكون بين الفصائل الطلابية نفسها، و البعض الآخر مع القوات العمومية من جهة تانية. ففي هذا الموسم الجامعي سجلت مواجهة بين العدل والاحسان والنهج الديمقراطي القاعدي نتج عنها جروح غائرة على مستوى رأس طالب من الجماعة، في الوقت الذي يتهم الرفاق العدليين بكونهم سبب تراجع النظال الطلابي ويصفونهم بقوى الغدر والضلام، يوجه اتباع عبد السلام ياسين أصابع الإتهام إلى النظام بكونه يغدي ما سموها بالعصابات لمواجهة مشروع الإسلاميين. إلى ذلك شهدت كلية الشريعة بسايس في الأسابيع القليلة الماضية أحداثا وصفت “بالمرعبة” من قبل شهود عيان، بحيث كانت ساحة الكلية مرتعا لها بين طلبة الأقاليم الصحراوية والطلبة المنحدرين من دكالة عبدة، وترجع حكاية الأحداث الى أن طالبا من إقليمالجديدة أهان طالبا صحراويا مالم يتقبله زملاؤه الذين هبوا إلى الكلية على شكل إنزال من جميع كليات فاس مدججين بالسيوف والهراوات، وقد عاينت “نبراس الشباب” احتكاكا بين كلا الفصيلين نتج عنه جرح خفيف في بطن الطالب المتحدر من دكالة “ع ب” بعد أن نجى بأعجوبة من طعنة بواسطة سكين من الحجم الكبير. من جهة أخرى تدخل عدد من الأطر الادارية بالكلية للحيلولة دون تطور الأحداث الى مجزرة حقيقية، هذه الأحداث وغيرها تكون في بعض الأحيان موجهة ضد الأطر التربوية إن هم خالفوا رأي فصيل معين أو أنتقدوه وقد يؤدي بهم في الأخير إلى الرحيل عن الجامعة. ويرى عبد الحق من منظوره كطالب أن العنف مبدأ مرفوض في منطق الإنسانية بصفة عامة، فكيف يمكن القبول بفكرة وقوعه أو مجرد الحديث عنه في فضاء يصنع الفكر ويخاطب العقل وحده وهو فضاء الجامعات، ويضيف أن الأمر يتعلق بمستوى الوعي الطلابي ويحمل المسؤولية للدولة، ويقول أنه لا يعقل أن تكون الدولة على علم بما يقع وتلتزم الصمت، ويخلص إلى أن العنف ظاهرة غير صحية إنسانيا. جوطية الليدو .. عالم بمحادة الوادي يعتبر سوق “الليدو” للكتب المستعملة بفاس من أقدم ممن ساهم في إعطاء الرونق العلمي لمدينة فاس، ورغم أنه يحوي كتبا قيمة من الدين والسياسة والطب والعلوم بأنواعها، إلا أنه لم يسلم من معيقات تندر بإختفاءه من الوجود. عند أول وهلة من دخولنا، أستقبلنا من طرف رجل مسن لفت التصوير إنتباهه ليسأل عن المقصد، وعندما وجد الجواب الشافي رحب بنا ووجهنا مباشرة إلى رئيس جمعية المعرفة لبائعي الكتب المستعملة، عبد الله العلمي الذي رحب بنا بدوره وعاد بنا إلى عشرين سنة من خروج هذا المكان الى الوجود في سنة 1990. حيث يقول أنه بعدما شعر بائعي الكتب بضرورة الإتحاد من أجل االمطالبة بإعادة الإعتبار إلى جوطية الكتب كما يحلى للبعض تسميتها، حيث تفتقد إلى أبسط ضروريات الحياة، كالماء والكهرباء. ويضيف العلمي بأننا طالبن مرات عديدة السلطات “إلا أننا لم نجد أية أذان صاغية لمطالبنا”. كما كشف المتحدث نفسه عن مراسلة وجهت لرئيس المجلس البلدي تتوفر “نبراس الشباب” على نسخة منها، المؤرخة بتاريخ 9 غشت 2010 حول إقامة معرض للكتب في وسط المدينة إلا أن مطلبهم هذا قوبل بالتجاهل التام رغم أنه مودوع لدى مكتب الضبط بالجماعة الحضرية. إلى ذلك ندد بائعوا الكتب بما سموها الإعتداءات التي تطالهم من طرف بعض السماسرة يهددونهم أحيانا بالعنف، كما تكشف مجموعة من الشكايات أرسلت في الموضوع الى الدوائر الامنية لتوفير الأمن لهم، كما أن هذا السوق الشعبي والذي يعتبر مقصد العديد من هواة الكتب القديمة والطلبة مهدد بشكل موسمي بالوادي المحادي له وكذلك بمياه الأمطار . ساحة ريكس بين الجمالية وبائعات الهوى في فاس كجميع المدن المغربية، تجد متنفسا تفوح منه رائحة الأزهار وسط الزحف العمراني، عديدة هي حدائق هذه المدينة لكنها تختلف حسب الأمكنة، 'نبراس الشباب” زارت إحداها، وهي حديقة صغيرة في وسط ساحة يطلق عليها “ريكس” مستوحية أسمها من سينما “ريكس” المقابلة لها، وتحيط بها مجموعة من الفنادق تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة نجوم، هذه الأخيرة قد تسحر الزائر بمناظرها الخلابة، إلا أنها في الحقيقة تخفي في طياتها أشياء قد لاتبدوا إن صاح التعبير بالعين البريئة. في أحد أرصفتها تجلس حليمة وهي في عقدها الخامس تخرج كل يوم إلى هذا المكان لأجل لقمة العيش بحيث تعمل في المنازل بأجر زهيد لايتراوح مائة درهم على أقل تقدير، شأنها شأن مجموعة من النساء الأخريات اللواتي دفع بهن الفقر المدقع إلى الوقوف في طوابير العطالة. في مقابلهن تجلس شابات في مقتبل العمر ولا يخفى على زائر المكان تواجدهن بكثرة خاصة في المساء، معظمهن يتهربن عندما يسمعن كلمة ”الصحافة”، فتساءلنا عن كثرتهن وعدنا عند “مي حليمة” كما يسميها بعض رفيقاتها، ووجدنا صدا هذا الإشكال، حيث تقول ذات المصدر وتشير بأصابعها أن هؤلاء “المومسات ” يضايقوننا في معيشتنا بحيث يعملن بشكل مزدوج “كبائعات للهوى” والعمل في المنازل . وحول دور السلطات تقول بأنها نادرا ما نراهم وأضافت بابتسامتها المستوحاة من الأطلس الكبير أننا نتلقى مساعدات من المحسنين يوم الجمعة يكون أحيانا عبارة عن خبز، وتختم القول بأن مهنتنا هذه غير منظمة والبقاء فيها للأقوى . طالبات العلم والماريجوانا في زيارة خاطفة ل “نبراس الشباب” إلى الأحياء الجامعية بفاس وخاصة أحياء الإناث، منها لاتخفى على البوابة الرئيسية لحي سايس على سبيل المثال ممارسات غير أخلاقية ووضعيات محتشمة جدا، يرتفع منسوبها في المساء، أبطالها طالبات الجامعة. وقد سبق للطلبة أن نددوا بذلك عبر تكسير واجهات مايقارب خمسة سيارات، إلا أن هذه الظاهرة من خلال معاينة الجريدة الالكترونية مازالت على حالها. سيارات فخمة تنزل منها طالبات بعضها يكون في منتصف الليل. والغريب في الأمر أن حارس البوابة يستقبلهن استقبال الأبطال كما أفادت مصادر ل “نبراس الشباب”. من جهته نفى هذا الأخير أن يكون يسمح بفتح باب الحي فوق العاشرة ليلا، وقال بأننا نطبق القانون كما هو. هذا ما لم تتقبله بسمة (اسم مستعار) وهي طالبة تقطن بالحي وتقول بأن هذا الحي أصبحت له سمعة سيئة من خلال الممارسات المشينة التي تقع خارجه وداخله، إلى ذلك أفادت طالبة فضلت عدم الكشف عن اسمها أنه أحيانا تنبعث رائحة مخدر “الماريجوانا” من بيوت بعض الطالبات، وأضافت أنهن يجدن أحيانا قنينات الخمر في مطرح الحي مما يطرح عدة تساؤلات حول مصدرها تقول ذات الطالبة.