إذا استيقضت على إيقاع صياح بائع ” جافيل ” وبائع السردين الذي لا نعرف سواه من الأسماك فأنت في المغرب . إذا ألفيت الأزبال والقمامات تسكن أركان الشوارع العامة، وأبصرت بمحاذاتها أناسا ينتقون منها الأفضل، مقتدين بمقولة ” مزابل قوم عند قوم موائد ” فأنت في المغرب . إذا تقطعت نعالك البلاستيكية، وقبلها قدماك من كثرة الذهاب إلى المقاطعة أو الجماعة لأخذ نسخة من عقد الإزدياد أو شهادة السكنى، فأنت في المغرب . إذا قصدت السوق الأسبوعي لاقتناء بعض المستلزمات، فاكتشفت أن نصف المتسوقين يمدون أياديهم إلى غيرهم طلبا لبعض الدريهمات، فأنت في المغرب. إذا وجدت أبناء شعب دمرت الفيضانات بيوتهم، في غابة مهجورة، قابعين تحت رحمة الديجور والقر كأنهم الوحوش وليس بنو آدم، فأنت في المغرب . عندما تدخل بيتا وتجد فيه عائلة بأكملها تمتهن النوم العميق، والقعود في ” راس الدرب ” صباح مساء دون عمل، فأنت في المغرب . إذا نزلت من الحافلة ومددت يداك إلى جيبك فلم تجد نقودك ولا هاتفك النقال، فأنت في المغرب . إذا ملت عيناك من متابعة الأفلام المكسيكية والتركية الروتينية، فحولت إلى القناة الأخرى ووجدت برامج الطبخ وجلسات البرلمان والطرب الأندلسي، فأنت في المغرب . إذا وجدت أناسا أفنوا زهرة شبابهم في الكد والتحصيل بين هذه المؤسسة وتلك، لينتهي بهم المصير إلى الشوارع وساحات البرلمان، حيث هراوات رجال الأمن وقوات التدخل السريع لا تفرق بين الضعيف والقوي، فأنت في المغرب . إذا سمعت يوما أن سقوف الحجرات الدراسية تهوي على رؤوس التلاميذ، دون زلزال ولا حرب ولا غارة جوية، فأنت في المغرب . عندما تقتل طريق وعرة ضيقة آلاف الأشخاص الأبرياء سنويا، ويحاول الوزير المعني تفادي ذلك بإقرار مدونة مجحفة، ناسيا أن المشكل في الطرق المهترئة ، فأنت في المغرب . عندما يترشح الجهال إلى الإنتخابات، ويحكمون ذوي الألباب في ظاهرة تدعوا للإستغراب، فأنت في المغرب . عندما يحاكم القضاء سارق الدجاجة ويتخد في حقه عقوبات زجرية، فيما يتسامح مع سارقي المليارات وناهبي المال العام وكبار المتلاعبين بأموال الشعب، فأنت في المغرب . عندما تبصر بأم عينك شتى الغرائب، فلا تستغرب، فأنت طبعا......في المغرب.