حصلت "الصباح" على معلومات دقيقة حول هوية الشاب المغربي الذي انتحر ليلة الأحد/ الاثنين الماضيين بسجن بورغو بمدينة كورسيكا الفرنسية، ويدعى قيد حياته محمد حيدة (وكالة المغرب العربي للأنباء أشارت إليه باسم محمد عدي)، وهو من مواليد 15 غشت 1979 بدوار أولاد طالب، الواقع بالجماعة القروية عين الزهرة التابعة لدائرة الدريوش بإقليم الناظور. وكشفت مصادر صحفية فرنسية الثلاثاء الماضي أن الشاب المغربي عمد إلى استعمال غطاء سرير لتنفيذ عملية انتحاره بعد أن غافل في الساعات الأولى من صباح يوم الاثنين الماضي حراس الزنازن الذين خلدوا إلى النوم، وأضافت ذات المصادر، أن الهالك كان يقضي بالسجن المذكور عقوبة بشهرين كان قد أدين بها شهر أكتوبر الماضي بعد رفضه ركوب الطائرة التي كانت ستقله نحو المغرب تنفيذا لقرار بترحيله بالقوة من الجزيرة الفرنسية التي كان يقيم بها بشكل غير قانوني منذ عشر سنوات، غير أن علمه بصدور قرار جديد بطرده يوم 18 نونبر الجاري جعله يضع حدا لحياته عوضا عن العودة إلى المغرب. وكانت اللجنة المحلية بكورسيكا لرابطة حقوق الإنسان قد أصدرت بيانا أدانت من خلاله ما تعتبره " سياسيات مريضة للهجرة، تقوم على تحقيق أرقام ونتائج بأي ثمن، كما ترتبط بالقمع اليومي وكره الأجانب"، كما عبر تحالف مناهضة العنصرية بكورسيكا "أفا باستا" عن رفضه للسياسة الحالية بشأن الهجرة في فرنسا، والتي خلقت "شعورا بالعار في أوساط المواطنين الذين تشبعوا بقيم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان". من جانب آخر، تجمع أول أمس الأربعاء أمام مركز الشرطة بباستيا عشرات من المحتجين، بينهم أفراد من عائلة الهالك، إلى جانب ناشطين في عدد من حركات مناهضة العنصرية وحقوق الإنسان، وذلك تنديدا بتبعات "السياسات الصارمة للهجرة" التي تنهجها الحكومة الفرنسية، حيث تفرض عددا محددا للمهاجرين غير الشرعيين الذين يتوجب طردهم سنويا من ترابها، وهو ما يعتبره هؤلاء سببا أدى إلى دفع الشاب المغربي نحو الانتحار بعدما يئس من فرص بقاءه بفرنسا. وتأتي هذه الحادثة الأليمة في سياق إجراءات جديدة فرضها قانون الهجرة الفرنسي الهدف منها «تطهير» فرنسا من المهاجرين غير الشرعيين، أهمها إقرار عقوبات حبسية نافذة قد تصل إلى 18 شهرا في حق المقيمين بطرق غير قانونية في حال رفضهم العودة طواعية إلى بلدانهم الأصلية، كما يتبنى ذات القانون تسريع وتيرة الترحيلات الجماعية والتي انتقلت من 25 ألفا سنة 2007 إلى 26 ألفا في 2008 ثم 28 ألفا في أفق 2009. كما لجأت الدول الأوربية بموجب "ميثاق الهجرة" الذي يربطها، إلى تبني سياسات أكثر تشددا تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء، بينها تعزيز إجراءات المراقبة على حدود الاتحاد الأوروبي، وتشجيع المقيمين بطريقة شرعية على "المغادرة الطوعية" لقاء مساعدات مادية، وبالمقابل يتجه الاتحاد الأوربي نحو الانفتاح أكثر نحو دول أوربا الشرقية سابقا ومنح تسهيلات واسعة للمهاجرين القادمين منها، بينما يعطى الامتياز لاستقدام "العمالة المؤهلة" من الدول الأخرى، تماشيا مع مفهوم الهجرة الانتقائية التي روج لها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على نطاق واسع.