ألقى الدكتور ميمون بنجدي، بحر الأسبوع المنقضي محاضرة في موضوع "جرائم تلوث البيئة بين الحماية القانونية والعمل القضائي"، وذلك في إطار سلسلة لقاءَات حول البيئة التي تنظمها كلية متعددة التخصصات بالناظور، تحت إشراف شعبة القانون العام خلال الموسم الجامعي 20162017. وقد أخذ الكلمة في البداية ذ. جلطي محمد، أستاذ القانون العام بالكلية، حيث شكر الأستاذ المحاضر على تلبيته الدعوة مشيدا بأهمية موضوع جرائم تلوث البيئة وحساسيته وتعقيداته، حيث برز الموضوع مع الأزمات والكوارث الكبرى، كالحرب العالمية الأولى والثانية، الحرب الهندية الصينية 19611975، تشارنوبيل سنة 1986، حرب الخليج الثانية سنة 1991 و لحظتها برز عنوان "تلويث البيئة شكل جديد من أشكال الإرهاب". كما أشار الأستاذ إلى تزايد الأزمات والكوارث البيئية إن على المستوى المحلي، الوطني، الإقليمي أو الدولي، وقبل إحالته الكلمة للمحاضر أشار ذ. جلطي أن ذ. ميمون بنجدي قدم أطروحة في موضوع هذه الأمسية، وأنه حاليا إطار بوزارة الداخلية بعمالة الدريوش، كما أنه أستاذ زائر بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور. تناول الدكتور ميمون بنجدي الموضوع من الزاوية الزجرية، وتطرق لمجموعة من الإشكاليات القانونية التي تحول دون إمكانية إسناد جريمة تلوث المجال البيئي لمرتكبيها، نظرا لخصوصية هذا النوع من الجرائم المرتكبة في حق البيئة نتيجة تلويثها التي تتميز عن الجرائم العادية المنصوص عليها في إطار القانون الجنائي المبنية على أساس مبادئ راسخة منذ عهود مضت. وذكر في هذا الصدد، أن هناك صعوبات قانونية من أجل إثبات المسؤول وضحية جريمة تلوث البيئة نظرا لتعدد المصادر وأسباب التلوث إلى الدرجة التي لا يسهل معها تحديد مصدر معين واعتباره السبب الرئيس للجريمة وبالتالي تحميل فاعله المسؤولية الجنائية المترتبة عن ذلك، وأورد على سبيل توضيح ذلك مجموعة من الأمثلة. كما أشار أيضا من خلال هذه المحاضرة إلى أن النتائج التي قد تنشأ عن فعل التلوث غالباً ما قد يتأخر ظهورها، فتستغرق فترة زمنية قد تصل إلى سنوات قبل أن تبرز آثارها للوجود، وغالبا ما قد تتفاعل هذه النتائج بشكل متسلسل ومتلاحق إلى الحد الذي يصعب معه ربط النتيجة التي تحققت مع العامل الأساسي المتسبب في التلوث، وغيرها من الإشكالات القانونية التي تطرق إليها من خلال هذه المحاضرة التي تثيرها جريمة تلوث البيئة سواء على المستوى الوطني أو الدولي، وحاول الإجابة عنها من خلال الاستشهاد بمجموعة من المقتضيات القانونية والاجتهادات القضائية خاصة المقارنة. وختم محاضرته بمجموعة من الاستنتاجات والاقتراحات نذكر أهمها: وعي المواطن المغربي وتربيته عن الأخلاق البيئية وبأهمية المحافظة على هذا المجال، والعمل على توحيد الجرائم والعقوبات المنصوص عليها في مختلف القوانين الخاصة بالبيئة في مدونة جنائية بيئية، تفعيل ودعم دور الجمعيات النشيطة في مجالات البيئة والتنمية المستدامة، أهمية التنسيق بين المحاكم والإدارات أو المصالح المعنية بحماية البيئة، من أجل القيام بعملية المراقبة والتتبع ومباشرة الإجراءَات التي تهم قضايا البيئة، ضرورة تعاون الدول في ما بينها من أجل مواجهة الاعتداءَات السافرة على المجال البيئي، تنمية روح المواطنة لدى المواطن المغربي، وإيقاظ وازعه الديني وضمير أخلاقه بدا من مرحلة الطفولة وذلك عن طريق إعداد برامج تعليمية تخصص حيزا مهما للتعلم وترسخ فيهم كيفية المحافظة على المجال البيئي وأهميتها في حياة الإنسان، تحلي المسؤولين القائمين على تطبيق قوانين البيئة بالضمير المهني والمسؤول، والانخراط الايجابي والفعال في الإستراتيجية الوطنية لحماية البيئة، وفي الأخير فتح نقاش نوعي مهم مع المحاضر، وختم اللقاء ذ. جلطي محمد بتجديد الشكر للأستاذ والحضور الكريم.