الناظور.. مدينة تعرف هي الأخرى دينامية ثقافية وطفرة سياحية نسبية، عكس ما قد يضنّه البعض مِمَّن يختزلون صورتها في مجرّد بوابة لتهريب المخدرات نحو أوروبا عبر منافذها الساحلية "مارتشيكا وَ تشارانا ووارش وبوقانا ورأس الماء...وغيرها"، علاوة عن كونها كما يقال محطة التهريب المعيشي الأولى بالمغرب، التي تنطلق منها "سلع" مليلية نحو جميع مناطق المغرب، على إعتبار أنها مستودعٌ كبير يتم فيه تخزين أكوام الخردة والبضائع المهربة عبر منطقة الحدود الحرة الفاصلة بين هذه الأخيرة ومليلية السليبة بواسطة سماسرة الكونطربوند، لكي تنطلق في رحلة فرّ وكرّ هوليودية مع أفراد الجمارك عبر شبكة الطرق الوطنية، لتصل إلى أبعد مركز حضري بالمغرب. هذا بالضبط ما قد يخاله بعض المغاربة، حتى لا نقول عامتهم، حول مدينةٍ تُصوِّرها لهم قصاصات أخبار بعض المنابر والصحف ممن تغلوا في إعطاء الأشياء أكثر من حجمها الحقيقي، على أنها مدينةٌ يحكمها المال الحرام الناتج عن ترويج نبتة القنب الهندي والتهريب والفساد بشتى أشكاله، غير أن مدينة الناظور اليوم هي في الواقع ليس كما يُروّج عنها هؤلاء، أو ليست بالكاد كما يلتقطوها في حسّهم المخيالي، وإنما شيئا آخر مغاير تماما، لا يمكن ملامسة حقيقتها إلا أبناءها الذين لم يعدوا يراهنوا كما في عهد غابر على هاتين الإمكانيتين المتمثلتين في تجارة الحشيش والسلع المهربة لجعل الاقتصاد المحلي مزدهرا لدى التجار الكبار والصغار منهم على السواء. وعلى الرغم من أن الناظور ما زال لم يتخلّص كليّا من سمعته القديمة الملطّخة بسوابقه العدلية في ملف المخدرات والفساد بمختلف أشكاله وأنواعه، إلا أنه في طريقه إلى ذلك، وهذا الكلام بالمناسبة لا يستثني الجوانب السلبية الأخرى لمدينة طفق أبناؤها بالآونة الأخيرة ينزعون نحو المطالبة بتحسين وضعيتها واستغلال مواردها أحسن استغلال بما يعود بالفائدة العميمة على المنطقة وساكنتها..