قرأت هنا وهناك حول فيلم " لعبي " للمخرج أكسل فوزي ما كتب عن هذا المخرج الطموح والبعض مما أنجزه . لكن لم يكتب أحد على مضمون عمله الاخير الذي صوره وأخرجه في مقر إقامته بشيكاعو الامريكية . أكد أكسل لاحد الاصدقاء أيام كان في الريف أنه طموحه لن يتوقف في تحقيق ما يرد بل سيتعداه للوصول إلى هوليود . أرسل المخرج الطموح أكسل صورة ذات يوم وقد إلتقطها أما الجبل المعروف الذي يحمل إسم هوليود بحروف كبيرة بإمريكا . هنا يكون أكسل قد وصل إلى هوليود طبعا ولكن هذا ما لم يقصده هو . هو يطمح إلى الوصول إلى هوليود كرجل سينما وليس كزائر . فوصول أكسل إلى شيكاغو يكون قد اقترب من هوليود ولكن الوصول الفعلي والحقيقي لهوليود سيتطلب الكثير من العمل والمثابرة والاجتهاد والتضحية . كل هذه الشروط يمكن أن نختزلها في كلمة واحدة . إنها الطموح والطموح كما يبدو هو الزاد الاساسي لاكسل فوزي أو المعروف في جينيريكات أعماله ب " أكسل ريفمان " فيلم "لعبي" هذا تركني معلقا بين الاحساس بما يريد أكسل وفهم ما يريده . لقد قمت بمشاهدة الفيلم هذا عدة مرات ، وفي كل مرة يبدو لي الفيلم بسيطا جدا لكن حين أحاول اختزاله في فكرة واحدة يبدو لي جد معقدا كوني أعجز على استيعاب هول ما يعاجه . سأغامر في وجهة نظري هذه وأقدم ما فهمته من خلال مشاهدتي لهذا الفليم لفصير في زمنه والطويل في مضمونه . بمجرد ما نتظرق للحديث أو التفكير في أللعب ، يتبادر إلى أذهاننا ذلك الكم الهائل من اللعب التي تصدر في الاسواق من ألعاب جامدة إلى ألعاب ألكترونية . هذه الالعاب التي أصبح في زماننا هذا وحشا وديعا يتحكم حتى في الاقتصاد العالمي . فألعاب حرب النجوم حققت في السنة الاخيرة من الارباح أكثر مماحققه الفيلم الاخير نفسه . لكن اين هذا كله من لعب أكسل فوزي ؟ يبدو أن أكسل قد استعمل اللعب فقط كوسيلة للتطرق إلى موضوع لا يقل أهمية وخطورة للموضوع الذي تتطرق إليه في فيلمه التلفزي " الصمت القاتل " إنه العبث بالطفولة وتعذيبها وتدميرها وهي بريئة . اللعب التي يتحدث عنها أكسل ليست لعب حرب النجوم ولا لعب ديزني ولا أي لعب أخرى . اللعب في فيلم أكسل ليست التي يتسلى بها الاطفال ، بل هم الاطفال أنفسهم ... الاطفال يتحولون إلى لعب عبر أقطار العالم . الاطفال الذين يتحولون إلى لعب لاشخاص قد نكتشفهم إما بعد الكارثة أو لا نكتشفهم أبدا في حين يبقى الجرح لدى الطفل أزلي لا يندمل . يقول أكسل " لقد شعرت بهول الكارثة بعد أن أصبحت أبا ، أصبحت ولاول مرة أخاف على إبني ، أخاف لانني لا أعرف من أين يمكن أن يأتيه الخطر . الوحوش الادمية في كل مكان وقد تكون معنا في المنزل ايضا ، من يدري ؟ " من خلال الفيلم يبدو كم هو الانسان وحشي في طبعه ، وكم هو ماكر أيضا . فالطبيعة منحت في غالب الاحيان إمكانيات التمويه للحيوانات لكي تنجو من الاخطار والموت ، لكن الانسان تمكن في استثمار هذا التمويه في تدمير حياة الاخر وبخصوص حياة الاطفال . كما يبدو أن أكسل قد برع في توضيف ممثل أتقن الحفاض على التوازن في حياة أفقية عادية بين الدكان والشارع من جهة وعالمه المضلم داخل منزله . يصل الجشع بالانسان إلى درجة يبدو فيه ملاكا وهو يجوب الدكان ويختار الللعب بهدوء برئ ، يتقاسم الحنان والدفء مع الاطفال في الدكان والشارع ، لكن هو في الحقيقة مارد قذر ومتوحش في قرار نفسه . فصيلة بشرية تتقن أدوارها بين الناس كملائكة وكوحوش حينما تتاحلهم الفرصة . قرر أكسل في فيلمه هذا بالدرجة الاولى ملاحقة هذا الوحش وتعقب أثره . وجعل منه محور سيناريو فيلمه . أكسل يبحث عن الوحش الادمي وليس عن الاطفال الابرياء .فالاطفال نكتشفهم ونجدهم دائما لكن الجناة يصعب إيجادهم .فحتى في قانون الطبيعة غالبا ما نجد الفريسة ونادرا ما نجد المفترس . كم عددهم ؟ أين هم ؟ بل من هم ؟ لا يمكن الاجابة على هذا السؤال إلى بعد فوات الاوان . ثمانية دقائق كانت كافية لارسال رسالة انذار وخطر إلى العالم . ثمانية دقائق كانت كافية لاكسل لطرح إشكاية جريمة قد تغير خريطة جيل بأكمله . لان الحديث عما يدمر الطفولة هو الحديث عما يدمر مستقبل مجتمع بأسره . يبدو أن أكسل لا يبتعد كثير عن ذات الانسان في اختيار مواضيعه ، فهو يبقى دائما في الانسان طبعا، ويجعله محورا في رسائله المرئية الموجهة للانسان نفسه . أكسل نجح مرة أخرى في مخاطبتنا بطريقة مباشرة كما فعل في فيلمه الصمت القاتل . كما أنه يختار في كل عمله أسلوبا مغايرا في تعامله مع الاشياء والقضايا . ففي فيلمه القصير القادم " جامع الدموع " سيندثر السيناريو نهائيا ويترك الصورة تعبر عن كيف يمكن للانسان أن ينفلت من حاضره ويعيش على الماضي عبر قنطرة الالم والحنين . كما سينقلنا في فيلم آخر قادم تحت عنوان " وعود قبل العرس " إلى حافة الموت وكيف يستطيع الانسان أن يجعل نهاية لحياته بشكل أبهى من العرس المنتظر نفسه . في خزانة أكسل أشياء جميلة تستحق التقدير والتنويه . منها ما وصلنا ومنها ما هو قادم ومنها ما سينجز في المستقبل . طموح أكسل بدأ في إطاء ثماره طبعا . وعلينا تشجيعه والوقوف معه لان أكسل كشخص هو لنفسه لكن كرجل سينما فهو ملك لنا جميعا . من يدري سيأتي يوم ويطالعنا بفيلم من هولويود وسنقول عليه هذا فيلم ابن ريفنا . مع أكسل باجتهاده ومثابرته وطموحه كل شيئ ممكن وكل شئ قابل للتحقيق . أشكر أكسل الذي سمح لي أن أطل على بعض انتاجاته القادمة خلال هذا العام والعام المقبل . أيوز فيلم لعبي