يبدوا أن زئبق حرارة الانتخابات ماض في الصعود، بعد اشتداد المنافسة بين أحزاب وازنة تعمل من جديد على تلمس الطريق نحو كراسي مجلس بلدية الحسيمة، وكل حزب يأمل أن يحصد ما تيسر من المقاعد تؤهله لتبوئ الصدارة ليتسنى له تشكيل أغلبيته التي ستمكنه من قيادة سفينة بلدية الحسيمة، التي قادها الجرار في الولاية السابقة بأغلبية مطلقة مكنته من تدبير الشأن المحلي بدون حاجته لأية تحالفات. مكونات المجلس السابق، إلى جانب الجرار، ليست كلها ممثلة في التنافس الانتخابي برسم الانتخابات الجماعية، الخاصة ببلدية الحسيمة، فالأحرار لم يستطع إطلاق حمامتهم ليظل بعيدا عن هذه المنافسة، في حين خرج من رحم حزب العهد الديمقراطي، الذي كان يتوفر على عدة مقاعد ببلدية الحسيمة حزب آخر وهو النهضة والفضيلة الذي يعمل بشتى الطرق المرئية والغير المرئية للحصول على مقاعد بالبلدية مستغلا قوته الشعبية التي استطاع بنائها خلال السنين الأخيرة بالأحياء الشعبية باستعمال وسائله المعروفة بالمنطقة. احتدام التنافس حول مقاعد بلدية الحسيمة، سيكون في دائرة مغلقة، وحكرا على شخصيات سياسية وازنة نزلت بثقلها لدعم مرشحيها، ففي أول أيام الحملة، نزل إلى جانب الدكتور محمد بودرا وكيل لائحة الجرار ببلدية الحسيمة إلياس العماري، الذي جاب الشوارع رفقة مناضلي حزبه لإقناع الحسيميات والحسيميين للتصويت للائحتهم، كما نزل بثقله كذلك وكيل لائحة الناقلة المنافسة ببلدية الحسيمة، الأمين العام للحزب الدكتور نجيب الوزاني، الذي قام مبكرا اليوم الثلاثاء بزيارة ميناء الحسيمة لتفقد بني جلدته العاملين بكثرة في قطاع الصيد البحري، وكل أمله أن يستطيع الظفر بعدة مقاعد بمجلس بلدية الحسيمة، تمكنه على الأقل من الحفاظ على موقعه السابق، ومساهما في رسم الخريطة الجديدة التي ستحملها الانتخابات الجماعية المقبلة. العدالة والتنمية، الغريم التقليدي لحزب الأصالة والمعاصرة، يسعى بدوره للوصول ولأول مرة في تاريخه السياسي بالحسيمة، للفوز ببعض المقاعد، معتمدا في ذلك على مرشحيه ومرشحاته، ممن كسبوا التجربة، وأعدوا العدة لهذا النزال، والذين يعرفون أكثر من غيرهم أنه لن يكون سهلا، خاصة وأنه يجرى بمعقل حزب الجرار، التي يعتبره حصنا منيعا، يصعب على اخصومه تسلق جدرانه، وخطا أحمرا، بما يعني ذلك من رمزية، غير أنه لا مسلمات في السياسة وكل النتائج محتملة، وهو ما يعزز إمكانية ميلاد تشكيلة انتخابية، تحملها الانتخابات الجماعية المقبلة، يكون لزاما فيها بناء تحالفات، لقيادة باخرة المجلس البلدي للمدينة. باقي الأحزاب المنافسة الأخرى ومنها، التقدم والاشتراكية، الاتحاد الاشتراكي، حزب الاستقلال، جبهة القوى الديمقراطية، دخلت بدورها غمار المنافسة للوصول لوضع مساحة لقدمها في انتظار إشراكها في بناء خريطة المجلس، ولو من باب استكمال التحالفات والتنافس الذي سيحتدم بين الأحزاب الكبرى، حيث بإمكان مقعد واحد أن يغير رسم شكل المجلس، خاصة وأن خلفيات تاريخية دفينة لازالت في ماض الأحزاب المنافسة، والتي تستبعد بشكل كلي إمكانية تحالفها وتقاربها داخل المجلس، مما يفسح المجال للتحالفات الصغرى لاستكمال الأحزاب الوزانة لأغلبيتها، غير أن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة في السياسة بما فيها تحالف أحزاب توجد على طرفي النقيض كما حدث مؤخرا في انتخابات الغرفة البحرية المتوسطية التي صوت فيها الجرار على المصباح، وإذا كانت عدة متغيرات قد حدثت منذ الانتخابات الجماعية الماضية إلى اللاحقة، إلا أن الثابت هو أنه في السياسة كل شيء ممكن، وأن الأمر الوارد بقوة أن كل المنافسين الكبار سيحتاجون لباقي المقاعد لتشكيل مكتب المجلس والظفر بتسيير بلدية الحسيمة، في حال تخلف الجرار عن اكتساحها.