تعيش في المغرب فئتان اثنتان مختلفتان أشد الاختلاف، فالفئة الأولى تعيش ببساطة وتكد طول النهار في سبيل الحصول على لقمة العيش من خلال راتب يفي بالكفاف ولا يتجاوز ذلك إلى أشياء أخرى، وفئة ثانية قد أحاطها الله بكل أسباب اليسر والغنى، فتنعم في جنة من الملذات التي لا تكاد تنتهي ما دامت تمتلك المال لشراء كل مسببات الرفاهية، فتراها تسكن في فيلات فاخرة، وتتنقل عبر سيارات فارهة، وتقتني أغلى الحاجيات دونما حساب ولا اكتراث لما تصرفه من أموال. في هذا الملف الذي نشرته يومية الصباح في عدده الصادر اليوم، نحاول بتصرف أن ننقل لكم كيف يعيش أثرياء المغرب بعيدا عن هموم البلاد ومشاكلها. هوس صرف الملايين لشركات عالمية من أجل سيارات وألسبة وإكسسوارات فاخرة لم يكن المغاربة سابقا يفكرون في أكثر من تحقيق رغباتهم في اقتناء سيارة عادية تفي بغرض النقل والتجول إذا اقتضى الحال، لكن وفي ظل الصيحات التي تصدرها شركات عالمية في العصر الحديث، ركب المغاربة الموجة إلى جانب أغنياء العالم، فأصبح الطلب المغربي متزايدا على منتوجات "بولغاري" الفاخرة، وعلى سيارات "لامبورغي" ومازيراتي" و"بنتلي"، وعلى ألبسة تتجاوز أثمنتها سقف الخيال، حتى ذكرت يومية الصباح أن امرأة طلبت خاتما يصل ثمنه إلى 200 مليون سنتيم، وأخرى طلبت سوارا ب360 مليون سنتيم. مظاهر التفاخر والأبهة تبدو جلية على المغاربة الأغنياء الذين يصرفون ما تزخر به حساباتهم في الأبناك من أجل الحصول على لذة في اللباس أو الطعام أو السفر. وقد أحدث هؤلاء في تقاليد الأسفار التي كان ينظمها المغاربة إلى البلدان المجاورة تغيرا جذريا، فقد كان أقصى ما يمكن أن يصل إليه المغربي من أجل الاستجمام في السفر باريس، أما اليوم فوجهات السفر اختلفت وأصبحت أكبر المدن سياحة في العالم تشغل بال المغاربة الذين يقدصونها لإفراغ ما يكفي إطعام فقراء البلد جميعا لأيام من الأموال. أما في عرض المياه الوطنية، فمن حين إلى آخر يلفت نظرك يخت فاخر يمخر عباب البحار يقوم صاحبه الذي لم يكفه البر ولا الجو بنزهة سعيدة بعيدا عن ضوضاء الشوارع وصخب المواطنين العاديين الغارقين في هموم المعيشة. غنى المغاربة يدفع بشركات عالمية إلى فتح فروعها في المغرب وبعد أن جست شركات عالمية معروفة في إصدار المنتوجات الفاخرة، سخاء المغاربة الذين يصرفون هذه الملايين لتأمين متعهم في الحياة، اقترحت أخيرا فتح فروعها في المغرب لتسهيل خدمات الشراء على المغاربة الأغنياء. ولذلك فاليوم نجد في المدن الكبرى خاصة الدارالبيضاءوالرباط وغيرهما محلات لهذه الشركات العالمية التي عملت على استثمار مشاريعها في هذا البلد الذي لا يدخر أغنياؤه جهدهم في صرف الملايين في رمشة واحدة. فإلى جانب المحلات العادية التي كانت تبيع للمغاربة المنتوجات التي تقضي حاجاتهم بأثمنة بخسة تعادل جودتها في الصنع، أصبحت محلات أخرى تحتل مكانها في الأسواق وعلى طول الشوارع الكبيرة أثمنة منتوجاتها تعلن أنها ليست للعموم بل لفئة خاصة تعيش في المغرب. الفيلات الفاخرة تسيل لعاب الأغنياء وتنافس شديد حول اقتنائها تشهد مجموعة من المدن بالمملكة، إقبالا غير مسبوق على اقتناء الفيلات والشقق الفاخرة، وتقع على رأس هذه المدن كل من الرباطوالدارالبيضاء وطنجة والمحمدية ومراكش وذلك بأسعار خيالية تختلف باختلاف جودة هذه العقارات والأحياء والأماكن التي تشغلها. ويبحث المغاربة المترفون عن تصاميم خاصة لمأوى سكنهم، مطالبين بأرقى مواصفات الجودة والراحة وذلك بالاستعانة بمنعشين عقاريين ذوي خبرة في المجال لبناء ليملوا عليهم تصاميمهم الخاصة التي تستجيب لذوقهم ورغبتهم وذلك على الرغم من التكاليف الباهظة التي يؤدونها دونما اكتراث لما يصرفون من جيوبهم. ويتساوى هؤلاء المتفرون مع أغنياء العالم الذين يقيمون فيلاتهم في الأحياء الراقية مكلمة لهم مبالغ خيالية تتجاوز في كثير من الأحيان مليار سنتيم، وعلى غرار أغنياء العالم يبحث المغاربة عن الأحياء الهادئة التي تبتعد عن مراكز المدن حيث يكثر الضوضاء والصخب وضجيج السيارات والمارة. وإلى ذلك، يختار البعض شراء فيلا فاخرة وذات مساحة واسعة كمأوى له في حين يقتني شققا أخرى بالمدن التي يقضي فيها عطلته دونما حاجة إلى كراء، وتقع هذه الشقق غالبا في المناطق الشمالية والساحلية المعروفة بالسياحة الصيفية حيث يلجأ إليها أصحابها لقضاء عطلتهم بعيدا عن المدن التي يعيشون فيها. غولف أنفاو "وسان بيتش".. أماكن خاصة بهم لا حق للعامة بارتيادها يتوفر هؤلاء المترفون على أماكن خاصة بهم لا يرتادها العامة وهم المبتعدون عن ضجيج الناس العاديين، ولذلك يستقطبهم الغولف الملكي وشاطئ "سان بيتش" الخاصين، حيث يقضون أوقاتهم السعيدة. الغولف الملكي يقع بالبيضاء بقلب الحي السكني الراقي الذي تم إنشاؤه منذ 8 سنوات، وسان بيتش بعين الذياب ناد خاص بانخراط يصل إلى 45 ألف درهم مع تسديد الاشتراك السنوي المحدد في 8 آلا درهم. هذان المكانان حيث تصادف أثرياء المغرب منفردين مستمتعين بأوقاتهم السعيدة، سان بيتش ناد ذي شروط صارمة حتى وإن كانت خزينته تستقبل من الفرد الواحد مبالغ باهظة، يُذكر أن وزيرا تحدث في الحادث فكان الجزاء التوقيف لمدة 3 أشهر، فالمكان يحظر استعمال الهاتف حفاظا على راحة الزبناء. وإلى جانب هذين المكانين، تستقطب أمكنة أخرى في مدن المملكة الأثرياء خاصة الباحثين عما ينفردون به مبعيدين عن العامة ومن أجل التواصل فيما بينهم وعقد الصفقات والتعارف والحديث عن المنتوجات الجديدة للشركات العالمية. العطلة في الفنادق المصنفة.. وخدمات فاخرة تحت شعار "الحياة لا تقدر بثمن" ولقضاء عطلها الموسمية يختار هؤلاء الفنادق المصنفة في الفئات الفاخرة بالمغرب للبحث عن أفضل الخدمات التي يمكن تقديمها إلى جانب الإقامة من قبيل الوجبات المقترحة في المطبخ أو الخدمات الصحية والتجميلية المصاحبة. وتستقبل هذه الفنادق زبناءها من فئة "هاي كلاص" الذين تحاول إغراءهم بتخفيضات من حين لآخر لإبقائهم على خط الزيارات المتكررة، وتسهر على توفير أروع ظروف الراحة والهناء لهم. وتبلغ أسعار الإقامة في هذه الفنادق الفاخرة أحيانا 6 آلاف درهم لليلة الواحدة، وينخفض الثمن أحيانا ليصل إلى حدود ألفين درهما توفر للزبون الاستمتاع بأجمل اللحظات، وأرقى الخدمات. الديكورات والإكسيسوارات الغالية لتزيين منازل الأثرياء لجأ أثرياء المغاربة إلى اقتناء الديكورات والإكسيسوارات باهظة الثمن لتزيين منازلهم، حيث يمكن أن تبلغ أثمنة هذه المزينات إلى 100 ألف درهم لمزهرية مثلا، في حين يمكن أن تتراوح ثمن لوحة تشكيلية ما بين 10 آلاف و70 ألف درهم أو أكثر حسب جودة هذه المزينات التي تحظى بمكانة خاصة في نفوس الأثرياء الذين يركزون أكثر على إرضاء ذوقهم بعد أن أرضوا رغباتهم الأخرى. ويحكم لجوء المغاربة إلى اقتناء هذه الإكسسوارات والديكورات تنافس شديد بين الأسر، حتى أصبحت عادةً تكلف المغاربة الكثير من الأموال لكنهم لا يبالون ما دامت تزين منازلهم ومآويهم لتخطف أبصار الضيوف والزائرين. ولهذا انتشرت في المغرب مجموعة من المحلات التي تبيع هذه الديكورات بعد ان أثرياء المغرب يصرفون أموالا خيالية لجلبها من الدول الأوربية والعالمية. مغاربة في معرض "هايان" بالصين لمعرفة كيف يعيش الأثرياء يزور بعض أغنياء المغرب معرض "هايان" الصيني المعروف بتقديم نظرة حول كيفية عيش الأغنياء، وذلك لغرض الاطلاع على كافة الأمور المتعلقة بأغنياء العالم وكذا بالمنتوجات العالمية الفاخرة التي تُتداول في ذات المعرض الكبير الذي يقصده الأغنياء من كل حدب وصوب لممارسة طقوسهم الخاصة، حيث أن المعرض ينفتح على مدى 4 أيام لعرض تسوق ضخم يضم الطائرات الخاصة واليخوت والسيارات والمجوهرات الغالية. المغاربة انخرطوا هم الآخرون في معمعة هذا المعرض الكبير لشراء ما يحتاجونه لإضفاء مظاهر البذخ والغنى عليهم وللتواصل مع الأغنياء المتواجدين في ذات المعرب كذلك، حيث يقدم العرض خدمات متعددة منها إجابته على أسئلة كيف يعيش الأثرياء؟ وأين يتسوقون؟ وفيم يقضون أوقاتهم وغيرها من الخدمات الأخرى. اقتناء "لامبورغيني" و"بنتلي" و"فيراري" تحت الطلب بالبيضاء ولى الزمن الذي كان أقصى ما يمكن أن يشتريه المغربي هو سيارة من نوع ميرسيديس كلاص، حيث كانت هذه السيارة تشكل علامة الغنى عند سائقها، واليوم أصبح الجميع يصادفون في تنقلاتهم اليومية سيارات من نوع لامبورغيني وبنتلي وفيراري تتجول بشكل عادي في أحياء المدن الكبرى. وإذا كانت أنواع بيام الحديثة والجاكوار ورونج روفر تستهوي أذواق المغاربة قبل سنوات، فاليوم صار الحديث عن هذه الماركات العالمية التي يقبل عليها مشاهير العالم وأغنياؤه بنهم شديد. ويقتني المغاربة في أغلب الأحيان هذه السيارات بطلب موجه إلى شركاتها التي تصدرها، حيث تجري الاتصالات بهذا الشأن فتُرسل السيارة كاملة إلى صاحبها الجديد بثمن خيالي، وأيضا في حالة ندرتها من السوق أو انقضائها فإن الطلب يكون وسيلة الشراء التي لا بد منها في عرف هؤلاء المترفين.