على هامش هذا النقاش المحموم حول الملعب البلدي... يوم كانت الناظور مدينة بمعنى الكلمة... كانت لها ملعب كبير... كانت لها قاعات سينما في المستوى... كانت لها جمعيات تشتغل بجوارحها... وكانت لها مواعد ثقافية وفنية في الشارع العام... وكان مستوى الكرة في تألق... كانت لها مقهى النادي... كلوب... الذي لولا يقضة بعض الغيورين لذهب ضحية عقلية للجرافات... الآن ماذا تبقى من كل هذا؟! لا شيء تقريبا... الملعب الأصلي للمدينة تم قضم أجزاء مهمة منه من أجل بناء فندق... دون سبب قانوني... دور السينما انهالت عليها معاول الهدم... الهدم بالمفهوم الواسع... اغلب الجمعيات لا تتحرك الا في الخفاء... ولا تظهر الا جَنب الأرقام في لوائح مِنح الدعم... الثقافة تحتضر... الفن يلفظ انفاسه الأخيرة... المسرح على حافة الفناء، يتمايل كديك غدرت به سكينة... الكرة تتدحرج نحو الأسفل... ماذا تبقى!؟... تقريبا لا شيء... لماذا كان مصير المدينة مأساويا هكذا؟!... لا تبحثوا بعيدا... المشكل ببساطة هو الانسان... هو الإنسان المسير للشأن الجماعي... هم أولئك الأشخاص المسؤولين الذين تناوبوا لسنوات على هذه المدينة... تناوبوا عليها... وتسابقوا... من أجل نتف هذه البنيات التحتية لمدينتهم... ومن أجل تكديس الأموال والسطو على الأراضي... نعم... كل المجالس المتعاقبة على الكرسي البلدي تتحمل مسؤولية هذا المصير البئيس... كل الأشخاص الذين شاركوا في تدبير الشأن العام... أغلبية ومعارضة... يحملون على عاتقهم وزر هذا الخراب... لذلك، وكما سبق وأن كتبت... استطاعت المجالس المتعاقبة على التسيير الجماعي تأسيس نمط تدبير مبني على التدمير... وعلى التخريب... إنها عقلية... ومنهج... وأسلوب تكون مع مرور السنوات... إنها عقلية العنزي... حين تهجم على شجرة خضراء... من مميزات هذه العقلية... الجهل... الجشع الحاد... غياب الضمير... انعدام روح المواطنة... فراغ هوياتي... والأنانية المفرطة... كل هذا كان تحت تتبع السلطة... وتوجيهها أحيانا... وتواطؤها أحايين أخرى... لكل ما سبق... ليس هناك خيار آخر أمام المجلس الحالي سوى محو تلك السمعة المخيبة والتاريخية التي التصقت برجال السياسة المدبرين للشأن المحلي... وهذا رهان صعب المنال... وليس له طريق آخر غير التسلح... بالعلم والتعلم... بالايثار... ولو بهم خصاصة... بصحوة الضمير... بالمواطنة الحقيقية... بالاعتزاز بالهوية... بالتضحية... بالتواصل مع الناس... هذه مجرد مبادئ... ووسائل بسيطة من أجل الانطلاق... ومنها يبدأ التغيير... لا تتطلب ميزانيات... ولا أموال... والباقي لا أظن بأنه سيكون مستحيلا... مهما كان صعبا...