و م ع (إعداد : نور الدين الزويني) باختيار حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أمس الأحد، التموقع في المعارضة، سقط أحد السيناريوهات التي كانت متوقعة لتشكيل الحكومة، ليجد حزب العدالة والتنمية، الفائز الأكبر في الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر الماضي، نفسه أمام خيارات مفتوحة على كل السيناريوهات. وكان حزب العدالة والتنمية، الذي حقق فوزا كاسحا في الانتخابات التشريعية والذي عين صاحب الجلالة الملك محمد السادس أمينه العام السيد عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة وكلفه بتشكيل الحكومة الجديدة في إطار المنهجية الديمقراطية التي أرساها الدستور الجديد، قد راهن على قبول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية باعتباره أحد أحزاب "الكتلة الديمقراطية" التحالف معه لتشكيل حكومة من أربعة أحزاب تضم كذلك حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية. ويذكر أن السيد عبد الإله بنكيران، الذي استضافته قناة "الأولى" أول أمس السبت، جدد التأكيد على ما سبق أن أعلنه في ندوة صحفية عقدها يوم الأحد 27 نونبر الماضي، عقب الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، من أن حزب العدالة والتنمية يميل، بالدرجة الأولى، إلى التحالف مع أحزاب الكتلة من أجل تشكيل الحكومة المقبلة. وقد خص حزب العدالة والتنمية أحزاب الكتلة الديمقراطية بالأسبقية في المشاورات التي أطلقها مع مختلف التشكيلات السياسية في أفق تشكيل الحكومة. وبلغة الأرقام، فإن الحزب الذي فاز ب`107 مقاعد، أي ما يمثل 27 في المائة من مجموع مقاعد حزب النواب، كان يسعى إلى ضمان أغلبية مريحة بإضافة الأصوات ال`60 التي حصل عليها حزب الاستقلال، وتلك التي حصل عليها كل من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (39 صوتا) وحزب التقدم والاشتراكية (18 صوتا)، الأمر الذي كان سيضمن أغلبية تمثل 57 في المائة من مجموع مقاعد مجلس النواب. غير أنه مع اختيار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية التموقع في المعارضة، وفي انتظار الموقف النهائي لحزب الاستقلال، الذي لا يزال قبوله التحالف مع حزب العدالة والتنمية قبولا مبدئيا في انتظار قرار الهياكل التقريرية للحزب، وموقف حزب التقدم والاشتراكية الذي ربط قبوله الانضمام إلى التحالف الحكومي بشرط القبول الجماعي لكافة أحزاب الكتلة، فإن حزب السيد بنكيران يمكن أن يجد نفسه في وضعية لا يحسد عليها إذا ما استعصت لعبة الأرقام وفشلت الحسابات العددية في ضمان الأغلبية المطلوبة. فحتى الآن يبقى حزب الاستقلال هو الحليف المعلن لحزب العدالة والتنمية، ومجموع المقاعد التي فازا بها معا (167) غير كاف لضمان الأغلبية (197 مقعدا) لتشكيل حكومة. وباختيار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية التموقع في المعارضة، لم يعد بإمكان حزب العدالة والتنمية المراهنة سوى على 78 صوتا لحزبي الاستقلال والتقدم والاشتراكية معا. غير أن العدد الإجمالي للمقاعد التي تتوفر عليها الأحزاب الثلاثة (185 مقعدا)، هو دون الأغلبية المطلوبة. وفي هذه الحالة فإنه سيكون على حزب العدالة والتنمية، الذي ضاقت دائرة تحالفاته، التوجه نحو أحزاب أخرى من خارج "الكتلة الديمقراطية". وبما أن حزب التجمع الوطني للأحرار، أحد الأحزاب الكبرى في "التحالف من أجل الديمقراطية"، أعلن مباشرة، بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات، تموقعه في المعارضة، وبالنظر إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة، الحزب الكبير الآخر في "التحالف من أجل الديمقراطية"، قد استبعد من قبل حزب العدالة والتنمية الذي جعل من الاقتراب منه خطا أحمر، فإنه سيكون على هذا الأخير التوجه نحو حزب الحركة الشعبية ليعوض فقدان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. غير أن الأمر سيكون صعبا كذلك لأن الأحزاب الثلاثة مجتمعة، أي العدالة والتنمية، والاستقلال، والحركة الشعبية، لها 199 مقعدا فقط. وفي هذه الحالة ستكون في حاجة إلى تحالف أكبر كأن ينضم إليها حزب التقدم والاشتراكية ليكون هناك تحالف يتوفر على 217 مقعدا أي ما يمثل 55 في المائة من مجموعة مقاعد مجلس النواب. غير أنه ليس من المؤكد أن حزب التقدم والاشتراكية سيقبل الانضمام إلى التحالف بعد أن رفض الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الدخول إليه. ومع ذلك، وحتى إن رفض حزب التقدم والاشتراكية فإنه بإمكان حزب العدالة والتنمية أن يضمن أغلبية مريحة بالتوجه نحو عضو آخر من "التحالف من أجل الديمقراطية" هو حزب الاتحاد الدستوري، ليكون تحالفا يضم كذلك حزب الاستقلال، وحزب الحركة الشعبية، بما مجموعه 222 مقعدا أي ما يمثل 56 في المائة من مجموع مقاعد مجلس النواب. ومهما يكن السيناريو الذي سيفضي إلى التركيبة الحكومية المقبلة، فإن فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر وتكليفه بتشكيل الحكومة سيؤدي لا محالة، بنظر العديد من المتتبعين، إلى إعادة رسم الخريطة السياسية في المغرب وخاصة إذا ما فجر "التحالف من أجل الديمقراطية" وشق صفوف "الكتلة الديمقراطية".