كشفت نتائج استطلاع للرأي نشره أخيرا معهد "ريال إلكانو"، المختص في الأبحاث والدراسات السياسية والاجتماعية في إسبانيا، عن كون 35% من الإسبان يرون المغرب بلدا "عدوا"، مقابل 30% اعتبروه بلدا صديقا، كما أن 43% من الإسبان وسموا المغرب بالدولة "العنيفة" في علاقاتها، و84% اعتبروا المغرب نظاما "سلطويا وغير ديمقراطي".
وأكد محللون أن النظرة "العدائية" لمواطني إسبانيا إزاء المغرب، التي أبرزتها نتائج استطلاع الرأي المذكور، ترجع إلى تصورات ذهنية نمطية غير صحيحة لدى الشعب الإسباني، فضلا عن ضعف الدبلوماسية الوطنية في استثمار حجم الجالية في إسبانيا لتصحيح الصورة السلبية التي ترسخت في أذهان بعض الشعوب الأوروبية.
عوامل تاريخية وتصورات ذهنية سلبية
وقال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة فاس الدكتور سعيد الصديقي ل "العربية.نت" إن هذه النظرة السلبية تتحكم فيها بالدرجة الأولى عوامل تاريخية، فرغم تقاسم المغاربة والاسبان لتاريخ مشترك من السلم والتعايش، تميز جانب آخر بالصراع والتدافع.
وشرح بأن هزيمة الاسبان في حروبهم مع الأمير عبد الكريم الخطابي في شمال المغرب، إضافة إلى إشراك الجنرال فرانكو لجنود مغاربة خلال الحرب الأهلية الإسبانية، عاملان أساسيان في تشكل هذه النظرة السلبية والمتشائمة، زيادة على أن استمرار احتلال إسبانيا لكل من سبتة ومليلية وباقي الجزر المغربية في الشمال، يزكي أيضا الجوانب السلبية في نظرة الشعبين إلى بعضهما البعض.
وأضاف بأن هذا لا يدعو إلى التشاؤم إزاء هذه النتائج التي ربما قد تكون موجهة لأغراض سياسية معينة، موضحا أنه لا بد من تفحص نوعية الأسئلة المطروحة على المستجوبين وكيفية صياغتها، حيث إنه لو عكسنا الوضع وقمنا باستجواب عينة من الإسبان عن الشعوب الأكثر صداقة لهم، ربما يكون المغرب ضمن الدول التي ستحظى بالتصويت الإيجابي.
تصاعد المد اليميني ودور الدبلوماسية
من جهته، وضع الدكتور إدريس لكريني، أستاذ الحياة السياسية بجامعة مراكش، نتائج الاستطلاع ضمن سياق رئيسي يتمثل في تصاعد المد اليميني في أوروبا وفي اسبانيا على وجه الخصوص، حيث إن الأحزاب اليمينية تحاول أن تسحب المشاكل السياسية والاجتماعية؛ من قبيل مشاكل الإرهاب والعنف واستفحال البطالة؛ على فئة المهاجرين.
وأوضح لكريني، في تصريحات "للعربية نت" أن إلصاق كل ما هو سلبي بالمهاجرين يتضمن نوعا من تحريف النقاش باعتبار أن هؤلاء المهاجرين ساهموا بشكل كبير في بناء البلدان الأوروبية وتقوية اقتصادها، مردفاً أن ربط هذه المعضلات التي تعيشها أوروبا بالمهاجرين يتناقض مع المواثيق الدولية التي تؤكد على حرية التنقل وحماية الأشخاص وتجريم التحريض والميز العنصري.
وأفاد لكريني بأن الصورة العدوانية النمطية التي رسختها بعض وسائل الإعلام الاسبانية تنجم أساسا عن الفراغ الذي يخلفه ضعف استثمار إمكانات الجالية المغربية في اسبانيا، مشيرا إلى أن الدبلوماسية المغربية ظلت إلى سنوات قليلة مركزية لا تُشرك المجتمع المدني ولا الأحزاب السياسية بشكل فعال.
وأكد المتحدث بأن الأرقام التي وردت في استطلاع الرأي الإسباني تُسائل الدبلوماسية المغربية من حيث الحضور والمواكبة والانفتاح على الجاليات المغربية في اسبانيا، حتى تكون في مستوى دعم قضايا المغرب وتحسين صورته لدى الأوروبيين، مردفا أن هذه الدبلوماسية لا يجب أن ترتبط بقضية الصحراء فقط بل ينبغي أيضا أن تعمل على تصحيح الصورة النمطية التي ترسخت في أذهان بعض الشعوب الأوربية إزاء المغاربة.