الرباط "مغارب كم": محمد بوخزار كشف آخر استطلاع للرأي بخصوص موقف الرأي العام الإسباني من المغاربة سواء الموجودين في بلادهم أو المقيمين في إسبانيا، عن منحى سلبي خطير في نظرة الأسبان إلى جيرانهم في الجنوب. وأعلنت أمس في مدريد نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد "إلكانو" المعروف بجدية أبحاثه، بينت أن أغلبية أفراد الجالية المغربية في إسبانيا غير مندمجين في المجتمع الإسباني وبالتالي يمكن الاستغناء عن وجودهم ولا يمثلون أية أهمية "54 في المائة" بالنسبة للاقتصاد الوطني. وعبر أكثر من ثلث المستوجبين عن رأي غير متسامح حيال المغاربة، من خلال اعتقادهم أن أكثرية المغاربة الذين يعيشون بينهم يعتنقون أفكارا إسلامية متشددة بل إن أعلى من 90 في المائة منهم متزمتون وشوفينيون. وينتج عن هذا المحنى الخطير المتعلق بنظر الجار الإسباني إلى المغرب، أن أكثر من 80 في المائة من الأسبان يؤمنون أن المغرب لا ينبغي أن يصبح بأي حال من الأحوال، جزءا من الاتحاد الأوروبي. وأمعن المستجوبون في موقفهم المعادي حين حكموا على المغرب بكون نظامه مستبدا ولا يحترم حقوق الإنسان. وبينما اعتبرت نسبة من المستجوبين أن الجار المغربي مهم بالنسبة لإسبانيا، ترى نسبة 43 في المائة منهم أنه في مرتبة الأعداء وأنه مجتمع عنيف تحكمه الإيديولوجية الإسلامية. ولم يتخل المستجوبون عن موقفهم السلبي جدا من المغرب حتى عند طلب رأيهم في القضايا الاقتصادية، إذ يعتبرون أن اتفاق الصيد البحري الذي هو مصدر عيش عائلات كثيرة في الأندلس، مضر أي الاتفاق بالنسبة لمصالح الصيادين الإسبان . وعلى نفس النهج، يعتقد حوالي 77 في المائة من المستطلعين أن الاتفاق الزراعي المبرم بين المغرب والاتحاد الأوروبي، يلحق الضرر كذلك بمصالح المزارعين الإسبان. إلى ذلك لم تشر وكالة "أوروبا بريس" الإسبانية المستقلة، إلى الفترة الزمنية التي أجري فيها الاستطلاع ولا العينة التي تم استجوابها، ولكن جرت العادة أن ينشر معهد "إلكانو" نتائج استطلاعات حديثة لا يتعدى زمنها أكثر من شهرين، ما يحمل على الاعتقاد أن الاستطلاع أجري بعد تشكيل الحكومة المغربية الجديدة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، بل ربما بعد حادث الطفلة أمينة الفيلالي التي انتحرت، بعد تزويجها عنوة. ولا تشكل نتائج الاستطلاع الأخير مفاجأة مقارنة مع ما أفرزته استطلاعات مماثلة سابقة أجراها معهد "إلكانو" نفسه،إذ مهما اختلفت العينات والأدوات المنهجية المتحكمة في صناعة الاستبيان والسياقات التي حكمت الاستطلاعات في الماضي والحاضر، فإن المؤشر لا يختلف إلا في حدود جد ضيقة حيث تظل نظرة الإسبان إلى المغاربة مغرقة في السلبية إن لم نقل العدوانية، رغم الجوار الجغرافي وتشابك المصالح والخدمات التي يقدمها المغرب في مجال محاربة الهجرة السرية والإرهاب والجريمة المنظمة. ويجهل المستجوبون أن المغرب يمثل وجهة أساسية للمستثمرين الإسبان، الذين يعودون بالأرباح إلى بلدهم، إذ تعتبر إسبانيا الشريك الاقتصادي الثاني للمغرب بعد فرنسا. وتبين نتائج الاستطلاع، رغم التحفظات التي يمكن أن تقال بشأنها، بعض الخلفيات والأسباب التي تكمن وراء تفجر مفاجئ لمشاعر عداء الإسبانيين حيال المغرب إذ ما يزال الرأي العام في الضفة الأخرى للمتوسط أسير قوالب جاهزة وأحكام نمطية تستمد سلبيتها من الماضي البعيد تعمل وسائل الإعلام على ترويجها وترسيخها في أذهان ووجدان الإسبان. تجدر الإشارة إلى أن الجهات المناوئة للمغرب في إطار صراع المصالح، وضمنها جبهة البوليساريو، الداعية لانفصال الصحراء عن المغرب تقوم جميعها بدور خبيث في تأليب شرائح واسعة من الرأي العام الإسباني، ضد المغرب، مستعملة مظلة اليسار واليمين المتطرف على السواء وغالبا ما يتوحد الطرفان في موقف هستيري لا إنساني ولا أخلاقي في كثير من الأحيان. لكن هذا الوضع لا يعفي المغاربة من مسؤولية التقصير الكبير في توعية الجالية المقيمة بالخارج وحماية صورة بلدهم وصيانة كرامة مواطنيهم.