أفادت الكاتبة العامة الإسبانية المكلفة بسياسات المساواة، إيثابيل مارتينيث، أن ثلثي التلاميذ الإسبان يرفضون المغاربة، والغجر، والشواذ. وأوضحت المسؤولة الإسبانية، خلال افتتاح الدورة الثانية لمسابقة "اخرج للساحة ضد العنصرية"، في العاصمة مدريد، أن 41 في المائة من التلاميذ الإسبان قالوا، في استطلاع للرأي أجري، أخيرا، إنهم سيشعرون بضيق، وقد يغيرون أماكنهم في الفصل، إذا "جلس بجانبهم شاذ جنسي"، وأن ثلثي التلاميذ يرفضون العمل مع المغاربة، والغجر. وصرحت الكاتبة العامة الإسبانية المكلفة بسياسات المساواة، بالمناسبة، أن حق الاختلاف وروح المساواة ما زالا لا يحترمان في إسبانيا، مضيفة أن وزارة المساواة الإسبانية أطلقت هذه المسابقة لمكافحة الميز، وأن المواطنين يشاركون فيها بعروض فردية (مونولوغ)، ومسرحيات، وأغان، تحمل كلها خطابا يدعو لاحترام حق الاختلاف. وكان تقرير أنجزته، أخيرا، وكالة الحقوق الأساسية، التابعة للاتحاد الأوروبي، أفاد أن 54 من المهاجرين المغاربة المقيمين في إسبانيا يتعرضون للميز، موضحا أن 10 في المائة منهم يعتقدون أن "السبب الوحيد هو معتقداتهم الدينية، في حين، يشعر أكثر من النصف بأن أصولهم العرقية هي السبب في التمييز". وكانت قد كشفت دراسة استقصائية مدرسية إسبانية حول «الهجرة وقيمها» عن مواقف سلبية تجاه المهاجرين المغاربة عن كونهم مرفوضين من طرف المواطنين الإسبان. فلأول مرة يتصدر المهاجرون المغاربة قائمة المتضررين من النظرة العنصرية الإسبانية وكرهها لهم داخل التراب الإسباني، حيث احتلوا مكانة الغجر الذين كانوا يتصدرون دائما قائمة الجالية الأكثر استهدافا بالكره والتي كانت تلقى أكبر رفض جماعي إسباني لها. وحسب نتائج الدراسة فإن بوادر الرفض الإسباني للمهاجرين المغاربة تزداد بين فئات الشبان المراهقين. كما تشير هذه النتائج إلى أن الرفض الإسباني بدأ يلحق حتى مهاجري دول أمريكا اللاتينية الذين يشكلون أكبر كتلة مهاجرة داخل الجارة الإسبانية، إذ عبر أكثر من نصف المستجوبين الإسبان من الذين شملهم الاستطلاع عن رغبتهم في أن يتم طردهم من التراب الإسباني بنسبة 24.7 في المائة، بعدما كانت هذه النسبة لا تتعدى 12.6 في المائة سنة 2004. وأعرب 11.6 في المائة من الطلبة والتلاميذ المستجوبين في الدراسة ، عن قلقهم من مشاركتهم فصول الدراسة من طرف المهاجرين المغاربة، فيما لم تكن هذه الرغبة تفوق نسبة 3.7 في المائة سنة 2002. وتضيف نتائج الدراسة ذاتها أن 16 في المائة من المستجوبين أكدوا رغبتهم في عدم السماح للمهاجرين بدخول التراب الإسباني من أجل العمل. ويعتبر المهاجرون الآسيويون والأفارقة التجمع الأكثر استهدافا بسهم الكراهية والعنصرية الإسبانية، يقول التقرير، مضيفا أن الكراهية بدأت تمس نوعا ما المهاجرين الشرقيين، وخصوصا الرومانيين منهم، حيث أصبحت صورتهم لدى الرأي العام الإسباني سيئة نوعا ما مقارنة بها قبل سنتين خلتا. من جهتها، تقول الدراسة إن المشاعر التي أعرب عنها الشبان المراهقون الإسبان أفرزت بصفة عامة رأي المجتمع، فالشباب «هو الإسفنج الذي يمتص ما يراه حوله»، يقول طوماس كالفو بويزاس صاحب الدراسة، وهو الأنثروبولوجي الذي يدير مركز الدراسات حول الهجرة والعنصرية التابع لجامعة كوبلوتينسي بمدريد، والذي ينجز تقارير مشابهة منذ سنة 1986. وبالنسبة إلى استطلاع الرأي لسنة 2008، فقد استجوب طوماس كالفو 10.507 طلبة وتلاميذ من الذين تتراوح أعمارهم ما بين 14 و16 سنة، يتفرقون داخل 11 إقليما جهويا إسبانيا. وذكر منجز الدراسة حول العنصرية الإسبانية تجاه المهاجرين المغاربة والأفارقة واللاتينيين عن «نتائج مقلقة»، على حد قول الأنثروبولوجي طوماس كالفو، إذ عبر 52.8 في المائة من المستجوبين عن رغبتهم في طرد المهاجرين غير الشرعيين من الذين لا يتوفرون على تصاريح الإقامة القانونية داخل إسبانيا، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن مشاعر الكراهية ضمن الشبان الإسبان تتغذى من الخطابات العامة التي تزكي تلك النظرة العنصرية التي ترتكز على تجريم وتشويه صورة المهاجرين غير الشرعيين. وتكشف الدراسة أيضا أن 37 في المائة من الإسبان يفضلون «الثقافة الغربية» في حين يرى 50.8 في المائة من الشبان أن المهاجرين يسلبون منهم وظائفهم وفرص عملهم خصوصا في ظل هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها حكومة خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو. ووفق نتائج نفس الاستطلاع الذي فاجأ المسؤولين الإسبان، فإن 61 في المائة ترى أن مشاكل المخدرات والجريمة ارتفعت بسبب المهاجرين، في حين ذكر 40.7 في المائة أن «بالهجرة سيزداد خطر الإرهاب داخل إسبانيا»، مثلما عبرت 20 في المائة عن رغبتها في طرد المهاجرين المغاربة من التراب الإسباني، وهي النسبة التي لم تكن تمثل سوى 10.7 في المائة سنة 1997. ورغم هذه النتائج المفاجئة للدراسة حول العنصرية والكراهية تجاه المهاجرين، فإن الأنثروبولوجي كالفو بويزاس يقول إن «إسبانيا مازالت تعتبر واحدة من بلدان أوربا التي لديها مستوى أدنى من كره الأجانب»، محذرا في الوقت نفسه من أن الأزمة الاقتصادية الحالية يمكن أن تؤدي إلى حدوث عدة صراعات. «الأكثر فقرا هم الذين سيعانون أكثر. وعدم وجود فرص عمل قد يؤدي إلى وضع يائس وقد تنشأ منازعات وبين الإثنيات وبين الفئات الأكثر حرمانا اجتماعيا»، يقول الباحث الإسباني. كما «شهدت إسبانيا خلال العام الماضي 350 جريمة مرتبكة بدافع كراهية الأجانب وكذا العنصرية. فيما وقع أكثر من 4000 حادث اعتداء عنصري لم يتم الإبلاغ عنه خوفا من الانتقام أو التهميش الاجتماعي». هذا ما كشفه آخر تقرير لهذه السنة لحركة مناهضة التعصب واللا تسامح (RAXEN)،والذي نبه إلى ارتفاع حوادث العنصرية بإسبانيا خلال السنوات الأخيرة، وخاصة في منطقة فلسنية، وكاتالونيا، والعاصمة مدريد، وهي «المناطق التي تمثل بؤر العنصرية وكراهية المهاجرين الأجانب داخل التراب الإسباني». وأدان التقرير هذه الظواهر الاجتماعية العنصرية السلبية، كما لم يخف تخوفه من تحول جزر البليار بدورها إلى منطقة عنصرية تجاه الأجانب، إذ أصبحت تشكل إحدى المناطق الثماني التي تركزت هجماتها العنصرية في العام الماضي على المهاجرين الأجانب، وهي المرة الأولى، يقول التقرير، التي وقف فيها على ارتفاع نسبة العنصرية وتفشي ظاهرة كراهية الأجانب في أرخبيل جزر البليار، حيث بدأ يتم نصب لافتات في مداخل المطاعم والمقاهي تحمل عبارة «ممنوع دخول الكلاب والمهاجرين»، ما يعتبر سابقة في تاريخ إسبانيا. كما انخفضت إلى حد كبير نسبة الإسبان الذين يعتقدون بحق المهاجرين في التعليم أو الصحة على قدم المساواة مع بقية السكان الإسبان. وفي مجال الصحة، ارتفعت هذه النسبة إلى 73.1 في المائة وإلى 82.6 في المائة في مجال التعليم، أما بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين فإن 69 في المائة من سكان الجزيرة يودون طردهم من تراب الأرخبيل. وأضاف تقرير «حركة مناهضة الكراهية والتعصب» الذي تم تقديمه في مدينة فلنسية أن «14 في المائة من الشبان الإسبان مستعدون للتصويت لصالح حزب سياسي عنصري»، ما يكشف ارتفاع نسبة كراهية المهاجرين المغاربة منهم والأجانب من طرف فئة الشبان كذلك. ووفق التقرير ذاته فإن «الأزمة الاقتصادية الإسبانية التي أسفرت عن ارتفاع معدلات البطالة وإفلاس الشركات الإسبانية منها امتدت إلى كره المهاجرين الأجانب، وإلى خوف الإسبان من فقدان هويتهم الثقافية التي يرفضون تنوعها لتعزيز التنمية الاجتماعية». وقال إستيبان إيبارا، رئيس حركة مناهضة التعصب، إنه قد تم الكشف عن ارتفاع نشاط عدد من جماعات النازيين الجدد، مما أدى إلى ازدياد العنف والاعتداءات ضد جماعات المهاجرين، موضحا أن «هذه المجموعات تسعى إلى تدمير الديمقراطية في دولة يحكمها القانون»، مثلما أشار إستيبان إلى أن التقرير أثبت تفشي العنصرية وكره الأجانب في الفصول الدراسية، حيث المغاربة والغجر هم الفئات الأكثر تضررا من ذلك. وندد التقرير بالممارسات الصادرة عن مواطنين إسبان مثل منع دخول المهاجرين إلى بعض المقاهي ورفض خدمتهم وكذا الممارسات الصادرة عن بعض موظفي الإدارات الإسبانية تجاه الأجانب، وهي ممارسات لا يتم التبليغ عنها لكون المهاجرين لا يتحدثون الإسبانية ولا يعرفون الجهة التي يشتكون لها في حالة تعرضهم لاعتداءات عنصرية. ويتصدر المغاربة لائحة ضحايا الاعتداءات في أغلب أقاليم إسبانيا بسبب ارتفاع عدد أفراد هذه الجالية وبسبب الأحكام المسبقة والتاريخية التي يصدرها المواطن الإسباني في حق جاره الجنوبي المغربي والتي تستفحل أكثر بسبب الأزمات التي تمس العلاقات الثنائية بين الحين والآخر. ويرى التقرير أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها إسبانيا ساهمت في ارتفاع مشاعر الكراهية ضد الأجانب بسبب انتشار فكرة أن المهاجرين يستولون على مناصب الشغل رغم أن معدل البطالة في صفوف المهاجرين يقارب %40 عوض 15 في المائة في صفوف الإسبان. والمقلق أن شعور اللاتسامح قد انتقل إلى المدارس، فقد كشف استطلاع أنجزته هذه الجمعية أن 39 في المائة من الطلبة يؤكدون على ضرورة طرد المغاربة من التراب الإسباني، و23 منهم يفضلون طرد الأسيويين من إسبانيا، وحوالي 25 في المائة ينادون بطرد مهاجري أمريكا اللاتينية من البلاد. كما تفوق المغاربة على الغجر من ناحية كره الإسبان لهم، حيث كان الإسباني من أصل غجري دائما يتعرض للرفض التام، لكن هذه المرة تقدم المغربي على الغجري في الاستطلاع، إذ أصبح الإسبان يرفضون المغاربة أكثر بكثير من رفضهم للغجر. وأعربت الطبقة السياسية والنقابات والجمعيات غير الحكومية عن قلقها الشديد من ارتفاع معدل العنصرية، ونادت نقابة اللجان العمالية،بضرورة التحرك الفوري لمواجهة هذه الظاهرة. ودعت الحركة إلى إقامة مكتب للمدعي الخاص، وإنشاء وحدة مركزية للشرطة، وإصلاح قانون العقوبات، حتى تشمل إقامة تشريع لمناهضة التمييز والعنصرية من أجل ضمان سلامة الضحايا من المهاجرين.