وزارة التعليم تكشف تقدم حوارها مع النقابات في القطاع    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    وضعية السوق العشوائي لبيع السمك بالجملة بالجديدة: تحديات صحية وبيئية تهدد المستهلك    منتدى الصحافيين والإعلاميين الشباب يجتمع بمندوب الصحة بإقليم الجديدة    تلميذ يرسل مدير مؤسسة تعليمية إلى المستشفى بأولاد افرج    معرض القاهرة الدولي للكتاب .. حضور وازن للشاعر والإعلامي المغربي سعيد كوبريت في أمسية شعرية دولية    لقاء ينبش في ذاكرة ابن الموقت    الولايات المتحدة.. طائرات عسكرية لنقل المهاجرين المرحلين    الخارجية الأمريكية تقرر حظر رفع علم المثليين في السفارات والمباني الحكومية    طنجة.. حفل توزيع الشواهد التقديرية بثانوية طارق بن زياد    إسرائيل تفرج عن محمد الطوس أقدم معتقل فلسطيني في سجونها ضمن صفقة التبادل مع حماس    بطولة إيطاليا لكرة القدم .. نابولي يفوز على ضيفه يوفنتوس (2-1)    تدشين وإطلاق عدة مشاريع للتنمية الفلاحية والقروية بإقليمي تطوان وشفشاون    الكشف عن شعار "كان المغرب 2025"    تفكيك شبكة تزوير.. توقيف شخصين وحجز أختام ووثائق مزورة بطنجة    الدفاع الحسني الجديدي يتعاقد مع المدرب البرتغالي روي ألميدا    ملفات التعليم العالقة.. لقاءات مكثفة بين النقابات ووزارة التربية الوطنية    أغنية "Mani Ngwa" للرابور الناظوري A-JEY تسلط الضوء على معاناة الشباب في ظل الأزمات المعاصرة    "الحُلم صار حقيقة".. هتافات وزغاريد وألعاب نارية تستقبل أسرى فلسطينيين    أوروبا تأمل اتفاقا جديدا مع المغرب    استمرار الأجواء الباردة واحتمال عودة الأمطار للمملكة الأسبوع المقبل    القنصلية العامة للمملكة بمدريد تحتفل برأس السنة الامازيغية    هوية بصرية جديدة و برنامج ثقافي و فني لشهر فبراير 2025    حصار بوحمرون: هذه حصيلة حملة مواجهة تفشي الوباء بإقليم الناظور    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء المغربية    هذه خلاصات لقاء النقابات مع وزارة التربية الوطنية    ملتقى الدراسة في إسبانيا 2025: وجهة تعليمية جديدة للطلبة المغاربة    الجمعية المغربية للإغاثة المدنية تزور قنصليتي السنغال وغينيا بيساو في الداخلة لتعزيز التعاون    إفران: استفادة أزيد من 4000 أسرة من عملية واسعة النطاق لمواجهة آثار موجة البرد    جبهة "لاسامير" تنتقد فشل مجلس المنافسة في ضبط سوق المحروقات وتجدد المطالبة بإلغاء التحرير    أداء الأسبوع سلبي ببورصة البيضاء    فريدجي: الجهود الملكية تخدم إفريقيا    وزارة الصحة تعلن عن الإجراءات الصحية الجديدة لأداء مناسك العمرة    كيف كان ملك المغرب الوحيد من بين القادة العالميين الذي قرر تكريم ترامب بأرفع وسام قبل مغادرته البيت الأبيض بيوم واحد    من العروي إلى مصر :كتاب "العناد" في معرض القاهرة الدولي    "مرض غامض" يثير القلق في الهند    الأميرة للا حسناء تترأس حفل عشاء خيري لدعم العمل الإنساني والتعاون الدبلوماسي    فعاليات فنية وثقافية في بني عمارت تحتفل بمناسبة السنة الأمازيغية 2975    وزارة الصحة تعلن أمرا هاما للراغبين في أداء مناسك العمرة    إطلاق أول مدرسة لكرة السلة (إن بي أي) في المغرب    السياحة الصينية المغربية على موعد مع دينامية غير مسبوقة    إس.رائ..يل تطلق سراح أقدم أسير فل.سط..يني    حماس تسلم الصليب الأحمر 4 محتجزات إسرائيليات    المغرب يفرض تلقيحاً إلزاميًا للمسافرين إلى السعودية لأداء العمرة    مونديال 2026: ملاعب المملكة تفتح أبوابها أمام منتخبات إفريقيا لإجراء لقاءات التصفيات    لقجع.. استيراد اللحوم غير كافي ولولا هذا الأمر لكانت الأسعار أغلى بكثير    تيرغالين: الوداد وبركان لم يفاوضاني    الربط المائي بين "وادي المخازن ودار خروفة" يصل إلى مرحلة التجريب    "حادث خلال تدريب" يسلب حياة رياضية شابة في إيطاليا    ريال مدريد أكثر فريق تم إلغاء أهدافه في الليغا بتقنية "الفار"    اثنان بجهة طنجة.. وزارة السياحة تُخصص 188 مليون درهم لتثمين قرى سياحية    أرقام فظيعة .. لا تخيف أحدا!    بالصدى .. بايتاس .. وزارة الصحة .. والحصبة    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحب الممنوع بأمر ...الحاكم ! "ديموقراطية" هولندا تخرق حقوق الانسان !
نشر في ناظور24 يوم 05 - 03 - 2011


[email protected]
للموضوع علاقة بسياسة التشدد التي تتهجها السلطات الهولندية في ما يتعلق بتقديم الطلب لغرض الزواج من البلد الأصلي من شريك لا يحمل الجنسية الهولندية، ولا يقيم في هولندا والشروط التي يتضمنها القانون الجديد سواء منها المطلوبة في الشخص المقيم في هولندا أو في الشخص الآخر، المقيم خارجها.خاصة منها المتعلقة باجتياز الشخص لاختبار اللغة الهولندية الشيء الذي أدى إلى انخفاض عدد الزيجات التي تُطبق عليها هذه الشروط
جلس قبالة صورة حبيبته في يوم ممطرلا يشبه كل الايام متربعا على كرسي مكتبه الصغير، وهو يلحس ما تبقى في كأس لا يعرف احد ما بداخله إلا هو, وينصف مكتبه بعضا من البسكويت المملح ورقائق البطاطا/الشيبس.
يرتدي قميصا رياضيا برسومات غير واضحة وألوان غير متناسقة , بدا لي كمغنيي الراب يعشق التميز حتى لو كان الأمر جنونا, يبدو مهموما , مطأطأ الرأس يلعب في خصلات شعر رأسه الذي يبدوانه لم يمسه مشط منذ زمن بعيد... يبدو أشعثاً متسخاً، نظرت اليه , بدا لي حزينا. وكأني رأفت لحاله قائلاً له :
ما لك وهذا الحال يا صديقي ؟
وبصوت متقطع متهدج ٍأجابني ...لاشئ ...
رفعت صوتي قائلاً:
لم أراك يوما في مثل هذا الحال,صدقني إنّ قلبي ينفطرعليك وعلى منظرك ...
أجابني...بسخرية وهو ينظرإلي نظرة ًحزينة.
أتعتقد أنك أفضل مني..وأنت تبدو لي أكثر مني حماقة وظلما..
نحن الاثنين ومعنا الاجانب كلهم مجرد ضحايا لخيالات أوهام بعيدة إسمها حقوق الانسان وحرية الاختيار والمواطنة والاندماج وحتى لو جاز لي لقلت عنا نحن كلنا القمامة نحن الغباء بعينه..
إنصدمت أمام كلام صديقي الذي بدا لي وقحا انتفضت قائلا له:
أنا بالرغم من أن حياتي هنا ليست كلها جميلة وليس كل فصولها ربيعاً إلا أنني لم أكن يوما في مثل حالك...كم تبدوا لي وحشا كاسرا.
أجابني قائلاً:
إنتظر..وانظر الي جيدا واسمع لي, أريد أن أُريك شيئا ,لأن قلبي يشفق عليك ولا اريدك ان تحتار اكثر في حالي ..
مد يده الى دولاب فتح الدرج وأخرج رسالة وناولني اياها ..
وبصوت مرتجف قال لي :إقرأ.
قلت :ما بها ,وماذا ستريني أكثر مما أرى في حالك ؟
خطف الرسالة من يدي وصرخ:
رفضو منح التأشيرة لهجر..
سألته بسرعة غير إرادية ;
ألم تفلح في اجتيازامتحان اللغة؟
لم يُعر سؤالي أي اهتمام وكأنه لم يسمعه .. استمر يصرخ .. بدا من نبرة صوته بأنه مهتم بها جداً ..
لاتهمني فقط هجر ففي آخر المطاف لن تنال الا ما كُتب لها ان تناله .. أريد أن أريك من خلالها أصوات صراخات أخرى لأولائك البريئات اللواتي ذبحتهن أيادي هذا الزمن البليد ..
فتيات بريئات,هناك في الطرف الاخر من هذا العالم قضين عمراً طويلا بانتظار فرصة يقعن بها في الحب وحين يجدنه يُغتصب ويُقتل بأمرالقانون ,أريد أن تتخيل معي تلك المناظرالرهيبة, صوراً لفتيات تُغتصب احلامهن وتُذبح أمانيهن بسكاكين قوانين فُصلت على مقاسات صانعوها .. ويُرمى بهن من على أسطح أحلامهن ..
واستمر يصرخ..
نعم يا صديقي , ليس فقط حبي لهجر ... هو ما اغتالوه !!
بل أرى فتيات أخريات كثيرات بعمرالورود وهنَّ من تحت وحشية المتشدقين هنا بحقوق الانسان وحرية الفرد في الحب والحياة والعيش الكريم ...لم يفلتن،
وكم من عجوز متقاعد صرخ بهم ولم يسمعوه....وكم من شاب ذبحت أياديهم ...وقالو عنه أنه ليس إلا لاجئ !!
وحتى اللاجئين يا صديقي العزيز ,لم يسلموا من قوانين فيلدرز وآخرون من أمثاله وهم كثيرون ..
هل سمعتَ ما قالوه عن الفارين من جهنم القدافي و أمثاله ...هل سمعت .."علينا أن نفعل كل ما في وسعنا ... كل شيء لوقف زحف اللاجئين" ..وهذا كلام وزير يا صديقي وليس كلام انسان عادي ..
إن هذا وغيره يمثل بحق دليلا واضحا على عقلية هؤلاء العنصرية وكراهيتهم للأجانب، وهو الشئ نفسه الذي يتنافى مع كل المعايير والقيم المقبولة في المجتمعات المتمدنة....
هي "ديموقراطية" أوروبا يا صديقي تخرق حقوق الانسان !
كنت واقفا متسمرا في مكاني أسمع كلّ ما يقوله صديقي الحزين المجروح..بدا لي متعصبا حاولت تهدئة الموقف بحديث علني استطيع به ان أمتص بعض غضب صديقي وهو يتحدث بعصبية :
قائلا له :
أعلم.. أعلم كلّ هذا...هو محفوظ في ذاكرة التاريخ وليس هناك من شيء جديد أو شئ يُخفى ، لكن أريد أن أسألك ..
هل فعلاً أنت أفضل منهم ؟
نظر الي في تعجب وكأنه يحاول قراءة السؤال من جديد..
وقال ماذا تقصد ؟
قلت :ما أعرفه أنك والكثير من أمثالك كنتَ رغم ما تقوله الان وتصرخ به .. تخافُ من المواجهة ... وكنت تعترفُ بأنك تعيش على أرض ٍهي ليست أرضكَ بل جئت إليها طالبا للعيش والاسترزاق وكنت تقول دائما ان هؤلاء يحبون الغرباء ويخشون الله أكثر منا ....
ألم تكن تقول هذا.ألم تكن تُسبِّح باسمهم ؟
هز رأسه يمينا ويسارا وهو ينظر في الارض... ورأسه ملتصق بصدره ,وكأنه يتحاشى بذلك مواجهة عيوني...مستدركا :
نعم كنت أقول ذلك..بل اكثر من ذلك أحيانا . اتذكر يوما قال لي جاري الهولندي :
أنتم مجرد لصوص محترفين...أنتم مجرد طفيليين...لا ضمير لكم ...أنتم غزاة ...
ولم أقل حينذاك شيئا لأرد عليه اوأدافع به عن نفسي مستحضرا وقتذاك قول من سبقونا من الجيل الاول:
" ما دير خير ما يطرا باس " !!
نظرت إليه وهو لا زال مطأطأ الرأس ..و لم أقل له انا أيضا اي شئ ...
كنت سأقول له أن الجيل الذي مر من هنا قبلنا كان شيئا والحاضر الان شئا آخر..
في الماضي لم تكن ذئاب الحاضر قد ظهرت بعد...ولم تكن قد كشرت عن أنيابها كما تفعل اليوم...تبتسم في وجوهنا وهي تكيل لنا جمراً وترميها على أجسادنا...
وهؤلاء الذين يتبججون اليوم بأنهم أفضل منا . الكثير منهم صنعتهم أجيالنا التي مرت في يوم ما من هنا... حررت لهم أراضيهم.. وأرست الاستقلال وقواعد الحرية فيها ورحلت في صمت رهيب.. والباقي منها لم تعد تخشى الان أحدا...منهم من لا زال ينتظرساعته هناك في بلد الميلاد ومنهم من لا زالت تتقاذفه عتبات دورالرعاية هنا وكراسي منتزهات هولندا ..
لم يعد صديقي يطيق الصمت أكثر, أحسست ان أسئلة كثيرة بدأت تزدحم عنده للبحث عن أجوبة ما:
مهلاً مهلاً .. قال:
لقد ظلمني هذا الزمن كثيرا وعلي أن أنتقم من كل من سبب في هذا الظلم..
قاطعته قائلا:
ليس هذا ما أقصده...
قاطعني هو الاخر ودون حتى ان انهي كلامي وقال :
ماذا تريد مني أن أفعل , هل أكون ملاكا وأغفر لهم كل شئ ؟
هل أعترف لهم بأنني لا أملك أي حقِ في هذه الأرض التي أنا عليها ,رغم أني وُلدت فيها وعليها .
هل تريدني أن أتعرى لهم ليجلدوني...ثانية.
بينما كان يتلفظ بهذه الكلمات كادت دموعه تسقط...
سكت للحظة..تنفس الصعداء بهدوء لم أعهده فيه.. ثم ابتسم ورد قائلا...
أعلم أن الظلم قاس ومؤلم يا صديقي.. ولكني أقول لهؤلاء أننا نحن الضعفاء هم الأبقى هنا لأننا ...الأنقى .
تتشدق الأحزاب هنا وكذا الحكومات المتعاقبة بشعارات حقوق الإنسان، وهم في الواقع يتعاملون معها بوجهين متناقضين، إحداهما للداخل في التعامل مع المواطنين الهولنديي الاصل حيث لا حرج ولا إشكال في أن يتزوجوا متى يريدون ومتى شاؤوا وبمن يريدون..تتزوج امرأة بامرأة او رجل برجل أو..أو..فلا مجال للاعتراض هنا , لا مجال للتدخل في حرياتهم الشخصية ...
ولكنهم بالمقابل وفي تعاملهم مع المواطنين الأخرين ( المغاربة بالخصوص) لا يعبأون بهم ، ولا يكترثون إلا بما يخدم أهدافهم ومصالحهم ... بل ليس لحق هؤلاء ان يختارو شريك حياتهم كما يشاؤون أو أن يحبوا ويتزوجوا بمن يشاؤون ...عليهم قبل الحب والزواج ان يلتزموا بشروط الحب والعشق بل وحتى بشروط الاحلام ... أولها ان تجيد فتى الاحلام اللغة الهولندية..
تجتازالامتحان هناك لتأتي الى هنا ..وتعيده هنا ثاتية لتبقى هنا ..وإن رسبت هنا أعادوها ورحَّلوها الى هناك...مِن حيث أتت...
وآخرها وليس بآخر, أن يكون الدخل المادي" للعاشق" يتعدى الاَّمعقول ولو بقليل !!,,وبين الشرط الاول والاخير, متاهات ومتاهات لا نهاية لها ولا آخر.
هذا ناهيك عن مشاريع قوانين اخرى في الطريق لا تقل خطورة ..وعنصرية وعددها قد وصل إلى حد الان الى اكثر من عشرون قرار وما فوق...
وهل يُنتظر فى مثل هذا السياق يا صديقي وهذه المتغيرات التي تشهدها سياسة هولندا وساساتها تجاه الاجانب وبهذا الشكل التعسفي أن تنتشر مفاهيم حقوق الإنسان بعد ، ناهيك عن أن تحترم؟
كل الأسئلة و كل علامات الاستفهام والتعجب التي كانت تهاجمني وصديقي يبوح بكل هذا لم تشغلني عن الاستمرار في الاستماع اليه ..
بدأت أثق بكلامه .. سرحت للحظات معدودة بفكري وأنا أحاول أن اعرف لماذا جعلتنا ظروفنا كالخرفان نباع بأبخس الأثمان.
وكنت أحاول في كل مرة ان أجد لي مخرجا أُقنع به نفسي قبل صديقي ان كلامه ليس صحيحا أو على الاقل جزءا منه ليس كذلك..
وانا الذي يعرف النقطة التى افاضت كأس صديقي..أتخيله وكأنه يسمع ما تهمس به حبيبته هناك وهي تحاور نزار قباني في كتبه :
"هذا الهوى الذي أتى..من حيثُ ما انتظرتهُ ...مختلفٌ عن كلِّ ما عرفتهُ...لو كنتُ أدري أنهُ.. بابٌ كثيرُ الريحِ.. ما فتحتهُ ...هذا الهوى.. أعنفُ حبٍّ عشتهُ ...فليتني حينَ أتاني فاتحاً ...يديهِ لي.. رددْتُهُ ...وليتني من قبلِ أن يقتلَني.. قتلتُهُ.."
نظرت اليه بابتسامة مصطنعة وقلت:
ربما يكون دافع الدولة من وراء كل هذا هو الحفاظ على العائلة ومصلحتها وذلك بالحرص على ادماجها سريعا في الحياة العامة باعتبارها تشكل الوحدة الاجتماعية الطبيعية والأساسية لكل مجتمع ولذلك وجب عليها حمايتها...و ،
وقبل أن انهي كلامي رأيته يضحك في صمت..وسمعته يهمس بصوت منخفض وكأنه لم يبالي بما قلته أو بالأحرى لم يُقنعه كلامي قائلا :
إذا كانت الدولة حقا تريد الحفاض على هذه العائلة .. فقد تم كذلك وبالمقابل الاعتراف للافراد رجالا ونساء مِن مَن هم في سن الزواج بتكوين أسرة ...والتي يجب أن تتشكل اساسا نتيجة القبول والرضا الكامل لأطراف العلاقة وبالتالي يقع على كاهل هذه الدولة أيضا اتخاذ الاجراءات اللازمة لتأمين المساواة في كافة الحقوق والمسؤوليات وفي كل مراحل الزواج المختلفة... ولكل الافراد دون تمييز .. وليس فرض شروط تعجيزية على البعض دون الاخر ...وقمع هذه العلاقة بفرض قوانين تجعل الشخص في الاخير مجبرا على اختيار شريك الحياة كما تشتهيه السلطات هنا وليس كما يرغب الشخص نفسه... دون أي اهتمام او اكتراث لكل ادعاءاتهم فيما يتعلق بحقوق الإنسان الخاصة بالافراد والتي تُبتلى في آخر المطاف بهمجية بعض قوانينهم وبربرية بعض مشاريعهم "الفيلدرزية" في توظيف حقوق الإنسان لخدمة مصالحها، بل لا تتورع عن إهدارهذه الحقوق فى سبيل هذه المصالح إذا ما اقتضى الأمر.
ومن الأمثلة الحية في هذا المجال ما لا يُحصى..منها هذه الشروط التي تفرضها السلطات الهولندية على طالبي التأشيرات الجدد من آجل بناء أسرة وتكوين عائلة ..
ألا تنص اتفاقية حقوق الانسان الدولية في مادتها السادسة عشر على أن:" للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين و...و...و "
أليس في بنود حقوق الانسان ما يؤكد على ان لكل شخص الحق في أن يحب وان يتزوج ويكون اسرة...
ألا تنص أكثر من اتفاقية دولية على هذا الحق بشكل صريح،
اليس من بين الحقوق المدنية (الفردية) التي تقرها هذه الاتفاقيات , الحق في الحياة والحرية وفي الأمان,
ألا يُعد الحق في الحياة أحد الحقوق الطبيعية التي يجب ان تضمن لكل إنسان، بل ان حماية هذا الحق لا يقتصر على عدم المساس به من قبل الدولة وسلطاتها العامة فقط ، بل هو حق يتطلب ضمانه التزام هذه الدولة بمنع حدوث الاعتداء عليه من جانب الهيئات، والجماعات، وتوقع الجزاء على من يعتدي على هذا الحق بأي شكل من الأشكال.
أو لم يعلمونا هنا وعلى مقاعد مدارسهم على ان لكل إنسان الحق الطبيعي في الحياة، ويحمي القانون هذا الحق، ولا يجوز حرمان أي فرد من حياته بشكل تعسفي !!!
ألا يُعتبر تدخل الدولة في اختيار شريك الحياة ...تعسفاً ؟!
أصبح عقلي مشوشاً وغير قادر على تصديق ما أسمع.
قاطعته بعد أن لاحظت انه مستاء كثيرا بالوضع قائلا :
ان تدخل السلطات العامة في مباشرة هذا الحق، ينص عليه القانون احيانا ، ويعد اجراءاً ضرورياً، لحماية النظام ، أو لحماية حقوق وحريات الغير، وهذا يعني ان حماية الحياة الخاصة والعائلية والمحافظة على حرمتها و..و. ليست مطلقة إذا ما توافرت كل شروطها ...أي إذا كان تدخل الدولة ضرورياً لمباشرة الحقوق المذكورة توافرت أسباب ضرورية تبررالتدخل،
نظر الي بنظرة تشوبها السخرية وكأنه متأكدا ان كلامي ليس الا تحصيل حاصل الهدف منه هو فقط تهدئته ومن ثم سمعت صوت هادئ وبدا لي بأنه يحاول تهدئة الامر كذالك قائلا :
لقد أصبح تسييس حقوق الإنسان هنا وزيف ادعاء السلطات بتبنيها لهذه الحقوق يشكلان معوقاً خطيراً لاحترامها في هذه البلاد .
إذا كان المبدأ الناظم لحقوق الإنسان هو المساواة بين البشر كافة فى حقوق تترتب لهم لمجرد كونهم بشر..فماذ عسانا نقول عنه إذا كان يعتبر واحداً من خصائص الدولة الديمقراطية ... حيث جميع الأفراد متساوين دون أي تفرقة أو تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين، المساواة أمام القانون وأمام القضاء وأمام الوظائف العامة.
أم أننا لا نتساوى الا أمام التكاليف العامة، كأداء الضرائب...
تنهد ونظر الي فقال :
أعِد حساباتك يا صديقي... أعدها كليا عساك تجد تفسيرات أخرى غير تفسيراتي للاشياء...
هل تتذكر مقتل السياسي بيم فورتاون في 2003 من قبل هولندي أبيض اللون ، والذي حوكم بالسجن لمدة 13 سنة ...وهو الحدث الذي خلط حينذاك أوراق الأمن والقضاء والساسة الهولنديين، حيث أثبت لهم بأن القاتل أو المعتدي ليس بالضرورة ان يكون أجنبيا ذا شعر أسود أو بشرة سوداء...كما يزعمون دائما وكما يحاولون إقناع العالم بذلك ..
وهل تتذكر بالمقابل قاتل المخرج السينمائي ثيو فان خوخ والذي بعثر هو الاخر نفس الأوراق، ليس لأنه يحمل هو أيضا نفس اللون الأبيض، وإنما لأنه هولندي المكان والزمان ,هولندي المولد والتربية والثقافة...ولكن ولأنه ليس هولندي الاصل بل مغربي الاصل والجذور...إحتارو في أمره ...وحوكم بالسجن مدى الحياة ...
أفهمت يا صديقي..جريمة واحدة ...وحكمين مختلفين !!!
كنت صامتاً أستمع له باهتمام..
لم أجد كلاما أقوله ..حاولت ان أجد مخرجا رغم اقتناعي الاكيد بكل ما قاله صديقي ..
قلت له: ربما هناك حيثيات وظروف للقضيتين نحن لا نعلمها وان القاضي وحده العارف بها...و.
قاطعني: بل عليك يا صديقي ان تقول بان هناك خطوط غامضه في القضيه لا نعلمها !!!
واستطرد قائلاً : أتعلم أن هناك مشروع قانون آخر يوجب القانون بمقتضاه ترحيل أي" مجرم" الى بلده " الاصلي" بعد قضاء مدة العقوبة التي تفوق 12 سنة ...إذا كانت جذوره غيرهولندية وهذا حتى ولو وُلد هنا..لا فرق, يُسحب منه جواز سفره ويُرحَّل الى بلده ..المغرب أو تركيا ...
اما الهولندي ذو الاصول الهولندية فسيتم إدماجه من جديد في المجتمع بعد قضاء نفس المدة بل وتتم مساعدته في العيش والحياة الكريمة ..
أهذه هي المساواة أمام القضاء ، والتي تنص في الاصل ألا يكون هناك تمييز لأشخاص على غيرهم من حيث القضاة أو المحاكم التي تفصل في الجرائم ولا من حيث العقوبات القانونية التي تقرر على مرتكبيها...
ألا يُذكرك هذا يا صديقي, بالمحاكم الفرنسية قبل الثورة الفرنسية... في طرق تنفيذ بعض العقوبات حيث كان الأشراف يعدمون بضرب العنق (المقصلة) في حين كان يتم اعدام غير النبلاء شنقاً.
وناهيك عن المساواة أمام الوظائف العامة والتي تُلزم مؤسسات الدولة بعدم التمييز بين المواطنين... فهنا حدِّث يا صديقي ولا حياء ولا حرج...
الحديث مع صديقي كان سيطول أكثر..خاصة بعد ان بدأت آرائنا تختلف وتتشعب طرق معالجتها أحيانا .ولكن الشئ الاكيد الذي لا يختلف عليه اثنان...هو أن كلام صديقي يجب أن يقال جهرا ...يُقال لكل المؤسسات والهيئات والادارات, يُقال لكل مسؤول وحاكم.و... هي حقيقة لا تُخفى على أحد ...معروفة لدى الجميع, فقط ينقص الكثيرمنا بعض الصدق وكثير من الجرأة للبوح ..والمواجهة..
و بدون أن نحس بالوقت ...بدأ الظلام يعم في الخارج...
كانت الشمس قد غربت... استاذنت صديقي السماح لي بالذهاب..
قاطعني: هل تمانع من شرب فنجان قهوة ؟
قلت : لقد أصبح الوقت متأخراً.... علي أن أذهب
خرجت... مشيت قليلا ..سكون غير طبيعي بالخارج أشبه ما يكون بسكون المقابر! توقفت للحظة ثم استدرت مبتعدا عن البيت لمحت صديقي وهو يلوح بيده لي ويقول بصوت عالي :
إحساس جارح و مؤلم يا صديقي أن تتجرع مرارة كل هذا الذل في مكان ...هو وطنك في الاوراق الرسمية و منفاك في واقع الساسة الذين يحكموه ...
كم كنا بلداء ولا زلنا ونحن نحلم ان نصنع الحياة هنا ونبني ممالك للحب و...الخلاص ونُغني للنهارات القادمة...كم كنا أغبياء عندما ظننا وآمنَّا بأننا .... مثلهم...!!!
والآن والأشياء سيدة.. على حد قول محمود درويش.
وهذا الصمت عالٍ كالذبابه...هل ندرك المجهول فينا؟
هل نغني مثلما كنا نغني ؟
سقطتْ قلاعٌ قبل هذا اليوم لكن الهواء الآن حامض...
سينكروننا لأنهم لا يعرفون سوى الخطابة والفرار...هم يسرقون الآن جلدنا ...فاحذر ملامحهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.