نشرت جريدة الأيام في عددها 714 الصادر بتاريخ 16 ماي 2016، حوارا مع السيد أحمد ويحمان الذي اعتاد تقديم نفسه باعتباره رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، وروجت الجريدة لحوارها معه على صدر صفحتها الأولى كما وفرت له أربع صفحات كال فيها كل ما خطر بباله من اتهامات خطيرة حاول من خلالها كعادته شيطنة الحركة الأمازيغية، كما أشار إلي شخصيا باعتباري "أحد أهم دعاة الانفصال" على حد قوله، وذلك حين تحدث عن قيام العالم "منتغمري دافيد هارت" بتسليم مكتبته إلي، وهو ما يفرض علي الرد مع العلم أن كل من يطلع على حوار "ويحمان" في أسبوعية الأيام سوف لن يخرج فقط بكون أقاويله فاقدة للصحة والمصداقية بل كذلك مثيرة للسخرية، ونحن هنا إذ نرد فإننا نقدم على ذلك للتنبيه إلى مساعي الواقفين وراء أمثال ذلك الشخص، وكذلك للتساؤل بالمناسبة عن مصداقية بعض المنابر الإعلامية العنصرية التي تفتح صفحاتها لأمثاله ليكيل اتهامات كاذبة للأمازيغ دون أن تورد ولو دليل واحد، أو حتى تفسح مجالا مماثلا للأمازيغ أو تضمن لهم حق الرد المكفول أخلاقيا، مهنيا وقانونيا. لقد وصفني المسمى "ويحمان" بأنني من أهم دعاة الانفصال دون أن يكلف نفسه عناء إيراد أية أدلة تعزز اتهاماته، بل أكثر من ذلك وفي حديثه عن سعي الأمازيغ لتقسيم المغرب تحدث عن وجود معسكرات للتدريب على السلاح بليبيا من دون أن يقدم أي دليل يعزز أكاذيبه، بل أكثر من ذلك يعتبر ذلك الشخص نفسه عالما في الأنثروبولوجيا ويتحدث عن النظرية الانقسامية للعالم دافيد هارت محملا إياها حمولة مغلوطة وسفيهة، ويبدو أن كل ما يعرفه عن تلك النظرية هو كلمة "الإنقسامية" ويجهل كل شئ عنها، وإلا كان ليعلم أن "جون واتربوري" صاحب كتاب أمير المؤمنين و"إرنست كيلنير" صاحب كتاب ( saints of the atlas)، وغير هؤلاء من الباحثين والعلماء تحدثوا عن نظرية الانقسامية ولم يقتصر الأمر على "دافيد هارت"، وعلى عكس النظرية الماركسية فتلك النظرية تعتبر نموذجية من أجل فهم أمثل للمجتمعات القبلية الأمازيغية والإسلامية، وتمثل تطورا لمنهج ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع والأنثروبولوجيا. - أنظر: - « David Montgomery Hart y Rachid Raha: La Sociedad bereber del Rif marroquí: sobre de la teoría de segmentariedad en el Magreb; Ed. C.I.E. Ángel Ganivet y Universidad de Granada, Granada 1999. » بخصوص الانفصال الذي تحدث عنه "ويحمان" فالعالم كله يعرف أن الداعين إليه ومسببيه هم أمثاله، وأمثال من يقفون وراءه من قوميين عرب وتنظيماتهم التي يطوف قادتها وزعماؤها بين عواصم الشرق الأوسط ويقدمون فروض الطاعة والولاء لحكام المشرق وزعماء أحزاب البعث وجماعات الإسلام السياسي، كما أن التاريخ شاهد على أن دعاة القومية العربية المتطرفة والإسلام السياسي المتشدد، هم من هندسوا انقلابات العسكر تحت عنوان استراتيجية الثورة الإشتراكية العربية سواء في سوريا والعراق أو في مصر وليبيا وحتى بالمغرب في السبعينيات...، كما مارسوا الإرهاب طمعا في الحكم أو تحت ذريعة "الدولة القومية العربية" أو "الدولة الإسلامية". إن الإسلاميون والقوميون العرب قتلوا في شمال إفريقيا والشرق الأوسط مئات الآلاف من المواطنين يفوق كل ما قتله الاستعمار، ففي جزائر منتصف التسعينيات قتلوا أكثر من ثلاثمائة ألف مواطن جزائري منهم العديد من الأمازيغ وفي مقدمتهم الفنان والمناضل الشهيد "معتوب لوناس". وزعيم القوميين العرب "صدام" استخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه وضد الأكراد، واليوم يشهد العالم على ما يرتكبه حزب البعث العربي السوري في حق شعبه، كما يشهد على جرائم "داعش" (وهي أحد تنظيمات الإسلام السياسي) في سوريا والعراق وليبيا، بل حتى في أزواد التي تحدث عنها محاور "الأيام" فقد ارتكب أذيال هؤلاء جرائم لا مثيل لها لا زالت ماثلة للعيان جرت على المنطقة احتلالا عسكريا فرنسيا، والحديث هنا يجرنا إلى المغرب وعن الصحراء التي يتم السعي لإقامة جمهورية عربية فيها التي يعرف الجميع أن النظامين العروبيين (نظام القذافي بليبيا ونظام الجنرالات بالجزائر) هما من كرسا النزعات الانفصالية فيها ولعل علاقة المغرب مع النظام الجزائري شاهدة على ذلك. إن من يقرأ هرطقات "ويحمان" في أسبوعية "الأيام" لن يحتاج لجهد كبير ليصل لحقيقة أكاذيب ذلك الشخص الذي يحاول استثمار أي شئ لرمي الأمازيغ كذبا بتهم العمالة والتواطئ مع من يسميه بالعدو الصهيوني الذي يتخذه من يقفون وراء أمثاله كستار يخفون وراءه دسائسهم ومؤامراتهم الحقيقية ضد شعوب شمال افريقيا والشرق الأوسط، كما يتخذه هو موردا للدخل، بعد أن توارى الكثير من أمثاله في الظل عقب سقوط ممولهم من أنظمة البعث العروبي في الشرق الأوسط وسقوط القذافي بشمال افريقيا، ولعل ذلك خير دليل على أن من يصيحون بخطابات الشرق الأوسط في شمال إفريقيا لا يفعلون ذلك حبا في فلسطين أو إيمانا بقضايا الشرق الأوسط بل لأسباب أخرى.. وإلا فأين العشرات منهم اليوم؟ هل حل الصراع العربي الإسرائيلي؟ ألم يختفي كثير منهم بمجرد سقوط نظام صدام ومن بعده نظام القذافي والبقية الباقية منهم بعد الثورة السورية ضد الطاغية بشار الأسد التي تسبب تدخل السعودية وقطر فيها إلى ظهور "داعش" كما تسبب نفس التدخل في ليبيا إلى بروز ذات التنظيم الإرهابي فيها، وما قلناه هنا يمثل سببا وجيها يدفعنا للتساؤل عن الواقفين خلف أمثال محاور "الأيام" الذي حاول بالأمس فقط أن يملأ مكان أسلافه من الأبواق المأجورة للشرق في المغرب. إننا وككل الأمازيغ لا نخفي ما نؤمن به ونشتغل في إطار القانون وعلانية ولا نمارس التقية أو نتحين الفرص للانقضاض على الدول، ولم يسبق لنا أن دعونا إلى انفصال أي منطقة بكل شمال افريقيا وما أومن به يجسده "ميثاق تامازغا من أجل كونفدرالية ديمقراطية، واجتماعية عابرة للحدود، مبنية على الحق في الحكم الذاتي للجهات"، (رابط الميثاق): http://www.amadalpresse.com/%D9%85%D9%8A%D8%AB%D8%A7%D9%82-%D8%AA%D8%A7%D9%85%D8%A7%D8%B2%D8%BA%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D8%A3%D8%AC%D9%84-%D9%83%D9%88%D9%86%D9%81%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1-2/ وهو الميثاق الذي اعتمد من طرف "التجمع العالمي الأمازيغي" منذ سنة 2011، ونحن نساند إقرار جهوية حقيقية في المغرب وتمازغا، ونقف ضد الجهوية الإدارية الأمنية التي لن تقدم أي شئ للشعب على جميع المستويات ولن تحقق تطلعاته في التقدم والرخاء والتنمية والديمقراطية، ولسنا وحدنا في هذا الصدد من يسجل انتقاداته على مشروع الجهوية الحالية في البلاد بل حتى من شاركوا في صياغة المشروع الذي تمت بلورته قانونيا بشكل يقل حتى عن نص المشروع الأصلي، فما بالنا أن يراعي المعايير الدولية المعتمدة في تقسيم المجال سواء فيما يتعلق بالتكامل داخل الجهة ومراعاة الخصوصيات الثقافية والتاريخية، واستهداف تحقيق التنمية على جميع الأصعدة، ولعل المتواجدين على رأس مجالس الجهات لدليل بارز للعيان على أن الأمر يتعلق بإعادة التنظيم الإداري وتغلب الهاجس الأمني على مصالح الشعب. وفيما يتعلق "بدافيد مونتغمري هارت" ف"ويحمان" يعلم جيدا أنه عالم وباحث بعيد عن السياسة وعن كل الإيديولوجيات، والاحتكام في تقييم عمله يكون بالمعايير العلمية(1) ، ولا ندري لما لا يتحدث ذلك الشخص عن الكم الهائل من العلماء والباحثين الذين أنجزوا بحوثا ودراسات حول الإسلام السياسي والقومية العربية والمجتمعات العربية. في الأخير لابد أن نؤكد أن هرطقات الشخص السالف ذكره تعتبر انعكاسا لتصريحات الوزير "الحسن الداودي" خاصة حين يتناول الاثنين موضوع الاغتيال السياسي للشهيد عمر خالق إزم، وعلى ما يظهر فقد حز في أنفس جماعات العمالة للشرق اكتشافهم لجزء يسير من قدرة الحركة الأمازيغية على التعبئة، وتوسع قواعدها يوما بعد آخر، ويتخوفون من أن يأتي اليوم الذي سيتكرر فيه السيناريو السوري أو العراقي في المغرب حيث وقف الأكراد ضد طموحات الإرهابيين في دولة يسمونها "إسلامية"، وذكره لليبيا يدخل ضمن نفس الإطار أي الخوف من الأمازيغ، ناسيا أن أطراف الحرب في ليبيا هم إما من القوميين العرب أو دعاة الإسلام السياسي ولم يسجل على الأمازيغ انخراطهم في الجرائم ضد الشعب الليبي، أو الدعوة للإنفصال، وسنستثمر هذه الفرصة لنشدد لبقايا العنصريين على أن الأمازيغ كما ساهموا وضحوا في مقاومة الاستعمار بكل بلدان شمال إفريقيا ومن أجل تحرير وتوحيد بلدان منطقة تمازغا، وضمان الحرية والكرامة لشعوبها، سيكررون نفس الأمر إن اقتضى الحال من أجل مواجهة كل أعداء الديمقراطية وحقوق الإنسان، إسلامويين متطرفين كانوا أو متياسرين قوميين عروبيين.