في إطار تواصلها الدّائم مع زوّار الجريدة ورغبة منها في تنويع وتكثيف مواضيعها الثقافية والفنّية، ستعمل جريدة هبة بريس على تقديم سلسلة فنّانون منسيون، وهي سلسلة أسبوعية تتضمّن بروفيلات لفعّاليات فنّية و ثقافية معروفة شملها التّهميش والنّسيان ،على أمل أن تشكّل هذه المادّة الفنّية فرصة لإعادتهم إلى الواجهة من جديد. كما نهيب بزوّارنا الكرام في هذا الإطار أن تكون تعليقاتهم في مستوى أدبي مقبول ترّكّز بالأساس على مسيرة وأعمال الشّخصية المقدّمة دون الإنزياح في ركن لا أخلاقي محضور يمسّ بشخصية الفنّان وخصوصياته ميمونت نسلوان الصّوت الرّيفي الأصيل الفنانة ميمونت ن سلوان تعد من الفنانات المتميزات بالريف، إذ تعتبر معلمة فنية ونجما ساطعا أضاء ولا زال سماء الأغنية الريفية، كما تعتبر أول فنانة أمازيغية في منطقة الريف تتحرر من التقاليد المحافظة التي تمنع نساء الريف من ممارسة الفن حيث دأب المجتمع الأبوي المتسلط على حصر دور المرأة في البيت وفي عملية الإنجاب وتربية الأبناء، والسهر على راحة الزوج والأولاد. لكن ميمونت ن سلوان حاولت أن تكسر هذا التقليد وتغني خارج السرب متحدية الظروف الصعبة واضعة بثقة جدولا صغيرا لجريان المياه في أرض قاحلة أشبه بالصحراء. كانت تجربتها خطوة جريئة في التأسيس لأغنية نسائية أمازيغية شجاعة، ولإحياء تراث أرالا بويا، حيث برزت كصوت نسائي مشاغب أحدث ضجة في نهاية الستينيات وخلال السبعينيات من القرن الماضي نظرا أولا لموهبتها الفطرية في الغناء وصوتها الرومانسي الجميل الذي تغنى بالحب والمشاعر الإنسانية على إيقاع أرالابويا الشهير، وتناول مختلف تناقضات واقع عرف العديد من الأزمات، كما شهد معاناة الإنسان الأمازيغي الريفي سواء داخل المغرب أو خارجه، ونظرا من جهة ثانية لقوة شخصيتها كامرأة وقفت وسط الرجال لتعلن عن حق النساء في معانقة الفن وتطويره عبر التمرد على الصوت الرجالي المهيمن آنذاك. واذا كانت ميمونت ن سلوان قد تركت مشوار الفن غير مكتمل في وقت مبكر بداية الثمانينيات من القرن الماضي نظرا لظروفها الخاصة، فان الذاكرة الريفية الجماعية تحفظ مقاطع كاملة من أغانيها الجريئة ترددها في الأعراس والأفراح، حتى أصبحت مرجعا أساسيا في معرفة الأغنية الريفية والإلمام بتاريخها، ومحطة لا غنى عنها في تاريخ الفن الأمازيغي عموما. يبقى أن نقول إن أغاني ميمونت ن سلوان حين نسمعها الآن، رغم أنها تنتمي لمرحلة بعيدة تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، فإنها تذكي فينا حالة من الحنين الذي لا يقهر إلى زمن الرومانسية والفن الجميل في الأغنية الأمازيغية بالريف..