إن كنت تنتظرين ذاك الفارس الوسيم ذا الحصان الأبيضِ صاحب السيارة الفاخرة ، و الذي كنا نسمع عنه في قصص الماضي فأنت واهمة و واهمة جدا ... خذي هذه الحقيقةَ واطرحي ظلام الشك بأنوار اليقين، وكوني على علم ّ بأن تلك الخيالات ما هي إلا أفكارا خبيثة زرعت في قلوبنا وتغلغلتْ إلى عقولنا... إن كنتِ حالمة بذاك الفارس ولا بُد... فلتحلمي بشابٍّ حافظٍ لكتاب الله ومقتفٍ أثر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذي دين قويم، ونهج مستقيم ، وأمانة وفضيلة ، وورع مشبوب بطهرٍ وعفاف... يركب التقوى حصاناً أبيض ، وبيده سيف العزة الإسلامية والكرامة ... لا تظني أن كلّ فتاة تزوجت تعيش في ثوب السعادة ، وتنغمس في أنهار جنة النعيم ، و ترتوي حتى النشوة ِمن فرات الهناء .... فكم من متزوجة تتجرّع المرارة والألم، وتعيش الشقاء صباح مساء ، وكم من متزوجة تعاني ما تعاني و تُخفي الجراح في داخلها، وتحبس عبراتِها في جفنها... لا تبيح لأحد ما بذلك الألم الدفين ، والسر المرير... اعلمي أن السعادة ما نالتها كل متزوجة ، وأن الكآبة لا تتجرعها كل فتاة فالسعادة من المقدرات ... فلو اطلع الإنسان على الغيب لرضي بواقعه ... وكم من فتاة تعرفت على شاب باسم الصداقة والتعارف ، وتحت شعار تبادل الخبرة والمشاورة .... وكانت تلك الفتاة ربما بطيبِ قلبها ، أو لغفلة بسبب ابتعادها عن نهج دينها تظن أن هذه الصداقةَ هي بداية مثالية لطريق السعادة المنشودة..فأخذت تنسج في مخيلتها خيوطاً لآمال حلوة، و أحلام عذبة ، وأمنيات تداعب خاطرها ، ولاحت أمام عينيها أطياف لمستقبل مليء بالخير والبركة ... إذ بها وبلا شعور منها، أخذت ترسم بسمة على شفاهها ، وتسكب يقينا ورضا في وجهها... ولكن... وبعد فترة يسيرة ، ترى أن تلك الخيوطَ قد اختفت، وتلك الأحلامَ قد تبددت، وتلك الأمنياتِ قد تلاشت... أما الأطياف المليئة بالحبور فقد تبعثرت فذهبت كل آمالها سدى وتحولت البسمة إلى غصة، واليقين إلى شك وخوف... عرفت ...!! لكن بعد فوات الأوان أن الصداقة المزعومة و السعادة المنشودة ، والشعاراتِ اللامعة البراقة ما هي إلا زيف وخداع ، وسراب في صحراء الوهم ... فتحتسي الأسى من كؤوس الحسراتِ..... أجمل ما في الفتاة تربيتها ، وأجمل ما في خلقها حياؤها ، وأفضل بساط تمشي عليه الفتاة هو بساط الحياء،قال تعالى : (فجاءته إحداهُما تَمشي على استحياء) ، كثيرة هي مغريات الحياة فلا تغترّي ، ولا تعجبي لقلّة السالكات سبل الهدى، وتذكري دائماً أن الكرام قليل .... لا تعيشي حياة الضياع ، ولا تكوني لقمةً سائغة في براثن السباع... الحذر مطلوب من الرجل!!! فالزجاج عندما يتصدع ويتبعثر لا يمكن جبره وجمعه من جديد ، والماء عندما يكسب ويراق لا يمكن أن يعود إلى الكأس... تخطئ من تظن أن العلم يعني انحدار الأخلاق أو الجرأة التي قد تصل إلى حد الوقاحة... وتخطئ من تظن أن حرية المرأة تعني طرح الحشمة وخلع ملاءة العفاف ... ومسكينة تلك الفتاة التي لا ترى في أبيها إلا جلادا يتساقط الشرر من عينيه ، ولا يسمع إليها إلا قهراً...لم تسمع منه طوال حياتها كلمة لطيفة ولم تشعر يوما بحنانه... وفرق كبير بين الفتاة الواثقة بنفسها ، وبين الفتاة المغرورة و المتكبرة باسم الثقة في النفس ، فالمرأة الأمية التي لا تعرف القراءة و الكتابة وهي في غاية الأدب والحشمة والفضائل خير من المرأة المتعلمة والغير محتشمة و الغارقة في مستنقع الرزايا...