يحتفل المغاربة وأمازيغ شمال إفريقيا عامة برأس السنة الأمازيغية يوم 13 يناير منذ حوالي 2964 سنة مما يجعل من التقويم الأمازيغي من أقدم ما عرفته الإنسانية من تقويم، وإذا كان التقويم الإسلامي أو المسيحي مرتبطين بأحداث دينية (الهجرة و ولادة المسيح) فإن التقويم الأمازيغي – وإن اختلفت في شأنه الآراء) يكاد يربط باعتلاء الزعيم الأمازيغي شيشرون( أو شيشانغ) للعرش الفرعوني عقب الانتصار على الملك رمسيس الثالث من أسرة الفراعنة سنة 950 قبل الميلاد ومهما اختلفت تأويلات أحداث هذا التقويم فإن رأس السنة الأمازيغية فإنه يكاد يتشابه مع رأس السنة الميلادية في ارتباطهما بشهر يناير وإن كان الأمازيغ ربطوه والبرد والشتاء أكثر من المسيحيين ، وفي هذا السياق تحكي الأسطورة الأمازيغية ،تلك الحكاية المشهورة : حكاية تلك العجوز التي استهانة بقوى الطبيعة وتظاهرت بقوتها وصبرها وتحديها لقوة برد " الناير" مما أغضب يناير واقترض يوما من فبراير لينتقم من هذه العجوز فظل فبراير منقوصا دون غيره من الشهور، كما ظل الأمازيغ يحتاطون من انتقام هذا الشهر فيفضلون عدم الخروج للرعي مخافة أن تباغتهم عواصف ورعود يناير ارتبط رأس السنة الأمازيغية عند المغاربة بالأرض والخصوبة ومن تجليات ذلك إعداد مأكولات خاصة فيجعلون العشاء كسكسا بسبع خضر: وسبع خضر دليل على الاحتفال بخيرات الأرض وثرواتها، وفي بعض مناطق الأطلس المتوسط كان الأمازيغ يعلقون حبات الرمان في سقوف البيوت ويتركونها تيبس ولا يتناولونها إلا بمناسبة رأس السنة الأمازيغية .. وأغلبهم يجعل الفطور بركوكس : طحين تفتله النساء بأيديهن في شكل حبيبات صغيرة وبعد أن يطبخ يسقى بالعسل أو الزيت ( زيت الزيتون أو زيت أركان) حسب المناطق إذا كان رمضان قد ارتبط عند المغاربة في الأكل بالحريرة فإن رأس السنة الأمازيغية ارتبط بالعصيدة (تاكلا) وهي أكلة تعد وتؤكل في هالة من الطقوس وقد تحدد شخصية السنة أو صاحب الحظ السعيد إذا يتم في بعض المناطق إخفاء حبة تمر في العصيدة ويعتبر محضوضا من تناول تلك الحبة يطلق الأمازيغ على هذه المناسبة تسميات منها (يناير) وهي كلمة مركبة من كلمتين (يان) ويعني أول، وكلمة ( أيور ) وتعني الشهر وبالتالي فكلمة (ينير) تعني الشهر الأول .. وفي مناطق أخرى يطلقون على المناسبة (تاكورت أوسكاس ) وتعني رأس السنة ، ويطلق عامة المغاربة عربا وأمازيغ على المناسبة رأس السنة الفلاحية وهي سنة تتأخر عن السنة الشمسة في التقويم المسيحي ب 13 يوما لذلك يتحدث المغاربة عن الشهر الفرنساوي والشهر الفلاحي الذي يبدئ دائما يوم 13 من كل شهر ونظرا لقدسية المناسبة ينهى عن النظافة اعتقادا بأن البركات تنزل في هذا اليوم لذلك ينهى على الكنس والغسل والنظافة اعتقادا بأن مثل هذه الأشغال تذهب هذه البركات ... وإلى عهد قريب كانت مناسبة (ينير) مناسبة لتجديد أحجار الكانون إذ كان الكانون الأمازيغي مكون من ثلاث أحجار (مناصب ) توضع عليها القدور والطناجر للطبخ وتحتفظ المرأة الأمازيغية بهذه ( المناصب ) طيلة السنة ويتم تجديدها يوم 13 يناير وقد تصبح هذه العادة في خبر كان بعد غزو المطابخ الغازية والكهربائية لمعظم البيوت . لقد احتفل المغاربة في هذه الشهور برأس ثلاث سنوات ( السنة الهجرية في فاتح محرم ، والسنة الميلادية مع مطلع شهر يناير ، والسنة الأمازيغية يوم 13 يناير) ، لكن الدولة تجعل من رأس السنتين الهجرية والإسلامية عطلة رسمية، فتتعطل الإدارات والمدارس ، دو رأس السنة الأمازيغية ، على الرغم كون التقويم الأمازيغي كثر التقويمين أصالة وقدما بهذه البقاع من شمال إفريقيا إن يناير أو تاكورت أوسكاس يشكل مناسبة مغربية أمازيغية أصيلة غينية بعادلتها وتقاليدها ، وتشكل جزءا من الهوية المغربية منذ آلاف السنين و المفروض أن تُعطاها أهميتها وأن تسوى بالمناسبات واعتبارها عطلة رسمية على الأقل، خاصة بعد إعلان الدستور الجديد على الهوية المغربية التي تشكل الأمازيغية إحدى ركائزها ، وإنصافا للذاكرة والهوية المغربية هذا وقد تعالت في السنوات الأخيرة الأصوات داعية إلى ترسيم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية لما يحويه من قيم التضامن ، والارتباط بالأرض ، وتكريس لغنى الثقافة المغربية وإعادة الاعتبار لقيم صمدت 2964 سنة ، وقد كان أمام هذه الحكومة فرصة كبيرة لدخول التاريخ بتعديل عطلة المولد النبوي الشريف بجعل العطلة يومي الاثنين والثلاثاء ، بدل الثلاثاء والأربعاء ، وتكون بذلك ضربت عصفورين بحجر واحد، وتعديل العطلة كان سيقدم خدمة للمغاربة إذ سيستفيدون من عطلة أربعة أيام تساعدهم لا محالة في صلة الرحم وزيارة الأهل والأحباب والاحتفال معا بالمناسبتين ليبقى السؤال هو من المستفيد في هذه البلاد بعدم الاعتراف الرسمي بمناسبة متجدرة في الوعي المغربي ؟؟