الموضوع لا يناقش مسألة فتح الحدود من عدمها ، ما يهمنا هو تعليم الصبية وأزلام النظام الجزائري كيف يفكرون بعقلانية . فكثيرا ما نسمع هرطقات وتخريفات من النظام الجزائري وأبواقه عن الأسباب التي تجعله يرفض فتح الحدود وهي تبريرات مسخرة . بالعودة الى الوراء سنوات قد مضت نستخلص أن نظام الجزائر يتخوف من تكرار سيناريو فترة استئناف العلاقات المغربية الجزائرية وتطبيعها و فتح الحدود 1988 -- 1994 ، وما تلاها من أحداث وتأثيرها على الوضعية الداخلية بالجزائر: فبعد استئناف العلاقات بين البلدين وفتح الحدود شهدت مدن البلدين زيارات واحتكاكا بين أطياف المجتمع المدني ، و دخل المواطنون الجزائريون جماعات للمغرب وتعرفوا على الواقع به من منطلق الواقع وليس من الصورة السوداء التي كانت صحف الرصيف واعلام جنرالات الجزائر ترسم بها واقع المغرب وتعمل على استحمارهم من خلالها وصانعة عدو وهمي لهم لإشغالهم ، وبعد رؤيتهم كيف يعيش المغاربة ومقارنتها مع حالتهم المعيشية (عكس ما كان يروج له الاعلام الجزائري أن وضعية المغاربة لا تختلف عن وضعية الأفارقة في الصومال أو بوركينافاصو ) ، وبعد تعرفهم ايضا على الحراك والشأن السياسي بالمغرب والذي كان بالمقارنة مع الوضع السياسي الجزائري أنذاك ذي الحزب الأوحد والنهج الاشتراكي أفضل , عوامل كانت حافزا لما عرفت تلك الفترة من انفجار شعبي و مظاهرات شعبية بالجزائر تندد بطبيعة نظام الجنرالات القائم ونهجه الاشتراكي و الحالة الاجتماعية المزرية ، وتندد بالسلطة التي تصرف أموالها على تنظيم البوليساريو بدل الاهتمام بالوضع المعيشي للمواطن ومن لا يتذكر كيف أن المتظاهرين الذين انتفضوا في الجزائر أكتوبر 1988 ونزلوا للشوارع في انتفاضة شعبية كان لهم ان هاجموا مكاتب مرتزقة "البوليساريو " وسط العاصمة وحطموه مع مكاتب ما يسمى بحركة التحرير وغيرها من مظاهر الاحتجاج ضد سياسات النظام الجزائري التي سادت الجزائر انذاك. ويمكن تلخيص الأسباب التي تدعو النظام الجزائري للإبقاء على الحدود مغلقة في 3 أسباب : 1- السبب الأول : سبب سياسي واجتماعي فالنظام الجزائري لا يرغب في تكرار سيناريو الماضي ويتخوف من تأثيرها على توجهات الجزائريين ، خاصة وأن الحالة والشأن السياسي والاجتماعي والتنظيمي (مجتمع مدني ) بالمغرب أفضل من نظيرتها بالجزائر ( أتحدث عن المقارنة التفاضلية لأحوال البلدين سياسيا واجماعيا وتنظيميا أما حال الشعبين وشأن النظامين بكلا البلدين فهو زبالة ) ، كما أنه من المفترض أن يتم الشروع في اقامة "مشروع الجهوية الموسعة" بالمغرب وهذا مما يخشاه نظام الجزائر أن يطالب الجزائريون بنظير له بالجزائر، إضافة الى سعي حزب وأبناء فرنسا تطبيق الأجندة الغربية بإفساد العلاقات بين المجتمعات المغاربية وإحداث شرخ بينها والحيلولة دون قيام وحدة مغاربية تنافس اقتصادات دول شمال بحر الأبيض المتوسطي . 2 - السبب الثاني: يتعلق بمرتزقة البوليساريو والصحراء المغربية وتخوف الجنرالات أن يؤثر فتح الحدود سلبا على أطماعهم التوسعية ، فيكون بفتح الحدود وتغير العقلية الجزائرية بعد احتكاكهم بالمغاربة وتعرفهم أكثر على قضية مغربية الصحراء بعيدا عن استحمار بروباغندا اعلام اجنرالات لهم ، فتح جبهة داخلية بالجزائر مناهضة وأكثر معاداة لجبهة البوليساريو ، جبهة قد تكون احتجاجاتها أكثر ضراوة من احتجاجات 1988 ، فتنضاف جبهة داخلية معادية للبوليساريو بالجزائر ، الجنرالات هم في غنى عنها . 3 - السبب الثالث : هو سبب اقتصادي و تزعم المنطقة ، فالنظام الجزائري يخاف من أن يتقوى الاقتصاد المغربي مع فتح الحدود ، ويكون هو المستفيد الأكبر منها اقتصاديا و كذا استثماريا بأن يحضى بالنصيب الأوفر من الاستثمارات الأجنبية نظرا للموقع الاستيراتيجي الذي يميز المغرب، ففتح الحدود ستجعل منه المكان المفضل للمستثمرين في شمال افريقيا.