لم تجد صحافة الجنرالات بالجزائر حرجا في افتعال واستعمال معلومات متقادمة لتشويه سمعة المغرب و الايحاء بأنه بدوره يشهد متاعب أمنية و سياسية متفاقمة ، و تحديات اجتماعية خطيرة ضمن مخطط استخباراتي مدروس بعناية تجلت تمظهراته الشامتة و الناقمة مباشرة بعد اقتراح المغرب لمخطط الحكم الذاتي لتسوية ملف الصحراء و دعوته الى مقاربة ذات نفس إنساني لتطبيع العلاقات بين البلدين و إعادة فتح الحدود المغلقة . فبعد سلسلة من المقالات حول تحول المغرب الى مصدر أساسي للمخدرات التي تجتاز التراب الجزائري ، عادت ذات الأقلام المأجورة لتشكك في الموقف المغربي الرسمي و الشعبي من القضية الفلسطينية و تزايد على قرار الحكومة المغربية نقل سفارتها بفنزويلا و هو قرار سيادي تحكمه ظروف و حيثيات تمتلك الخارجية المغربية وحدها حق تبرير دواعيه و مسبباته ، في حين لا تستحي أبواق النظام الجزائري في تزوير الحقائق و نسج تبريرات من واقع خيالها الحاقد الخصب للترويج لسخافات مفادها أن المغرب خضع لضغوط خارجية لاتخاذ قرار نقل سفارته بكاراكاس كردة فعل على مبادرة شافيز بطرد السفير الاسرائيلي ببلاده. و على الرغم من أن مصادر مغربية كشفت دواعي القرار المرتبطة بسلوكات مشينة للديبلوماسي الفنزويلي تتعلق أساسا باطلاعه إضافة الى اختصاصاته العادية المعروفة بمهام تجسسية خاصة لفائدة الجزائر ، فإن صحف الحقد الجاهزة و المستعدة دوما للاساءة للمصالح المغربية ، لم تجد مانعا من مواصلة مشوار التشفي و التعتيم بهدف نقل أجواء الاحتقان الداخلي الذي تشهده الساحة الاجتماعية الداخلية بالجزائر و تصوير المغرب كسبب و مصدر وحيد لها . و ضمن مخطط هذا التآمر العبثي يمكن للرأي العام الجزائري “ المدجن “ بجرعات مستمرة و بليدة من الأكاذيب ، و الافتراءات أن يستنتج في نفس العدد من صحيفة النهار الجزائرية ليوم أمس أن فضيحة ما يسمى بالطاعون الأسود المستشري وسط عناصر القاعدة بمنطقة القبائل الجزائرية لا تخص الجزائر لوحدها ،في إنتظار تجلي حقيقة و مسؤوليات استعمال هذا السلاح الكيماوي المحظور دوليا بل إن الصحيفة المذكورة لم تجد بدا من العودة سنوات الى الوراء و استغلال خبر سبق لجريدة الشرق الأوسط أن أوردته قبل خمسة أشهر ، و يتعلق بشكوك حول نية أعضاء بخلية الرايضي الانتحارية التي تم تفكيكها قبل زهاء السنة و تخص مواد سامة ضبطت بحوزة المتهمين , لتبني عليها ّ النهار “ سبقا صحفيا جاهزا مفاده أن الخلية المذكورة كانت تنوي الاعتماد في عملياتها الإرهابية على مواد جرثومية لها تأثير خطير على الجهاز العصبي للإنسان و الغرض الواضح ، من هذا ّ الفتح الاعلامي ّ الوضيع ّ هو الالتفاف على حقيقة الوباء المستفحل وسط مخيمات المسلحين و تحميل المغرب مسؤولية بروزه . و بصفحات نفس العدد لا تتورع ذات الصحيفة عن التوصل الى استنتاجات و مواقف خطيرة تمس في العمق هيبة مؤسسات المغرب الدستورية ، فهي تتكلم بصيغة الواثق من مصادره عن تحرك ما تصفه ّ باللوبي الصهيوني بالمغرب ّ بممارسة ضغوط شديدة على الإدارة الأمريكيةالجديدة في محاولة لدفعها على ممارسة نفوذها على الجزائر على أساس مزاعم قديمة بوجود أسلحة فتاكة في الجزائر يجري إنتاجها لمواجهة الجار الشقيق المملكة المغربية. و ضمن سيناريو المسرحية البليدة تزعم ذات الصحيفة الناطقة بلسان الأطراف المعلومة أن اللوبي الصهيوني المذكور بدأ فعليا بالتحرش بالسلطات الجزائرية منذ الأسبوع الأول للاعتداء الإسرائيلي على غزة ، حيث بدأت ‘’الرسائل المشفرة’’ تصل إلى الجزائر عبر أكثر من قناة تجمع على ضرورة التوافق على موقف من القضية الفلسطينية باعتبار المغرب رئيس لجنة القدس وأيضا في شأن قضية الصحراء الغربية . و بما أنه لا يمكن للمتتبع المتفطن للأساطير التوسعية المؤسسة للسياسة الخارجية للشقيقة الجزائر و المدرك للملابسات المحركة لمزاجها “ المتقلب “ و مواقفها ّ المتخشبة “ المتخفية وراء الشعارات البالية إلا أن يدرك حجم الورطة التي تغرق بمياهها الآسنة تدريجيا مثل هذه المخططات التآمرية الخسيسة سواء المعلن عنها أو المتسترة ، فإن نداء الحكمة و التفطن الذي يفترض تعقلا و تريثا معتادا للجانب المغربي من الدخول في بوليميك فارغ تسعى إليه الأيادي المحركة لهذا المسلسل المتآمر الساعي الى الهروب الى الأمام و طرح ما توفر من ألغام في مسيرة أي تقارب و لو بسيكولوجي بين الشعبين الشقيقين ، و هو كما نكرره للمرة الألف عبث بالنار لعبة النظام الجزائري المفضلة التي سيكتوي بشظاياها في أول المطاف و آخره .