إسبانيا تثمن جهود الملك محمد السادس لتعزيز تقدم المغرب والاستقرار الإقليمي    وزير الداخلية يبرز أهمية الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة        المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    البطولة... اتحاد طنجة يتعادل مع الدفاع الجديدي والمغرب التطواني يعود بهزيمة من برشيد    الفنان محمد الخلفي أحد أبطال سلسلة "لالة فاطمة" في ذمة الله    بداية العد العكسي... عام واحد يفصل المغرب عن استضافة كأس الأمم الإفريقية    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    تساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار يومي السبت والأحد بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)        صحة غزة: استشهاد أكثر من 45 ألف فلسطيني في حرب الإبادة المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023    عمالة الدريوش تواكب فعاليات الدورة الثانية للمناظرات الوطنية حول الجهوية المتقدمة        جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    "همم": الحملة ضد غالي نتيجة مباشرة لمواقفه في الدفاع عن حقوق الإنسان وفضح ملفات الفساد    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع            "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات    "هيركوليس" تقرر عدم حضور مباراة فريقها اتحاد طنجة أمام الدفاع الحسني الجديدي    إيطاليا تغرّم "تشات جي بي تي" 15 مليون أورو بتهمة انتهاك خصوصية البيانات    الملك محمد السادس يتلقى اتصالا هاتفيا من ولي العهد السعودي    البابا فرنسيس يصف الغارات الجوية على غزة بالوحشية    التوفيق: وزارة الأوقاف تعمل حاليا على ترجمة معانى القرآن الكريم إلى الأمازيغية    وزيرة المالية تعترف بعدم انخفاض أسعار المحروقات في المغرب بمستوى الانخفاض العالمي في 2024        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري    كيوسك السبت | أول دواء جنيس مغربي من القنب الهندي لتعزيز السيادة الصحية    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    اجتماع بوزنيقة.. الأطراف الليبية تتفق على تشكيل حكومة موحدة    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    إعادة تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. مفاهيم مؤسسة وسردية تاريخية    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    العازف سفيان بامارت.. حين تلتقي الأناقة بالعاطفة في تناغم موسيقي فريد    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    تسجيل وفيات بجهة الشمال بسبب "بوحمرون"    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    أرخص بنسبة 50 بالمائة.. إطلاق أول دواء مغربي لمعالجة الصرع باستخدام القنب الطبي    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقيقة ما يجمعنا مع الجزائر من تاريخ و مؤامرات
بعد تهديد مسؤول جزائري بالانسحاب من إتحاد المغرب العربي :
نشر في العلم يوم 12 - 02 - 2009

وقع نائب عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمة الجزائري و الوزير الأسبق، في زلات لسان متتالية يعكس ورطة النظام الجزائري و تناقضاته ، في حوار بثته «الجزيرة نت» حول موضوع العلاقات المغربية الجزائرية، و تأثير ملف الصحراء المغربية على مستقبلها .
ولم يجد الدكتور المثقف محيي الدين أعميمور، حرجا من التلويح باحتمال إضطرار الجزائر إلى الانسحاب تماما من اتحاد المغرب العربي ، و إكتفائها بالعلاقات الثنائية مع الراغبين من بلدان المنطقة ، مؤكدا أن الطريق الوحيد الممكن لتجاوز هذا الموقف ، هو المسار الذي نصت عليه معاهدة المغرب العربي ، الموقعة بمراكش ، ووقعه عن الجزائر الرئيس الأسبق الشادلي بنجديد .
ويبدو من أول وهلة أن المسؤول الجزائري ، الذي يعطي إنطباع الحماسة لمستقبل البناء المغاربي ، تخونه عباراته و خرجاته العنترية و المستفزة للمغرب، و تؤكد في غير ما مقطع من مقاطع حواره الدعائي / التهجمي قفزه على العديد من الحقائق التاريخية و القانونية لتبرير موقع الجزائر كضحية لما يعتبره تصعيد التوتر من طرف الجار المغربي الذي سبق و حمله مسؤولية "ّإثارة الزوابع بدون سبب ".
و الحقيقة التي يتجاهلها الدكتور أعميمور، بغض النظر عن عبارات التشفي النارية التي أطلقها بدون تحفظ خلال الحوار المذكور تجاه الشعب المغرب ، حين يعتبر أن التكلفة الباهظة لإغلاق الحدود البرية بين البلدين تزيد فقط من معاناة " الأشقاء المغاربة " جراء تقلص توافد السياح الجزائريين نحو المملكة و أثارها الاقتصادية والاجتماعية السلبية على سكان الحدود المغاربة ، دون أن يغفل إسالة قطرات من دموع التماسيح على صلة الرحم القطوعة بين الجانبين , ليخلص في الأخير بصيغة التهديد المبطن أن المنطقة مفتوحة على كل الاحتمالات المنذرة من احتكاكات على الحدود نتيجة للتصعيد المغربي المتواصل ، ولعملية شحن العواطف المستمرة ، مع العلم أن ما يشهده الواقع الميداني حاليا هو الحملات العنيفة و المسترسلة لحرس الحدود الجزائريين على المغاربة العزل بمختلف مناطق الشريط الحدودي الجنوبي الشرقي بعد أن شهد إقتطاعات و إعتداءات مسترسلة لحرمة السيادة الترابية المغربية كما تؤكد ذلك الوقائع المتتالية .
و بالنسبة لمعاهدة تأسيس إتحاد المغرب العربي ، التي يهدد المسؤول الجزائري باحتمال تنصل الجزائر منها ، فربما يسعف المقام لتذكير الصحافي و الديبلوماسي المحنك بأن مادتها الرابعة عشر، التي وقع عليها زعماء الأقطار المغاربية الخمسة ، تؤكد بما لا يحتمل التأويل بأن كل إعتداء تتعرض له دولة من الدول الأعضاء ، يعتبر إعتداء على الدول الأعضاء الأخرى، وإذا كان للأديب المرهف أعميمور وجهة نظر مضادة فندعوه للتأمل في المادة التي تليها ، والتي تتعهد بمقتضاها الدول الأعضاء بعدم السماح بأي نشاط أو تنظيم فوق ترابها يمس أمن أو حرمة تراب أي منها أو بنظامها السياسي .
كما تتعهد بالامتناع عن الانضمام الى أي حلف أو تكتل عسكري أو سياسي يكون موجها ضد الاستقلال السياسي أو الوحدة الترابية للدول الأعضاء الأخرى .
و نود بالمناسبة أن نستفسر منظر الشؤون الخارجية للشقيقة الجزائر بماذا يفسر ضخ الحكومة الجزائرية 200 مليار دولار من عائدات النقط منذ 32 سنة في حسابات البوليزاريو، لهدف واحد هو سن شوكته المعادية ، و الطامعة في وحدة المغرب الترابية .
و إذا كان المحاور يعتبر بأن المسألة تتعلق بمبدإ جزائري غير قابل "للمساومة" لنصرة ما ترفعه من شعارات التحرر و تصفية الاستعمار ، فما موقع قضايا تحررية أخرى من الاعراب في أولويات النظام الجزائري ، بدءا من كوسوفو و مرورا بكوريا و الصين و إنتهاء بالمناطق المحتلة من الشمال المغربي، و التي نادت الديبلوماسية الجزائرية جهارا ذات مناسبة عصيبة بأن إسبانيا تمتلك حق السيادة عليها ، و ما واقعة جزيرة ليلى إلا تمثيل صارخ لحالة إنفصام الشخصية المتلبسة بالخارجية الجزائرية .
و حتى حينما يتحدث المثقف أعميمور عن مشروع الحكم الذاتي ، المقترح من طرف المغرب من خلفية الموقف غير المتشنج و المبادرة التي لا تنتقص حكومته قيمتها ، فهو سرعان ما يقع في مطب المغالطة و التغليط بوصف المقترح الشجاع و الوحيد من نوعه المطروح بواقعية على طاولة المفاوضات ، حيث يعتبره صاحبنا سرابا يخفي نوايا إدماجية ، و يحاول الإلتفاف على واقع المساندة و الدعم الذي يشهده لدى الدول و الحكومات المؤثرة كنتاج لضغوط أمريكية عكست قلق واشنطن من جمود الأوضاع و يحاول بالمناسبة توريط موريطانيا و دفعها الى مواجهة مباشرة مع المغرب عبر مواقفها و قراراتها السيادية بمجرى القضية .
و يتضح جليا من سياق مداخلة الطبيب أعميمور، الذي لم يتورع بالجهر بأن للجزائر مشكلة ثقة تجاه المغرب، ومن مفاجئاته المتوقعة إشارة الى مطلب المغاربة بفتح ملف الحدود الشرقية ، حيث يعتبر الأمر مناورة مغربية لتبرير ما يصفه " بصفاقة " غزو المغرب للحدود الجزائرية سنة 1963 ، أو ما يعرف ب«حرب الرمال» التي ما زالت ، رغم مرور خمس و أربعين سنة ، غصة في حلق ما ينعت بمجموعة وجدة المتحكمة في مقاليد الحكم بالجزائر ، و التي عاشت بالمغرب و به شكلت نواتها الأولى لجيش التحرير الجزائر بدعم من المغارية قبل أن تزحف على الجزائر لانتزاع السلطة على متن الدبابات و تجازي الضيافة و المساندة المغربية بالهجوم على مركز حدودي مغربي ، و تفتح بذلك صفحة العداء التاريخي للمخزن المغربي آخر معاقل ما ظل نظام بومدين يصفه بالنظام الملكي الرأسمالي .
و لحقيقة التاريخ ، التي يتملص منها أعميمور و غيره من أولياء نعمته الناقمين فيما يتعلق بالملابسات الحقيقة لقضية الحدود بين البلدين، و أحداث «حرب الرمال» ، يجب أولا التذكير أن المستعمر الفرنسي فاتح السلطان المغربي غير ما مرة في شأن الأراضي التي كان قد ضمها لوجوده الاستعماري بالجزائر التي كان يصفها بفرنسا الثانية، و لم يكن يتصور أن يخرج منها ، بل و قايض المغرب بإمكانية التنازل له رسميا عنها في مقابل وقف دعمه و مساندته ل«جبهة التحرير الجزائرية»، إلا أن المغرب رفض الصفقة بالمطلق، و إعتبر أن المسألة ستحل أخويا مع الحكومة الجزائرية المستقلة ؛ أما فيما يرجع الى خلفية أحداث أمغالة ، فيجب التذكير، و للتاريخ أيضا ، أن أولى مهام جيش الحدود الجزائري تحت إمرة العقيد بومدين المرابط لسنوات بالتراب المغربي الشرقي، أين كان يعالج جرحاه بمعسكر للتدريب و القيادة و التنسيق وضعته السلطات المغربية رهن إشارة قيادة الثورة الجزائرية التي ترعرع العشرات منها بمدن المغرب ، و العديد منهم يشغلون مناصب قيادية رائدة بهرم السلطة الجزائري .
و في خضم الصراع الداخلي على السلطة بالجزائر، و إستشعار القيادة العسكرية الجزائرية لمأزق الحدود الفاصلة مع المغرب ، إرتأت مدفوعة بقناعاتها الثورية ، و مفعمة بأجواء الانتصارات الكاسحة على أرض واقع الجزائر المستقلة حديثا ، و تداعيات حرب التيارات و المناطق , توجهت فرقة عسكرية جزائرية الى منطقة فجيج ، و هاجمت المركز الحدودي بوعريش ، محاولة الوصول الى قصور زناقة ، فما كان من القوات المسلحة الملكية إلا الرد على العدوان، و كلها أسى من ردة الفعل الجزائري على المعروف المغربي ، و إستمر الفيلق المغربي في التوغل لملاحقة فلول المعتدين الفارين ، و لم تهدإ الأجواء الا بعد تدخل وساطات عربية وإستمرت الغصة الجزائرية متوارثة بين جنرالات الجزائر ، وهم يسعون للانتقام من تلك الهزيمة النكراء ، ومنذ ذاك الحين وهم يبنون الخطط للانتقام والثأر بدءا من تعويم و تشويه ملف الصحراء الشرقية أو عبر الاستعانة بنظام كوبا الشيوعي و غيرهم لاحتضان و تشكيل ما يعرف ب«جبهة البوليساريو» الارهابية ، لزعزة استقرار المغرب و إستنزاف قدراته على المدى المتوسط .
و ختاما ، و حتى لا يستمر أعميمور و غيره من الحكام الجزائريين في مسلسل المزايدة على المغرب الى حد التهديد بصرف النظر عن ملف فتح الحدود المرسمة أو غيرها , و التلويح بالتصعيد و دق طبول الحرب ، والزيادة في تعميق الجراح ، بطرح إحتمال وقف مسار إتحاد المغرب العربي ، فجواب المغاربة قاطبة الجاهز لمثل هده التفاهات، هو أن ما بين الشعوب أقدس و أعمق من مناورات سياسية ظرفية مشبوهة ، و أن مسألة الصحراء المغربية و الحدود التاريخية للسيادة المغربية غير قابلة للمتاجرة و المساومة ، و أنه فوق كل ذلك كله المغرب سائر قدما في مسيرة النمو و البناء و الديمقراطية ، و لن يضيره في شيء نعيق و خزعبلات و أساطير كمشة من المتحذلقين و المزورين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.