تعتبر المدرسة سفيرا للنظام الأبيسي خصوصا في المرحلة التي يكون فيها الطفل غير قادر على مفارقة والديه1. فهي –أي المدرسة- لها منطلقات لا تخلوا من إديولوجية ولها أهداف متعددة ويتجسد بعضها في تدعيم الثقافة الأبيسية وكمثال على ذلك الكتب المدرسية التي ترسم حدودا للحياة الإجتماعية وتجعل مجال الأب/الزوج خارج المنزل في العمل وتعطيه كامل الصلاحيات في إدارة شؤون الأسرة, أما الأم/الزوجة فتجعل الكتب منها شخصية تنحصر معظم أدوارها داخل المنزل.في حين تنظر إلى الأبناء بتهميش نسبي من حيث النظر إليهم كفاعلين أساسيين ولا غنى عنهم. وإذا كانت للمدرسة منطلقات وأهداف فهذا لا يعني أن الخطاب السياسي أقل منه إديولوجية ,فالإديولوجية السياسية تكون مخالفة لما هو على أرض الواقع مما يجعل الخطاب السياسي متوترا بصورة مستمرة في ما يخص الأمور الإجتماعية ومنها الأسرة2 . ومع تنوع الخطابات المأدلجة المدعمة لبعضها البعض يظهر الخطاب القضائي من خلال مجموعة من الملفات التي تهم المسألة الأسرية كرؤية واقعية تتميز بموضوعية ,وبموجب هذه الرؤية يصور لنا المسائل الإجتماعية ومن بينها الأسرة في حركية ويلقي الضوء على التغيرات التي تشهدها عكس المؤسسات التعليمية التي تنظر إلى الأسرة من جوانبها الثابتة بتسخير من الحس السائد,والخطاب السياسي الذي يجعل من الوضع العام أداة لخدمة مصالحه الخاصة وذلك بالتلون صوريا مع كل فكر له أغلبية في المجتمع . 1-الخطاب الشرعي بين قانون الأحوال الشخصية ومدونة الأسرة ومدى تأثير كل واحدة على الواقع الفعلي (نموذج الطلاق): من خلال تصفح بسيط لقانون الأحوال الشخصية يظهر لمتصفحها أنها أعطت الزوج/الأب سلطات وأدوار واسعة بالنظر إلى سلطات وأدوار كل من الزوجة/الأم والأولاد. أما مدونة الأسرة فقد حاولت تحطيم الهوة التي تباعد بين أعضاء الأسرة من حيث الحقوق والواجبات وإعطاء المسؤولية لكل واحد منهم على حدى، ولأجل إظهار الفارق الفعلي بين الأحوال الشخصية ومدونة الأسرة سندرس مجموعة من المعطيات الإحصائية التي تهم الأسرة كظاهرة الطلاق الذي يعتبر ظاهرة أسرية إجتماعية تكشف لنا الصراع الداخلي الذي يدور بين أفراد الأسرة وبالتالي يبرز لنا التناقض العميق بين إمكانية مسايرة القانون النظري لما هو في الواقع الفعلي. أ- ظاهرة الطلاق في ظل قانون الأحوال الشخصية:3 السنوات 1990 1991 1992 1993 1994 1995 1996 1997 1998 1999 حالات الطلاق 56107 50719 58480 50919 48332 53247 51741 47872 50763 42069 نسبة التغير% _ %9.6- %15.3 %12.93- %5.08- %10.17 %2.83- %7.48- %6.04 %17.13- السنوات 2000 2001 2002 2003 حالات الطلاق 38438 37563 41450 44922 نسبة التغير % %8.6- %2.19- %10.26 %8.37 فمن خلال هذا الجدول الإحصائي في السنوات الخمس الأولى (من 1990_1995) وصلت حالات الطلاق الإجمالية إلى 264557حالة طلاق أي بمعدل52911 في السنة بنسب تغير متفاوتة بين كل سنة، وبين (1995-2000) عدد حالات الطلاق245692 بمعدل 49138 حالة طلاق في السنة أي بنسبة تغير عن الفترة السابقة 7.13- في المئة، أما بين (2000-2004) فعدد حالات الطلاق الإجمالية 162373 حالة طلاق بمعدل سنوي 40593 أي بنسبة تغير عن الفترة التي سبقتها 17.39- في المئة. ب- ظاهرة الطلاق في ظل مدونة الأسرة:4 السنوات 2004 2005 2006 2007 2008 حالات الطلاق 26914 29668 28239 27904 27935 نسبة التغير %40.09-٭ %10.23 %4.82- %1.19- %0.11 ٭ نسبة التغير في المئة بالنظر إلى مجموع حالات الطلاق سنة 2003. من خلال هذه المعطيات الإحصائية نجد أن إجمالي حالات الطلاق (من 2004 إلى2009) هي 140660 بمعدل 28132 في السنة وبنسبة تغير عن مرحلة ما قبل المدونة 30.69-في المئة. بإلقائنا نظرة على معدلات الطلاق التي ذكرناها يتبين لنا أنها متفاوتة فيما بينها حيث المعدل السنوي ونسبة التغير بين كل سنة وأخرى، ففي مرحلة التسعينات كان معدل حالات الطلاق بين 42069 و 58480 حالة طلاق في كل سنة، أما في الأربع سنوات ما قبل دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق فقد تراوح العدد ما بين 37563 و 44922 حالة طلاق في كل سنة، وفي الخمس سنوات بعد المدونة أصبح المعدل يتراوح ما بين 26914 و 29668 حالة طلاق، وبهذا نرى أنه في مرحلة التسعينات كانت معدلات الطلاق مرتفعة إلى حد كبير بالنظر إلى السنوات الأربع ما قبل المدونة التي بدورها نجدها مرتفعة بالقياس إلى السنوات التي جاءت بعد المدونة . ومن هذا يمكننا أن نؤكد على الهوة الشاسعة الذي كان يرسمه قانون الأحوال الشخصية والواقع الفعلي لظاهرة الطلاق، وأما مدونة الأسرة فلم تحاول تحطيم هذه الهوة فقط بل حطمتها وحدت من التزايد المستمر لمعدلات الطلاق. 2- قضايا وظواهر أسرية في ظل مدونة الأسرة: تطبيق مدونة الأسرة لا يعني بتاتا القضاء على كل الظواهر التي تشوب مؤسسة الأسرة ومحيطها، بل التخفيف من حدتها وجعلها تأخذ إتجاها في التراجع عوض التزايد المستمر، وهدف مدونة الأسرة ليس التخفيف من معدلات الطلاق فقط بل إن هناك أيضا ظواهر أسرية يكون الطلاق نتيجة لها وينبغي معالجتها كما تمت معالجة ظاهرة الطلاق، وهذه الظواهر تعبر عن التغيرات التي تشهدها الأسرة المغربية في ظل مجموعة من العوامل الإجتماعية والتربوية والقانونية والإقتصادية والسياسية...إلخ. أ_ المطالب بالنفقة كظاهرة أسرية:5 2005 2006 2007 مجموع الطلبات بالنفقة 64492 55471 53795 الطلبات المحكومة 44587 37836 36279 نسبة تغير مجموع الطلبات _ %13.99- %3.02- نسبة تغير الطلبات المحكومة _ %15.14- %4.12- يظهر لنا من خلال هذه المعطيات بأن إجمالي الطلبات المتعلقة بالنفقة في تراع طفيف نسبيا بحيث أن في سنة2006 كان عدد الطلبات 64492 ليصبح في سنة 2007 عدد الطلبات 53795 أي في غضون ثلاث سنوات تراجع ب10697 طلب، ويمكن أن نشير إلى أن هذا التراجع يعتبر مهما خاصة وأنه حصل في مدة وجيزة.ج-بلة طلاق في كل سنة، وفي الأربع ب-أ- حالات التطليق من (2004 إلى 2009):6 (2004 إلى 2008) السنوات 2004 2005 2006 2007 2008 العدد 7213 9983 14791 21328 27441 نسبة التغير _ %38.40 %48.16 %44.20 %28.66 إذ كانت مدونة الأسرة قد نجحت نسبيا في التخفيف من حالات الطلاق فإنها لم تنجح في التخفيف من معدلات التطليق، بل ازدادت في غضون خمس سنوات ب20228 حالة تطليق أي بنسبة 280.43 في المئة، ومن هنا يظهر لنا عجز المدونة على مسايرة الواقع الفعلي لحالات التطليق التي تعرف تزايدا مهما بين كل سنة وأخرى، وهنا تطرح مسألة مدى فاعلية المدونة بعد التحول الجذري لمعدلات التطليق ونسبها خصوصا وأن المدونة لازالت لم تقض إلا خمس سنوات من أول تطبيق لها على أرض الواقع مما يتطلب ويحتم علينا تعديلا يتم بموجبه رفع فاعلية المدونة لملاءمة ومسايرة الوضع بدرجة من التي عليه الآن. ب-ب-1 زواج القاصرين:7 2006 2007 الطلبات المسجلة 30312 38710 الطلبات المقبولة 26919 %88.81 33596 %86.79 الطلبات المرفوضة 3064 %10.11 4151 %10.72 الطلبات المتنازل عنها 329 %1.09 963 %2.49 طلبات الذكور 743 %2.45 379 %0.98 طلبات الإناث 29569 %97.55 38331 %99.02 طلبات القاطنين بالبادية 13505 %44.55 20324 %52.50 طلبات القاطنين بالمدينة 16807 %55.45 18386 %47.50 طلبات المشتغلين 415 %1.37 598 %1.54 طلبات من هم بدون مهنة 29897 %98.63 38112 %98.46 ب-ب-2 عدد طلبات القاصرين بالنظر إلى تاريخ إزديادهم:8 تاريخ إزدياد الطالبين المجموع 1988 1989 1990 1991 1992 1993 2006 العدد 7001 13345 7305 2499 162 _ 30312 النسبة %23.10 %44.03 %24.10 %8.24 %0.53 _ %100 2007 العدد _ _ 25767 9865 2730 348 38710 النسبة _ _ %66.56 %25.48 %7.05 %0.90 %100 من خلال هذه المعطيات الإحصائية يظهر لنا بخصوص حالات زواج القاصرين المسجلة أنه في سنة 2006 كان عدد الطلبات المسجلة 30312 متوزعة بين طلبات مقبولة التي تمثل 26919 بنسبة 88.81 في المئة من إجمالي الحالات المسجلة، وطلبات مرفوضة 3064 طلب بنسبة 10.11 في المئة، وطلبات متنازل عنها 329 بنسبة 1.09 في المئة. وقد انقسم إجمالي الطلبات إلى طلبات مقدمة من طرف الإناث التي تمثل 29569 بنسبة 97.55 في المئة، وطلبات مقدمة من طرف الذكور 743 بنسبة 2.45 في المئة، ومن بين الطلبات هناك طالبين من البادية ويمثلون 13505 طلب بنسبة 44.55 في المئة، وطالبين من المدينة 16807 بنسبة 55.45 في المئة. أما في سنة 2007 فإجمالي طلبات زواج القاصرين هو 38710 منقسم بدورها إلى طلبات مقبولة 33596 طلب بنسبة 86.79 في المئة، وطلبات مرفوضة 4151طلب بنسبة 10.72 في المئة، وطلبات متنازل عنها 963 بنسبة 2.49 في المئة.أما الطلبات المقدمة من طرف الإناث فهي 38331 طلب بنسبة 99.02 في المئة، وطلبات مقدمة من طرف الذكور 379 بنسبة 0.98 في المئة. أما الطالبين من البادية فيمثلون 20324 طلب بنسبة 52.50 في المئة، والطالبين من المدينة 18386 بنسبة 47.50 في المئة. من هذه المعطيات الإحصائية يظهر لنا بخصوص حالات زواج القاصرين المسجلة أنه في سنة 2006 كان عدد الحالات المسجلة 30312 حالة ليزداد المعدل في سنة 2007 ويصل إلى 38710 حالة، وبالتالي نجد أن الفارق في غضون سنة واحدة هو 8398 حالة زواج بنسبة تغير 27.70 في المئة، كما أن غالبية هذه الطلبات تقدم من طرف الإناث بحيث أنه في سنة 2006 قدمت 29569 من أصل الإجمالي 30312 بنسبة 97.55 في المئة، وفي سنة 2007 قدمت 38331 طلب بنسبة 99.02 في المئة من الإجمالي 38710 طلب بنسبة تغير عن سنة 2006 ما مجموعه 29.63 في المئة، ومن هنا يمكن أن نؤكد على تزايد نسبة زواج الإناث القاصرات، إضافة إلى الإرتفاع المهول لمعدل الطالبين الذين لا يتوفرون على عمل مقارنة مع من يشتغلون بحيث أنه في سنة 2006 كان عدد من لا عمل لهم 29897 بنسبة 98.63 في المئة في المقابل 415 طالب هم من يشتغلون أي بنسبة 1.37 في المئة،أما في سنة 2007 فعدد الذين لا يتوفرون على عمل فقد ازداد ليصل إلى 38112 بنسبة 98.46 في المئة، في حين أن الذين يعملون 598 بنسبة لا تزيد عن 1.54 في المئة، وبالمقارنة مع سنة 2006 فإن الذين لا عمل لهم يمثلون نسبة تغير 27.47 في المئة وهنا يكمن التحدي الحقيقي مع تزايد ومعدلات من لا يعملون. نستنتج مما سبق أن مدونة الأسرة استطاعت التخفيف من المنحنى التصاعدي لحالات الطلاق والتخفيف نسبيا من حالات الطلب بالنفقة في ظرف ثلاث سنوات، وهذا لا يعني بأنها قد خففت من معظم الظواهر الأسرية بل إنها لم تستطيع مواكبة التغيرات التي تشهدها الأسرة بخصوص حالات المطالبة بزواج القاصرين التي تتزايد سنة بعد أخرى، وكذلك الأمر بالنسبة لمسألة التطليق الذي عرف تطورا جذريا في السنوات الخمس بعد أول تطبيق للمدونة،ومن هنا تطرح إشكالية عجز المدونة على معالجة بعد القضايا المترتبة عن الأسرة مما يتطلب الأمر تعديلا جزئيا في بعض مواد مدونة الأسرة. المراجع المعتمدة: 1_ التنشئة الاجتماعية والهوية مصطفى حدية طبعة 1990 منشورات كلية اللآداب والعلوم الإنسانية ص 131. 2_الأسرة المغربية ثوابت ومتغيرات كنزة المراني ص 129 و 130. 3_http://droitplus.net/index.php?option=com_content&view=article&id=105:-2006&catid=34:2009-01-13-14-35-46&Itemid=27 for pdf 4_ نفس المرجعstatisitque2007و www.sAeed.com 5_نفس المرجع 6_مديرية الدراسات والتعاون والتحديث _قسم الدراسات والتشريع عنjustuce.gov.ma 7_ http://www.droitplus.net/images/2007stat.pdf 8_ a href="http://www.droitplus.net/images/2007stat et http://nesasy.org/content/view/1116/101/1/3/a" target="_blank"www.droitplus.net/images/2007stat et http://nesasy.org/content/view/1116/101/1/3/a يونس بن الزحاف شعبة علم الإجتماع كلية الحسن الثاني للآداب والعلوم الإنسانية 0615702653tel zoyouess1990_(at)_hotmail.com benzehaf_(at)_gmail.com