تحتفل دول العالم في 10 من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي لحقوق الإنسان حيث عرفت منظمة الأممالمتحدة حقوق الإنسان باعتبار الحقوق المتأصلة في طبيعتها والتي بدونها يستحيل علينا أن نحيا كبشر. وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/12/1948م، في قصر شايو في باريس، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وإنشاء الأممالمتحدة حيث تعهد المجتمع الدولي بعدم السماح بوقوع ضحايا (خلفت الحرب العالمية الثانية مئات الآلاف من الضحايا ). كما تتعهد الحكومات، بعد التصديق على معاهدات حقوق الإنسان الدولية، بوضع تدابير وتشريعات محلية تنم بالاتفاق مع التزامها وواجباتها التعاقدية، ومن ثم فإن النظام القانوني المحلي يوفر الحماية القانونية الأساسية لحقوق الإنسان المكفولة في إطار القانون الدولي. حقوق الإنسان في الإسلام تقوم العقيدة الإسلامية على مبدأ وحدة الجنس البشري. وإن اختلاف البشر في الألوان أو الأعراق أو الأعمار إنما يهدف إلى إعمار الأرض في إطار التعايش والتكامل. وتتضح هذه الحقائق من خلال الكتاب والسنة مصدرًا العقيدة الإسلامية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير (أية 13سورة الحجرات)، (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ) (آية 22 سورة الروم). وذلك من خلال تكريم الإنسان بما يمكنه من القيام بدوره في المجتمع وتحقيق تقدم المجتمع وازدهاره ورقي الفرد. ومن أهم حقوق الإنسان في الإسلام الحرية والمساواة والأمن وحرية التنقل وحرية الفكر، كما أن هناك حقوق اجتماعية وهي حق الآباء وحق الأبناء وحق الزوجين وحقوق الأقارب والمساكين والفقراء، وكذلك حقوق غير المسلمين سواء الذين يعيشون في بلاد المسلمين أو خارجها. المغرب عام 1777 يعتبر سيدي محمد بن عبدالله ( الثالث ) سلطان العلماء وعالم السلاطين والذي حكم المغرب سنة 1757م أول من طالب بإلغاء الرق بين المسلمين والمسيحيين وذلك عام 1777م وقد وقع إتفاقية بذلك مع ملك فرنسا لويس السادس عشر، كما يعتبر السلطان محمد الثالث بن عبدالله أول رئيس دولة عربية وإسلامية تعترف بالولايات المتحدة عام 1768م . المملكة المغربية نموذجا في الوقت الذي تمر فيه غالبية الدول العربية بمراحل انتقالية في غاية الصعوبة، حيث يستحق المواطن العربي العيش في بيئة خالية من الصراعات، والتي تؤثر على تقدم المجتمع العربي وازدهاره، يعد المغرب نموذجًا بالمنطقة العربية في مجال حقوق الإنسان. وذلك خلال التحول الديمقراطي بتنفيذ الإرادة الشعبية من خلال انتخابات نزيهة، حيث قام المغرب بتدعيم المكتسبات التي حققها في مجال حقوق الإنسان والحريات منذ التسعينات والجهود المبذولة لتطويرها وتعزيزها على المستوى الدستوري التشريعي والمؤسساتي، وذلك عبر استحداث مؤسسات تعني بحقوق الإنسان؛ كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهيئة الإنصاف والمصالحة، وكذلك إصلاح منظومة العدالة، ودعم جمعيات المجتمع المدني، ومكافحة جميع أشكال التمييز. وقد حظيت تجربة المملكة المغربية في مجال العدالة الانتقالية وعمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان باهتمام كبير من المشاركين في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان الأول الذي انعقد في برازليا خلال الفترة 10-13 ديسمبر 2013م خاصة عمل هيئة الإنصاف والمصالحة ومسلسل جبر الضرر وتسوية ملفات الماضي، حيث عبر المشاركون في المنتدى الأول عن إعجابهم بعمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومكانته داخل المشهد المؤسساتي الوطني والسمعة التي بات يحظى بها على المستوى الدولي من خلال تقاريره الموضوعاتية ومذكراته ومشاريعه. هيئة الإنصاف والمصالحة أسست هيئة الإنصاف والمصالحة في 7 يناير 2004م لتكون أداة فعالة للبحث عن الحقيقة في ملفات انتهاكات حقوق الإنسان وإنصاف الضحايا من خلال جبر الضرر ورد الاعتبار لهم. حيث تعتبر تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة تجربة مغربية رائدة فتحت آفاقًا جديدة للعدالة الانتقالية وذلك من خلال تجنب أخطاء الماضي من خلال أنصاف كل ذي حق حقه والمصالحة مع النفس والمجتمع والدولة أي التصالح مع زمن مضى وعدم تكرار ما حصل في الوقت الحالي وتحصين المستقبل من خلال دعم مشروع إصلاحي سياسي ديمقراطي. المجلس الوطني لحقوق الإنسان المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة دستورية استحدثت في الأول من مارس 2011م وفق مقتضيات الفصل 161 من الدستور الحالي للمملكة المغربية. وهو مؤسسة معتمدة من قبل لجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية التابعة للأمم المتحدة بموجب [مبادئ باريس] التي اعتمدتها الجمعية العام للأمم المتحدة 1993م. كما تتميز تشكيلة أعضاء المجلس بتنوعها وتعدديها حيث تحصل النساء على ما نسبة 46% من الأعضاء كما يضم المجلس بالإضافة إلى البرلمانيين، أساتذة جامعيين، وممثلي جمعيات ونقابات وصحفيين وخبراء مغاربة من منظومة حقوق الإنسان لهيئة الأممالمتحدة. إن ما راكمه المغرب من تجربة في مجال حقوق الإنسان أهله ليتم إنتخابه ليصبح عضوا نشيطا بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وليحتضن المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في مراكش مابين 27 و30 نوفمبر الحالي، وما هذه إلا مؤشرات تدل على ريادة المغرب والتزاماته الدولية في صيانة وحماية حقوق الإنسان.