♦ ملخص السؤال: سيدة متزوجة من رجل لا تريد العيش معه، تعبَت بسبب مطالبه المستمرة، وتقصيره في النفقة، واهتمامه براحة أهله على حسابها، حتى لو كانت مريضة.
♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تزوجتُ مِن سنة وبضعة أشهر، وعِشْتُ مع أهل زوجي في جناح خاصٍّ بنا، الكُلُّ يشْهَدُ بأخلاق زوجي ويثني عليه. المشكلةُ التي أُعاني منها هي أهل زوجي، فلم أنَلْ سعادةً في (شهر العسل)، ولم أرتحْ كبقية المتزوِّجات، فمِن أول أسبوع بدأ شغل البيت، مع انشغال زوجي وخروجه المستمر، وعدم رؤيتي له إلا وقت الطعام أو النوم، ناقشتُه في ذلك، وأني أجلس وحدي بلا أنيس، لكن ظلَّ الحال كما هو عليه، ولم يستجبْ. حياتُنا كانتْ تسير على روتين مُمِلٍّ جدًّا، حتى تعبتُ في البداية، وتزامَنَ ذلك مع مرَض حماتي، ووصولها إلى مرض الموت، لكن الحمد لله خرجتْ بعافيةٍ، إلا أنه تضرَّر سمعُها وكذلك نُطقُها. جلستْ عندي لأقومَ بأمورها وخدمتها، وتعبتُ مِن طلباتها المتكرِّرة، وكنتُ أُصَبِّر نفسي؛ عسى الله أن يرزقني الأجرَ، لكن المشكلة أن لديها بنات، ولا يخدمها أحدٌ منهنَّ، فلِمَ أقوم أنا بخدمتها وحدي دون بناتها؟ وصل بي الحال أني أُقَصِّر مع أمي بشكل كبير بسبب حماتي، وزوجي مِن النوع الذي لا يرضى بأن يتكلَّمَ أحدٌ عن أهله. بل ازداد الأمر سوءًا؛ فأخواتُ زوجي يأتين للمبيت عندي عند حدوث مشكلةٍ بين إحداهنَّ وزوجِها، فلا أملك خصوصيات في بيتي، ولا بد وقت الزيارة والمبيت من أن أقومَ أنا بالإنفاق عليهنَّ وأولادهنَّ، زاد على ذلك تقصير زوجي معي في النواحي الأخرى؛ الجسدية والمعنوية، مع كثرة انتقاداته لي، مع أنَّ الكلَّ يشْهَدُ لي بنظافة بيتي، واهتمامي بنفسي وبه، وكتماني لأسرار البيت. أراد أن يحرمني من زيارة أختي عندما ذهبتُ لزيارتها، وأمرني بالرجوع من أجْل أمِّه، والعناية بها، لكني انفجرتُ في البكاء، وأخبرتُه بأني غير مُلزَمة بذلك، وأنَّ له أخوات يجب عليهنَّ زيارة أمهنَّ، ولستُ وحدي مَن يتحمَّل المسؤولية. لا أريد العيش معه، فلا توجد خَصلة واحدة حسنةٌ فيه، لا يرحمني، مطالبُه مستمرةٌ ولا تنتهي، يهتم براحة أهله على حسابي، حتى لو كنتُ متعبةً مريضةً، يُقَصِّر معي في النفقات، والنواحي الأخرى، وهو دائم السفر، مُهمل لصلاته. أشيروا عليَّ ماذا أفعل؟ هل أطلب الطلاق؟ الجواب
الأخت الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أهلًا ومرحبًا بك في شبكة الألوكة، سدَّد الله خُطاكِ، وأَمَدَّك بالقوة والعافية. سُئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: هل لأمِّ الزوج حقٌّ على الزوجة؟ فأجاب: "لا، أمُّ الزوج ليس لها حقٌّ واجبٌ على الزوجة بالنسبة للخدمة؛ لكن لها حقٌّ مِن المعروف والإحسان، وهذا مما يجلب مَودَّة الزوج لزوجته، أن تراعيَ أمَّه في مَصالحها، وتخدمَها في الأمرِ اليسير، وأن تَزُورَها مِن حينٍ لآخر، وأن تستشيرَها في بعضِ الأمور.
وأما وجوبُ الخِدمة فلا تجبْ؛ لأنَّ المعاشَرة بالمعروف تكون بين الزوج والزوجة.
وعلى الزوج أن يتقيَ الله في زوجته، ولا يطلُب منها ما لا يلزمها شرعًا، وعليه أن يعلمَ أن لا طاعة لها عليه لو أمَرَها بخدمة أهله، وليس له أن يربطَ علاقته بزوجته بعلاقتها بأهله؛ فالزوجةُ سيدة عند زوجها، وليستْ خادمةً؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي))".
هذا هو الأصلُ، فليس مِن واجبك خدمةُ أهله وأمه، وليس له إلزامك بهذا، ومِن واجب أخوات زوجك رعايةُ أمهنَّ، والإشراف على صحتها وخدمتها فيما تحتاج، ولأني لا أعرف ما يمنعهنَّ مِن الإحسان لوالدتهنَّ الكريمة، سأفترض أنَّ عند كل واحدة منهنَّ زوجًا، ولها ظروفها الخاصة التي تمنعها مِن البقاء بجانب والدتها؛ وليس هناك غيرُ زوجة الابن التي هي بمثابة الابنة، وأنتِ سوف تنالين الأجرَ مِن الله - عز وجل - وهُنَّ مُفَرِّطات خاسراتٌ لهذا الأجْر.
الزوجةُ الصالحة تحرص على كسْبِ قلب زوجها، وودِّه برضا أهله، وتصبر على ذلك، ووالدةُ زوجك في مقام والدتك، والإحسانُ إليها يجلب السعادة لك ولزوجك ولجميع أفراد الأسرة، ولا يدري الإنسانُ ماذا يحدُث له في مستقبل الأيام، فقد يأتي زمانٌ تحتاجين فيه لخدمة زوجات أبنائك، فاحتسبي خدمتها عند الله عزَّ وجلَّ.
زوجُك بارٌّ بأهله، ولا يقوَى على التفريط في حاجاتهم، وهو مُلْزَمٌ طبعًا بالإنفاق عليك، وإعطائك كامل حقوقك الجسدية والنفسية والمالية، ويبدو لي أنَّ سببًا ما يدعوه للتقصير في حقك، فخُذيه برِفْقٍ وحبٍّ - حبيبتي - وحاولي احتواءه، ولا تتصرفي دون إشعاره أو أخْذ إذنه؛ فلا يجوز أن تُقَرِّري المبيت عند أهلك دون علمه؛ لأنَّ حقَّ زوجك عليك أكبر مِن شوقك إلى أهلك، وإن كنتُ أُقَدِّر مَشاعرك واشتياقك إلى لقاء أهلك.
داوِمي على الاستغفارِ ليجعل الله لك مِن كلِّ هَمٍّ فَرَجًا، ومِن كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وتَوَجَّهي إلى مَوْلاكِ العظيم بالدعاء والابتهال ليرزقك رقةَ قلب زوجك، وكمال إحسانه إليك.