♦ ملخص السؤال: فتاة تزوجتْ وهي صغيرة رغمًا عنها ولديها طفلٌ، وتريد الطلاق لسوء زوجها، ولحبها لشابٍّ آخر تعرفتْ إليه عن طريق الإنترنت وينتظر طلاقها.
♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاةٌ مُتزوِّجة، أرغمتُ على الزواج من زوجي، ولم أكن مُوافِقَة عليه، أرْغَمَتْنِي أمي عليه، ووافقتُ إرضاءً لها، ورغبةً في التجْرِبة، كنتُ وقتها في عمر 16 عامًا، لم أكن راغبة فيه حتى بعد العقد، لكني كنتُ أُفَكِّر مثلَ أمي؛ ماذا سيقول الناس عني إذا فسختُ عقد الزواج؟ وكلي أملٌ في أن يكونَ هناك تغيير مستقبليٌّ. تزَوَّجْتُ وكان يُعاشرني بطريقةٍ حيوانيةٍ، ثم حملتُ وحصلتْ مشكلات كثيرة جعلتني أطلب الطلاق مرات ومرات، لكن في كل مرة يرفض الأهل الطلاق، وأعود لبيتي. كلما مرت الأيام ازدادت المشكلات بيننا؛ إهمال لمشاعري، وقلة للمُعاشرة الجنسية، حتى تأكدت من أنه مدمنٌ للعادة السرية، ويشرب الخمر، وتأكدتُ مِن معاشرته لامرأةٍ أخرى، وتناوُله المشروبات بشكل ملحوظ، وتأخره خارج المنزل للصباح؛ طلبتُ الطلاق مِرارًا، لكن لا حياةَ لمن تُنادي. تعرفتُ إلى شابٍّ عن طريق الإنترنت، وأحببتُه وأحبَّني، ويريدني في الحلال، وأنا أفكر الآن تفكيرًا جديًّا في الانفصال لأتزوجه. عشتُ مع زوجي 8 سنوات، جربت فيها جميع وسائل الإصلاح والتغيير، لكنها لم تُسفر عن شيءٍ، ولا يُصلح حاله، بل كل يوم يسوء عن اليوم الذي قبله. الآن لأن أهلي يرفضون الطلاق أريد أن أضعهم أمام الأمر الواقع وأذهب إليهم وأنا مُطَلَّقة، فهل معي الحق في أن أضعَ أهلي أمام الأمر الواقع أو لا؟ وما رأيكم في الحب الثاني الذي ظهر فجأة ويريدني في الحلال؟ الجواب
أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أهلًا ومرحبًا بك في شبكة الألوكة، شرع الله الطلاقَ حين تستحيلَ العِشْرَةُ بين الزوجين، وقد ذكرت أن زوجك سيئ الخِصال والعشرة، فهل عدمتِ تمامًا وسيلةَ إصلاحه؟ وهل نعالج الخطأ بخطأ آخر؟
ولو اتفقنا على أنَّ الطلاق هو الحل الأنسب في حالتك؛ لأن الطلاق حلال؛ فهل حلال أن تقيمي علاقة ذهنية، وأن ترتبطي بمشاعرَ قلبيةٍ مع رجلٍ آخر، وأنتِ على ذمةِ زوجك؟
ما فعلتِه هو الحرام الصريح، لا يُبَرِّره كون الزوج سيئًا، فللزواج حُرمةٌ أختي الحبيبة.
هل تعتقدين أنَّ الآخر الذي وقعتِ في حبه صالح وصادق فيما وعَد؟ فكيف يتحدث معك وهو على علم بأنك على ذِمَّة رجل؟!
وإن كانتْ علاقتك بزوجك سيئة، فهذا لا يُبيح للآخر الغريب أن يتحدَّثَ إليك، وأن تتحدثي إليه، وأن تُفضيا لبعضكما بالمشاعر، فلو أنه رجلٌ صالح لما تحدَّث مع متزوجةٍ، وهل تُصدقين أنه سيرتبط بك بعد الطلاق؟
وهل لجأتِ إلى أحدٍ ممن تثقين بهم مِن أهل العلم والفضل ليُساعدك في علاج مشكلتك؟ يقول الله تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35].
ورد في تفسير هذه الآية لابن كثير: "قال الفقهاءُ: إذا وقع الشِّقاقُ بين الزوجين أسكنهما الحاكمُ إلى جنب ثقة، ينظر في أمرهما، ويمنع الظالم منهما مِن الظلم، فإن تفاقَمَ أمرهما، وطالتْ خُصومتهما، بعث الحاكم ثقةً مِن أهل المرأة، وثقةً مِن قوم الرجل، ليجْتَمِعا فينظرا في أمرهما، ويفعلا ما فيه المصلحة، مما يريانه مِن التفريق أو التوفيق، وتشوف الشارع إلى التوفيق؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ﴾.
فهل لجأتِ إلى الله تعالى، فارجِ الهَمِّ، كاشفِ الغمِّ؛ ليُذهب عنك ما أنت فيه مِن بُؤس وألمٍ؟
وإذا لم تُجْدِ كلُّ الوسائل نفعًا، فارفعي أمرك إلى المحكمة الشرعية؛ ليتولَّى القاضي أمرَ طلاقك مِن هذا الرجل؛ أما الآخر الذي أوْهَمَك بالحب لحظةَ ضعفك، فثقي أنه سينسحب عندما يعلم بطلاقك.
داوِمي على الذِّكْر والاستغفار، قدِّمي صدقةً خفِيَّةً، انوي فيها تفريج الكرْب وصلاح الحال، واسألي الله أن يهدي زوجك ويرزقك طريق الرشاد.
أصلحي ما بينك وبين الله يُصلح الله ما بينك وبين الخلْق كوني مع الله يكن الله معك