صعدت الهيئات المساندة لجبهة البوليساريو، الداعية إلى انفصال الصحراء، لهجة انتقادها للمغرب على خلفية تعاطيه مع ملف المدعوة أمينة حيدر، التي أنهت إضرابها المزعوم عن الطعام وعادت ليلة الخميس الجمعة إلى مدينة العيون المغربية . وشرّعت الجهات ذاتها في ترويج إشاعات عدّة ضد المغرب مفادها أن حيدر في وضعية غير آمنة وأنها تخشى على حياتها، على الرغم من أن السلطات المغربية استقبلتها بشكل عادي وهادئ ووضعت رهن إشارتها في المطار سيارة إسعاف لحملها إلى مسكنها، لكنها رفضت ركوبها، واضعة الثقة في الطبيب الإسباني الذي رافقها من جزر الأرخبيل الكناري، الذي لا يزال برفقتها بمدينة العيون، ومنها صرح للصحافة بأن الناشطة يلزمها، كما قال، شهران على الأقل لترتاح من المتاعب الصحية التي اعترتها جراء الإضراب عن الطعام، لتعود بعدها لإستئناف ما أسمته "كفاحها" من أجل إستقلال الصحراء. الرباط: ذهبت إحدى الجمعيات المساندة لحيدر في الأرخبيل الكناري، إلى المطالبة بأن تشرف هيئات دولية أو الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي على ضمان أمنها وسلامتها، في العيون، ما يعني أن الجمعيات المذكورة تريد أن تفتح معركة جديدة مع السلطات المغربية، التي اشترطت لعودة حيدر أن تبقى القوانين المغربية سارية المفعول في المحافظات الصحراوية على سائر المواطنين ومن دون استثناء، بناء على اتفاق ثلاثي بين الرباطومدريد وباريس، وهي العواصم التي نشرت بيانًا متشابهًا بهذا الخصوص قبل إقلاع حيدر من مطار "لانثاروتي " تنفيذًا للشرط، مقابل السماح بعودة الناشطة الصحراوية. وكانت حيدر، قد أطلقت شرارة التصعيد الأولى، قبل ركوب الطائرة التي حملتها إلى العيون، حين صرحت بأن اتفاق إرجاعها إلى مدينتها، يعتبر " انتصارًا للقانون الدولي ونصرًا للشعب الصحراوي " على حد قول هذه العميلة لخصوم وحدتنا الترابية ثم كرّرت تصريحات مشابهة في العيون، مؤكدة أنها لن توقف كفاحها من أجل الأهداف ذاتها التي تناضل من أجلها، أي استقلال الصحراء. ولوحظ أن الإعلام الإسباني الحكومي والخاص أوفد مندوبون عنه إلى "العيون" للمرابطة بمسكن حيدر وموافاة القراء والمشاهدين ومستمعي الإذاعات، بالتفاصيل الصغيرة بشكل لا يخلو من المبالغة في تصوير الأجواء الأمنية المحيطة بمسكنها. وحمل الإعلام الإسباني على المغرب مشككا في قانونية اتفاق مدريد الثلاثي عام 1975 الذي استعاد المغرب وموريتانيا بموجبه المحافظات التي كانت خاضعة للإدارة الإسبانية، كما روجت بعض المنابر أن المغرب دخل الصحراء عسكريا، إثر تنظيم المسيرة الخضراء ووجهت تلك الصحف اللوم الشديد لإسبانيا لأنها انسحبت من الصحراء، مضيفة أنها تعتبرها لحد الآن مناطق تابعة للتراب الإسباني. واستغل الإعلام الإسباني موقف حكومة بلاده، سواء من ملف الناشطة حيدر، أو من مجمل ملف نزاع الصحراء برمته. فبعد التصويت في البرلمان يوم الأربعاء الماضي على ملتمس، من بين ما دعا إليه تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء، أقدمت الخارجية الإسبانية من جهتها على ما يشبه التراجع عن بيانها المتفق على فحواه بين باريس والرباط، فقد فسّرت ما ورد فيه من نص على وجوب احترام القوانين المغربية من طرف الناشطة الصحراوية، على كونه مجرد ملاحظة، الذي لا يحمل أي مدلول قانوني ملزم. ولم تقنع التوضيحات التراجعية لمدريد، جبهة البوليساريو، التي اتهمت إسبانيا بعقد صفقة أو مساومة مع المغرب، ولم تتورع الناشطة حيدر في توجيه الاتهامات الثقيلة للحكومة الاشتراكية. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن وزير الخارجية ميغل أنخيل موراتينوس، هو الذي أخبر شخصيًّا، حيدر، بالإتفاق الثلاثي المتعلق بعودتها، وبعث لها رسالة بالإيميل جاء نصها تقرير نشرته جريدة "الباييس". يقول رئيس الدبلوماسية الإسبانية مخاطبًا حيدر،" يطيب لي أن أبلغك أن المفاوضات مع السلطات المغربية أفضت إلى نتيجة تدعو للارتياح، فقد أصبح بإمكانك امتطاء الطائرة نحو العيون، مع كافة ضمانات الإقلاع وعبور الحدود. ويجب أن تتواجدي على الطائرة الساعة التاسعة والنصف مساء بتوقيت" كنارياس" ليتم الإقلاع بمجرد التأكد من الشروط التقنية. أتمنى لك رحلة سعيدة". وبرأي الملاحظين، فإن أمينة حيدر، يمكنها أن ترتاح وتتجنب التصعيد مع السلطات المغربية، تحت ذريعة ضعف صحتها، ريثما تنجلي الأمور في ظرف شهرين، كما يخشى، أن تكرر بصورة أخرى ما بدأته في "لانثاروتي" مدفوعة بالجهات نفسها والأطراف التي حرضتها، ما ينذر بتطورات غير مرضية.