نفى مصطفى بكوري أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة إمكانية دخول حزبه إلى الحكومة المغربية في حالة إجراء أي تعديل في تشكيلتها الحالية، واصفاً ما يجري بين أحزاب الأغلبية بالشأن الداخلي.وكشف عن وجود اتصالات بين حزبه وبين قيادات من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، كما أفاد بأن لقاء جمعه مع حميد شباط والذي ينادي حاليا بتعديل وزاري في إطار الأغلبية الموجودة. ومن جهة أخرى، نفى بكوري وجود أية قنوات اتصال بين حزبه وبين جماعة 'العدل والإحسان' الإسلامية، نافياً أيضا ما راج عن إمكانية استقطاب شباب حركة '20 فبراير' التي تنزل من حين لآخر إلى الشوارع مطالبة بمحاربة الفساد والاستبداد.
في هذا الحوار تحاول استبيان تفاصيل الصراع الموجود بين حزب 'العدالة والتنمية' الذي يقود الحكومة وبين حزب 'الأصالة المعاصرة' الذي ساهم في تأسيسه فؤاد عالي الهمة مستشار العاهل المغربي. ' هل أنتم جادون في الدعوى التي رفعتموها ضد رئيس الحكومة؟ ' أود أن أعود شيئا ما إلى الوراء لأحكي لكم سياق الموضوع، وأبين سبب اتخاذنا لموقف من قضية مثل هذه، رغم أننا كنا ننأى بأنفسنا عن مناقشة مواضيع مثل هذه، فبالأحرى أن نتخذ منها موقفا ما. جاءت انتخابات 2011 التشريعية بعد حوالى ثلاث سنوات من ميلاد حزب الأصالة والمعاصرة، الذي جاء هو نفسه قبل سنة من الانتخابات الجماعية (البلدية) ل2009. والكل يعرف ظروف تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة وتفاعل المشهد السياسي معه بشكل كان مفاجئا حتى لأعضاء الحزب أنفسهم، خاصة وأن تأسيسه جاء بعد عدة مبادرات، ولاسيما حركة 'لكل الديمقراطيين' التي كنت ضمن أعضائها والتي منحتنا آفاقا لم نكن نضعها في الحسبان أكبر من الأفق الذي كنا نشتغل فيه، أي المساهمة في خلق نقاش فكري وسياسي وتحفيز النخبة على المساهمة في البناء وفي مواكبة التحديات المتوقعة، سواء على المستوى المحلي أو الجهوي أو العالمي. لقد كنا قلقين جدا من المؤشرات التي أفرزتها انتخابات 2007 التشريعية، وليس من نتائجها، ومن بين تلك المؤشرات: نسبة المشاركة وغياب الرؤية في كثير من المشاريع السياسية؛ وفي المقابل، كانت الأوراش الإصلاحية الكبرى على المستوى الرسمي قد انطلقت، وكانت الأوضاع الاقتصادية في وضعية لا بأس بها، مما كان يتطلب إبراز مبادرات جديدة. وكنا نرى وقتئذ أن المشهد السياسي يسير بإيقاع غير متلائم مع الانتظارات التي ينتظرها المواطنون. وإذا استمررنا على تلك الحالة فسنسقط في أزمة ولاسيما إذا تراجع الوضع الاقتصادي، وهو ما وقع فعلا. ظهور حزب الأصالة والمعاصرة أفرز ردود أفعال غير طبيعية لدى بعض الفاعلين السياسيين، تمثلت في محاولة ضربه وتوجيه الاتهام له عن غير حق وعن غير بينة بالقول إنه جاء للتحكم وفرض السيطرة. بينما منح آخرون ثقتهم في هذا الحزب الذي اعتبروه حاملا لرؤى وأطروحات سياسية جديدة. وحين جاء الحراك العربي، قرر الحزب عدم الدخول في مزايدات داخل المشهد السياسي المغربي، علماً بأن الوضع كان فيه ما يكفي من الغليان، وبالتالي لم تكن هناك حاجة لمزايدات جديدة. وحتى على الصعيد الداخلي للحزب، ظهرت وقتها مجموعة من النقاشات والرؤى. وكما أقول دائما، فحين تمرّ سنة على بناء البيت، تظهر بعض التصدعات، وهي طبيعية. أما حينما لا تظهر، فربما هنالك مشكل أعمق. إذن، اختلفت التصورات داخليا حول مستقبل الحزب وكيفية تفاعله مع الأوضاع وطبيعة المواقف التي ينبغي أن يتخذها. وبالتالي، وقع ركود ولم يعد يدافع الحزب عن نفسه بالطريقة الملائمة. وبالرغم من مرور الانتخابات (تشرين الثاني/نوفمبر 2011) التي مكنت الحزب من مرتبة جد مشرفة، ولكن موقف البعض من الحزب لم يتغير، وجاءت الحكومة ومرت شهور على تأسيسها، وكنا حقيقة لا نود عرقلة العمل، بل كنا نرغب في أن تنجح هذه التجربة في جانبها الديمقراطي. لكن، بعد مرور سنة، نجد رئيس الحكومة ووزراء آخرين معه ذوي مناصب مهمة في حزبهم يواصلون تعاملا غير طبيعي ضد حزبنا ويمارسون التغليط وفق ازدواجية بين الأدوار الحكومية والأدوار الحزبية، وكانت النقطة التي أفاضت الكأس ما وقع في البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين) فقلنا هذا منكر يجب التصدي له. أولا، لأن هذا الحزب يتوفر على متعاطفين معه في المغرب بأسره ولا يقبلون أن يحسوا بالغبن، ثانيا، نعتقد أن الشعب المغربي ملّ مثل تلك التصرفات، ومن ثم يجب أن نتوقف لتحليل مراميها، ونتخذ المبادرات التي تتيحها لنا جميع السبل المؤسساتية والقانونية، ومن ثم نمر مباشرة إلى نقاش جدي حول المشاريع السياسية لكي تمارس المعارضة عملها وتقوم الحكومة بعملها. وفي هذا الإطار، قمنا بتحليل لمعرفة ما يمكننا القيام به من الناحية القانونية والسياسية والإعلامية. لاحظنا أنه من غير المقبول بالنسبة للآخرين، استعمال قبّعتين في نفس الآن قبعة حكومية وأخرى حكومية، وتوجيه الاتهامات لنا بطريقة ضمنية أو صريحة والتلميح إلى أشياء خطيرة. مما يتطلب إجراء تحقيق لوضع حد نهائي لهذا المسار غير الصحيح. ونحن في هذه المرحلة، لا يمكننا نهج خيار آخر دون اللجوء إلى المؤسسات. نريد، في إطار هذا التوافق الوطني، أن يكون للمؤسسات دور أقوى في البناء الديمقراطي. لذلك، قررنا توجيه طلب للسيد وزير العدل في كل ما صدر من اتهامات في حقنا، وفي الوقت نفسه رفع شكاية ضد رئيس الحكومة، مطالبين بالإنصاف من الاتهامات التي وجهت إلينا ظلماً كهيئة وكأشخاص. وعلى المستوى الإعلامي، ما زلنا ندرس كيفية تمكيننا من حق الرد، لأن رئيس الحكومة حين يتحدث في البرلمان بصفته الحزبية نعتبر أنه لنا الحق في الرد عليه بنفس الطرق التي استعملها. خلال تحليلنا للمعطيات الراهنة، وجدنا فراغا قانونيا، فحين تضع شكاية ضد وزير في الحكومة كيفما كان نوعه، هناك مبدئيا مساطر وإجراءات لم تحدد بعد. ولذلك، سنتقدم بمقترح قانون خلال الأسبوعين المقبلين. ' ما هو المدى الذي تريدون الوصول إليه في هذه الدعوى؟ ' أعتقد أن هذا الموضوع امتحان للمسؤولين وللمؤسسات، وأتمنى ألا يطول كثيرا. سواء تم التحقيق أم لم يتم، المهم أن نثير الإشكاليات وأن لا يقتصر النقاش على أمور صغيرة، وإنما ينبغي أن ينصب حول مساءلة عمل المؤسسات والأدوار التي ينبغي أن تضطلع بها. إن البناء المؤسساتي يعدّ في مقدمة الأولويات التي نضعها نصب أعيننا والتي نعتبرها أساسية لبناء الديمقراطية، بجانب الأوراش الأخرى المتعلقة بتسيير الشأن العام. إنني أطلق على البناء المؤسساتي ورش الاستقرار الدستوري الذي يمكننا من ممارسة الندّية في السياسة. ' هل ترون أن هذه القوانين المتعلقة بالبناء المؤسساتي يتم انزالها ببطء؟ ' بالفعل، لأن السبعين بالمائة من المغاربة الذين صوتوا على الدستور الجديد، سيشعرون كما لو أنهم دخلوا عهدا جديدا عند إخراج القوانين والإجراءات الكفيلة بتفعيل للدستور إلى حيز الوجود، وعند الشروع في تطبيقها وممارستها. ومن ثم، فإن استعجالية إصدار القوانين وتنفيذها أمران متلازمان ولا مفر منها. تقول الحكومة إن القانون يمنحنا خمس سنوات لممارسة صلاحياتنا ونبدأ بالأولويات. وكما يعرف أهل السياسة في مختلف بقاع المعمور، فإن هناك أشياء إن لم تشرع في القيام بها كمسؤول حكومي فور تسلمك مهامك فإنك لن تقوم بها أبدا، لأن من صوتوا عليك كانت لديهم انتظارات، وإذا طالت تلك الانتظارات فإنهم يميلون بوجوههم عنك، بسبب فقدان الثقة فيك. ' ألا ترون أن الموقف من الحزب يرتبط لدى البعض بالموقف من مؤسسه فؤاد عالي الهمة الذي ينتمي إلى المحيط الملكي؟ ' هذا أمر غير مفهوم وغير منطقي. طبعا، لكل حزب مؤسسوه، وبعضهم توفي منذ مدة، فهل سيتعقب المرء خطاهم للحديث عن أحزابهم؟ لا. إن للسيد فؤاد عالي الهمة حالياً مساراً آخر، وهو يمارس مهامه في الإطار الذي يوجد فيه بنوع من الحيادية. وإنني متأكد أن السيد الهمة التقى خلال سنة عبد الإله بنكيران أكثر من مسؤولي الاحزاب الآخرى بعشرين مرة. ' إلى أي حد يمكن القول إن ابتعاد الهمة أدى إلى إضعاف حزب الأصالة والمعاصرة؟ ' أود التذكير بأن استقالة فؤاد عالي الهمة من الحزب تمت قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، ولم يُعيّن في منصبه الجديد إلا بعدها. وفي خضم النقاشات الصاخبة التي شهدها الحزب، اتخذ القرار بعقد مؤتمر استثنائي بعد الانتخابات كيفما كانت النتائج التي ستفرزها. لقد قرر أعضاء الحزب بأن يذهبوا إلى المؤتمر بالمشروع المحوري للحزب، المتمثل في تجديد النخب وخلق انسجام أكبر بينها وتحسين الأداء السياسي. بمعنى آخر، يحذونا طموح تكوين مشروع جيل، ولكي يتم ذلك فنحن مقتنعون بأن المشروع ينبغي أن يكون قويا ومُتَمَلّكاً من طرف حامليه والمؤمنين به. ومن ثم، فشيء طبيعي أن يمر الحزب بعدة مراحل. أما مسألة هل أضعف ابتعاد فؤاد عالي الهمة الحزب أم قوّاه فذلك موضوع غير مطروح أبداً. ' هناك قراءة رائجة تذهب إلى القول إن حزب الأصالة والمعاصرة لم يخلق للمعارضة وإنما لممارسة الحكم؟ ' هذه من بين المغالطات التي آسف لها كثيرا، لقد كنت حاضرا خلال النقاشات الأولى التي سبقت تأسيس الحزب، ولم تكن تلك الأمور واردة. ولكن المعادلة كانت قائمة على الاقتناع بوجود فراغ سياسي، أدى إلى عزوف عن الانتخابات والمشاركة السياسية عموماً لدى الكثير من المواطنين، وهي مسألة كانت تبعث على القلق. وكان السؤال المطروح منصباً حول ما إذا كانت الأحزاب السياسية الموجودة تتحمل نصيبا من المسؤولية عن ذلك العزوف، بمعنى أنها لا تقدم إجابات على انتظارات المواطنين وخاصة الشباب والنخبة. هذا هو السياق الذي جاء فيه حزب الأصالة والمعاصرة، بغض النظر عن ما هي الأحزاب الأخرى المعنية بذلك التقييم. طبعا، حينما تستلهم تطلعات المواطنين في صياغة أرضية الحزب ومشروعه، فإنك تجده يتعارض مع مشاريع أخرى لا تستحضر أفق الأجيال الجديدة وأفق الانفتاح الذي يسير فيه المغرب وهو يواجه تحديات كبيرة على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية، بدون إغفال الرصيد الذي تتوفر عليه البلاد. فنحن لا ننطلق من الصفر. وهذه من بين المؤاخذات التي نؤاخذ بها بعض الأحزاب، أي إنهم يستعيرون أطروحات من الخارج. ' يلاحظ أن حزبا برأس يساري وجسد يميني أو من يسمون بالأعيان، ألا يخلق هذا نوعا من الإرباك حول هوية الحزب ومساراته؟ ' صحيح أن هناك تنوعا في مختلف هياكل الحزب، لكن ليس بالحدة التي يوصف بها من الخارج، أي على المستوى الإعلامي أو على مستوى النقاشات العامة. إن ذلك التنوع هو في حد ذاته غنى. فحزب الأصالة والمعاصرة يحذوه طموح وطني كبير، موجه إلى كافة شرائح المجتمع. ونحن مقتنعون بأن يكون للحزب توجه عام، وفي داخله توجد تيارات، ولكن وجودها لا يعني بروز تناقضات. ونحن نلاحظ أنه حتى في عدد من الأحزاب الأوربية توجد تيارات. وهناك نقاش في بعض الأحزاب الفرنسية ينصب حول كيفية تحويل الإيديولوجيات لملاءمتها مع الواقع ومع انتظارات المجتمع. لقد مضى ذلك الزمن الذي كان فيه حزب ما يكتفي بالدفاع عن إيديولوجية محضة (شيوعية أو اشتراكية مثلا)، وحين يرغب في الحكم يود أن يحكم لوحده. الآن، لم يعد ذلك ممكنا. وفي حزبنا، نحن لم ننشئ التيارات المتعددة، بل إنها جاءت تلقائياً مع النشأة وقبلها، وبالتالي فشيء طبيعي أن توجد عدة تيارات، ولكنها تعمل داخل السقف الواحد. ' أنتم توجدون في المعارضة إلى جانب أحزاب أخرى، والملاحظ أن كل حزب يمارس معارضته بشكله الخاص في غياب أي تنسيق مع غيره من الأحزاب، ألا تفكرون في خلق جبهة موحدة لعملكم كمعارضة دون إلغاء خصوصية أي حزب؟ ' حتى أكون صريحا معكم، أقول إن هذا الأمر لم يكن ممكنا في البداية، أي بعد تشكيل الحكومة. خلال هذه المرحلة نظمنا مؤتمرنا، وكان أمام الأحزاب الأخرى الموجودة في المعارضة استحقاقات داخلية، فبقينا ننتظر، ولكننا كنا نحاول التنسيق فيما بيننا على الأقل على مستوى الفرق البرلمانية وفي بعض القضايا، وهو تنسيق جاء في خط تصاعدي. فإذا اقتصرنا في إطار ما تم منذ سنة إلى الآن، على مؤشرين: قانون المالية السابق وقانون المالية الحالي، سنرى كيف تعاملت معه فرق المعارضة، لقد تم التصويت في إطار موحد على خلاف ما جرى مع القانون الأول. والآن، فأحزاب المعارضة (باستثناء حزب الاتحاد الدستوري الذي لا يوجد أمامه استحقاق المؤتمر الوطني) انتقلت الآن إلى مرحلة الاستقرار الداخلي، مما يتيح إمكانية التنسيق الذي أعتبره ضروريا وواجبا. فكما نتحدث عن ضرورة وجود تنسيق بين أحزاب الأغلبية فينبغي وجود تنسيق بين المعارضة، وإلا وجدنا أنفسنا بين أغلبية قوية أكثر من اللازم ومعارضة مفرطة في نفسها، وهذا ما كانت تريده احزاب الحكومة وخاصة 'العدالة والتنمية' الوصول إليه، أي وجود معارضة مشتتة، وهو ما ليس في صالح الممارسة الديمقراطية. ' هل تعتقد أن أحزاب المعارضة الأخرى مستعدة للتكتل في إطار جبهة واحدة؟ ' سنناقش الموضوع بكل وضوح مع باقي مكونات المعارضة. إننا نهدف من المعارضة إلى إظهار ارتباك الحكومة في ممارستها للشأن العام ومحاسبتها على مدى التزامها بالبرامج التي تعهدت بها، وفي الوقت نفسه نهدف إلى إلى الدفاع عن المبادئ والقناعات التي نؤمن بها ونبلورها في أعمالنا ومطالبنا وملفاتنا؛ مما يتطلب تناغما تاما بين مختلف أطياف المعارضة، رغم أن أحزاب الأغلبية نفسها كما تلاحظون غير متناغمة مع نفسها. ' وصول إدريس لشكر إلى الكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يمكن دعم هذا الاتجاه نحو تشكيل جبهة موحدة للمعارضة؟ ' إننا نكن احتراما كبيرا للاتحاد الاشتراكي ولقيادته ولمناضليه، ونحن منذ مدة لدينا اتصال مع السيد عبد الواحد الراضي (الكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي) ومع باقي القيادات الأخرى التي كانت تتنافس على منصب رئاسة الحزب، فجميعهم كانوا يبدون حرصهم واستعدادهم لتعزيز التنسيق مع 'الأصالة والمعاصرة' في إطار المعارضة. والآن، بعد انتهاء المؤتمر، سننتظر أن يبت الاتحاد الاشتراكي في المسألة بكل موضوعية وثبات وبعيدا عن العواطف. ' ما يفعله حميد شباط (أمين عام حزب الاستقلال) حاليا داخل الأغلبية الحكومية (المطالبة بتعديل حكومي وإرباك حزب العدالة والتنمية)، هل يساعدكم كمعارضة؟ ' نعم، يساعدنا من ناحية أنّ ما كنا نتحدث عنه حول وجود اختلالات في الحكومة أصبحت تقال من داخلها. وضع تصدق عليه العبارة القرآنية 'وشهد شاهد من أهلها'. ولكن، بطبيعة الحال، نحن نأسف لهذا الوضع، فليس هذا هو ما كنا ننتظره من الحكومة، بمعنى أننا لا ننتظر منها أن تبحث عن مبررات، وإنما أن تعالج الاختلالات التي تشتكي منها؛ لكي ننتقل بدورنا إلى ممارسة المعارضة بمشاريع وليس معارضة الهفوات والاتهامات. ' ما رأيكم في الدعوة التي ينادي بها حميد شباط إلى تعديل حكومي؟ ' لقد التقيت حميد شباط، واستمعت إلى تحليلاته، وأعتقد أن ما يدعو إليه شيء موضوعي؛ فلديه ملاحظات حول الأداء الحكومي، وقبل ذلك حول المفاوضات التي سبقت تشكيل الحكومة، وينتقد غياب التوازن الذي كان ينبغي مراعاته في هذا الإطار. وفي كل الاحوال فإن مطلب حميد شباط بتعديل داخل الخريطة الحكومية الحالية، شأن داخلي للحكومي. أما هل سيكون هناك خروج لحزب ما من الحكومة ودخول آخر فذلك موضوع يتعلق بالأغلبية. ' هل تتوقعون أن تنضموا أنتم إلى الحكومة عند أي تعديل محتمل؟ ' بكل صراحة، لا. ' كيف ترون تموقع جماعة 'العدل والإحسان' الإسلامية في المشهد السياسي المغربي بعد رحيل زعيمها عبد السلام ياسين؟ ' أعتقد أن علينا انتظار ما ستسفر عنه الأمور داخل تلك الجماعة والتي تعرف هي الأخرى تيارات، تتوزع بين من يريد دخول اللعبة السياسية ومن لا يريد ذلك. وأكيد أن من سيتسلم المسؤولية سيوضح مسار هذه الجماعة وموقفها من هذه القضية. لننتظر مرور أربعينية الراحل عبد السلام ياسين. ' هل لديكم اتصال معهم؟ ' لا. ' هناك حديث عن إمكانية استقطاب تنظيمكم الشبابي لشباب '20 فبراير'؟ ' غير صحيح. ' ولكن أحد أعضائها الملتحق بكم حديثا تكلم عن هذا الموضوع؟ ' من حقه أن يتكلم، فذلك يدخل في الهامش المتاح لكل عضو. ولكن القرارات والبيانات الرسمية تصدر من الأجهزة المسؤولة بطريقة رسمية. ' لننتقل إلى المسألة الأمازيغية، كيف ترون تعامل الحكومة معها، بغض النظر عما نص عليه الدستور المتفق عليه؟ ' ينطبق عليه ما يلاحظ على القوانين التنظيمية الأخرى. هناك نوع من الاستخفاف. فبخلاف قوانين أخرى يسهل وضعها ثم الشروع في تطبيقها فورا، فإن المسألة الأمازيغية إطار ينبغي التحضير له من أجل تطبيقها على الوجه الأحسن. ومن ثم، ينبغي وجود توافق حول نظرتنا إلى واقع اللغة الأمازيغية، مع أن الكل مقر بضرورة الشروع في اعتمادها رسميا، ويتعين أن نوفر لها تقنينا مضبوطا لكيفية استعمالها بداية من البرلمان ومرورا بالإدارات العمومية وهكذا دواليك. حالياً، ليس ثمة أعمال ملموسة، ولكن الأمر مقتصر على مبادرات باهتة. مؤخرا، نظم مجلس المستشارين يوما دراسيا في الموضوع، وقد كانت تدخلات الحكومة مخيبة للآمال، وهو ما نأسف له. وأعتقد أن هذا الورش لن يتوقف ما دام قد بدأ فعلا. ونحن، في الحزب، نعتبره إلى جانب ورش الجهوية من الأوراش الأساسية. الأمازيغية جزء من هوية المغاربة، وينبغي أن تكون مصدرا إضافيا للوحدة، عوض أن تكون مبعثا على التشتت. ولذلك، نحذر من أن يؤدي استمرار التجاهل إلى خلق نوع من التشتت ربما نتيجة الشعور بالإقصاء والتهميش. ' تحاولون كحزب لعب دور في المصالحة الفلسطينية، كيف وقع ذلك؟ ' القضية الفلسطينية نموذج من القضايا التي تعوّد الكثير من المسؤولين الحزبيين بالمغرب التحدث حولها بأسلوب متشابه؛ في حين أننا نؤمن بأنه لا فائدة من تكرار ما يقال عن تلك القضايا إن لم نقدم إضافة نوعية وحقيقية. نحن داخل الحزب لدينا علاقات مع أطراف فلسطينية منذ مدة، كما أننا نبحث كيفية التعامل مع القضية الفلسطينية من خلال دفع الوعي الجمعي نحو فهم واقعها ومستجداتها وآفاقها، والتفكير في الإمكانيات التي نتوفر عليها داخل الحزب للمساهمة قدر الإمكانيات في معالجة ما يمكن معالجته، بدون المساس بمصالح القضية والشعب الفلسطيني، وأيضا بدون المساس بجميع المبادرات التي تسير في الطريق الصحيح، ومن ضمنها مبادرة الدولة المغربية. فهذا ليس موضوع مزايدات. حين بدأنا مسلسل المؤتمرات الجهوية للحزب، وبحكم الأهمية التي تكتسيها القضية الفلسطينية عندنا بجانب قضايا أخرى، دعونا في بعض مؤتمراتنا الجهوية وجوها فلسطينية، فحضروا بين ظهرانينا، وكانت الفرصة سانحة لتقديم كلمات توضح مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وأيضا للتباحث حول ما يمكن القيام به لفائدة الصف الفلسطيني. حضر مؤتمر طنجة قسام ابن مروان البرغوثي، وبعد أسبوعين حضر أشرف جمعة مؤتمر مكناس، وجاء المؤتمر بتزامن مع المسيرة التضامنية المغربية مع غزة، وكانت لنا مع أشرف جمعة لقاءات ومحادثات وحضرنا جميع تلك المسيرة، ووصلت الأخبار إلى أطراف أخرى كانت لنا معها اتصالات؛ مع الإشارة إلى أن ذلك جاء بعد المبادرة الملكية المتمثلة في إرسال قافلة طبية إلى غزة، وكانت ظروف التصويت على منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأممالمتحدة، حيث أعلننا عن دعمنا للترشيح. هذه الظروف كلها خلقت أجواء إيجابية جعلتنا في تحليلاتنا ومحادثاتنا نتحدث عن فكرة المصالحة. اعتبرنا أن المصالحة تبقى دائما شرطا، خاصة وأن الدول التي يمكن أن تساهم في القضية الفلسطينية وخاصة الدول الغربية حين لا تكون لديها رغبة أكيدة في الحال تتذرع بعدم وجود المصالحة. ولذلك، رأينا أن فرص المصالحة متوفرة أكثر من أي وقت مضى لوجود إمكانية ورغبة، فقمنا بالمبادرة، وحصل تجاوب، مما يمكن أن يؤدي إلى نتائج حسنة في بداية السنة المقبلة 2013 بإذن الله.