دفتر التحملات، ذاك العنوان الذي اتخذ له مكانا واسعا في الصحف والجرائد، والذي اضحى محورا لكثير من النقاشات الخاصة والعامة، شكل أرضية تلاقت فيها آراء جهات كثيرة، واختلفت بشأنه آراء أخرى، بل وأنها نابعة من قلب التكتل الحكومي، وما رأي حزب التقدم والاشتراكية الا مثالا لذلك. مضامين دفتر التحملات، تشير الى تغيير جذري، او هكذا أراه، داخل مشهد الإعلام السمعي البصري، الذي أضحى يقدم منتوجا يغضب منه الصغير قبل الكبر، فهذا المنتوج، لا يعبر حقيقة عن هموم الشعب ولا عن طبيعة تفكيره، فالغريب عنا قد يظن، بمشاهدته للقناة الثانيةمثلا، أن الشعب المغربي يقبل الرذيلة وتفسخ الاخلاق من خلال المسلسلات المدبلجة التي تساهم في تصلب أدمغة من لازال يتابع القناة الثانية، إن صح التعبير... أن يتم تقنين ما ستقدمه القناة، وتحديد النسبة المئوية لظهور مختلف الانتاجات على القناة العمومية أمر حسن، فبعدها على الأقل، لن نتذمر كثيرا من اللغة الفرنسية التي لا يفهمها الكثير من المغاربة، بل ستحدد لها نسبة معينة، ومقابل ذلك، فإن اللغتان العربية والأمازيغية 'الرسميتان في الدستور' ستجدان لهما مكانا في قلب الشاشة المغربية. باعتبار القناة الثانية قناة عامة، والشعب هو من يدفع تكاليف تسيير هذه القناة، فمن حق ممثلي هذا الشعب أن يفرضوا ما يرونه صحيحا وأحق بالاتباع داخل قناتهم هذه، فهي ليست ملكا لأحد، ولا يجب أن تكون إلا مرآة يرى فيها هذا الشعب وجهه ومعيشته، بل وثقافته التاريخية والدينية. وهنا لا بد للحكومة أن تبرز لنا تحكمها الفعلي في السلطة، باعتبار القناة الثانية خاضعة تماما لسلطة الحكومة المنتخبة. دفتر التحملات هذا، ومن خلال تتبعي له على الأقل، لا يوجد به شيء يدل على فرض إيديولوجية حزب العدالة والتنمية الإسلامي، وهذا يطرح أكثر من تساؤل، فهل المعارضين لهذا الطرح لهم حقا نية التغيير بدورهم أم أن الأجندات المملات عليهم لا تناسب ما تقدم به السيد الوزير مصطفى الخلفي؟ وإني لا أخاف إلا على شيء، وهو إعادة 'خياطة وتفصيل' دفتر التحملات إلى أن يصبح على مقاس المافيات المتحكمة في الاعلام العمومي بالمغرب، حيث ستفقد الحكومة مصداقيتها لدى الشعب حين يتم التطبيق ويغيب التغيير الجذري المأمول. شخصيا وإن لم أصوت في الانتخابات، إلا أنني أرى ان هذه الخطوة مباركة ويجب أن تلقى الدعم الكافي لنرى تطبيق دفتر التحملات فاتح شتنبر المقبل، فلا يجب أن نتعامل مع الجهة المقدمة للمشروع بقدر ما يجب أن ننظر لمضامينه، حيثياته وأهدافه، ولا أرى ما تقدم به السيد مصطفى الخلفي الا فيه صلاح للمشهد الإعلامي المغربي، ولا يخفى عليكم ما يشكل هذا القطب في صلاح أو فساد المجتمع.