السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لم أجد من أكتب إليه وأراسله من الجحيم الذي أعيش فيه سواك. سيدتي نور، عسى أن أجد عندك الحل لما يؤرقني ويعذب قلبي، فلا تبخلي علي بنصيحتك سيدتي، أنا طالب جامعي في العشرين من العمر أعجبت منذ وقت من الزمن بفتاة كانت تدرس معي، وأطلقت العنان لهذا الإعجاب إلى أن أصبح حبا حد النخاع. أحببتها لأنني رأيت فيها الفتاة الطاهرة العفيفة ذات الأخلاق اللازمة لأختارها كزوجة لي. لقد زاد حبي لها سيدتي لدرجة الجنون، تملكتني الغيرة، وساقتني إلى الجحيم، لدرجة أصبحت أترقبها خطوة خطوة. سيدتي، إنها حالتي منذ أن تسلل حبها إلى قلبي، والعدوانية هي طباعي حين لا أراها، فلم أعد أريد الحياة ولو لدقيقة واحدة بعيداً عنها، كل هذا وأنا أتعذب بمفردي، أكتم هذا الشعور في صدري، وحين تشجعت وصارحتها بحبي لها قالت إن الوصول إليها لن يكون إلا بخطبتها.. لكن كيف أخطبها وأنا لم أنهِ حتى دراستي الجامعية بعد، ثم أي والد يزوّج ابنه وهو طالب، وأي والد أيضاً يزوج ابنته لخاطب في حالة شاب المستقبل غير واضح أمامه. سيدتي، في الوقت الذي كنت أتمنى أن تتفهمني وأن تحبني صرت أخشى أن تكرهني، فأنا الآن أعيش جسدا بلا روح لأن الروح سالت مع الدمع أعلم أن الذنب ذنبي لأنني من أطلق العنان لقلبه، إلى أن دخلت في دوامة التيه والشجن، وهذه حالتي منذ عامين، وهذا حبي الذي يعذبني وهذه نيتي فبمَ تنصحيني؟ المعذب الرد: بني، أشكرك كثيراً على صراحتك، وعلى صدقك في طرح المشكلة، وأشكرك كذلك على صفاء سريرتك ونيتك المخلصة وتفهمك الفتاة وعدم ضغطها عليها أكثر.بني، إن تصرف الفتاة إن دل على شيء فإنما يدل على نبل أخلاقها وقوة مبادئها، وهذا أيضاً يدعم حكمك عليها وعلى رفعة أخلاقها، وهذا التصرف أنا أحترمه كثيراً فيها وأنت كذلك عليك أن تقدره، فالشرف والسمعة أعز ما تملك أي فتاة، وأنت أعلم أن هذا بالذات كالكأس إذا تكسر لن يصلح، ولها الحق بل كل الحق أن ترفض علاقة كهذه بالرغم من صدق نيتك، ومن جهتك أيضاً أحترم فيك كثيراً هذا المشاعر الصادقة والرقيقة، في زمن قل فيه الحب الطاهر، وتغلبت عليه حب المصالح والأهواء الشخصية ورغبات البشر، وهذا الأمر يجب أن يجعلك فخورا، لا ضعيفاً ومقهوراً، مستسلماً لأمر خارج عن نطاقك، ولا حول ولا قوة لك فيه، هوّن عليك يا بني، ولا تحمّل نفسك مسؤولية قلبك الذي لا ذنب له إلا أنه أحب بإخلاص وأراد أن يحب إلى الأبد.بني، أنصحك أن تشغل وقتك بالأولويات، اهتم بدراستك فهي بوابتك لتحقيق كل ما تحلم به وما تطمح إليه، بما في ذلك الحب والاستقرار مع من تحب، فالشهادة هي الطريق المعبد لنيل المطالب وتحصيل الأمنيات، الشهادة هي التي تمكنك من الحصول على منصب وتجعلك مرغوب فيك ومرحب بك في كل وقت، واعلم أن الأرزاق بيد الله، وما عليك أنت إلا الرضى والتوكل على الله، إن كانت الفتاة من نصيبك فليبارك لك الله، وإن لم تكن فاعلم أن هذا فيه خير لدينك ودنياك.