قال إدريس الأزمي، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، إن إصلاح صندوق المقاصة لا علاقة له بقانون المالية إلا من حيث الوقع المالي، مبينا في حوار مع يومية "أخبار اليوم المغربية" عدد يوم الثلاثاء 20 مارس 2012، أن هناك إصلاحات مرتبطة بأمور تنظيمية، عبر تقريب بعض الأثمنة من أسعار السوق أو إصلاحات تمس سلسلة الدعم، من حيث فعاليتها، لأن هناك إشكالية عدم استفادة المعنيين من الدعم. وفي ما يلي نص الحوار: لوحظ أن مشروع القانون المالي لم يتضمن، التنصيص على موضوع الدعم المالي المباشر، الذي وعد به رئيس الحكومة في التصريح الحكومي؟. فعلا، البرنامج الحكومي تحدث عن الدعم المالي المباشر، لكن هذا الدعم مرتبط أساسا بإصلاح صندوق المقاصة، وهو ينطلق من أنه بحكم ارتفاع مواد الطاقة، فقد ارتفع الغلاف المخصص للدعم بشكل كبير، ليصبح مساويا لغلاف الاستثمارات، ولهذا يجب التحكم في هذا الدعم، حتى لا يؤثر على الاستثمار. ومقابل ذلك يجب دعم الفئات الفقيرة أساسا. فالكل يجمع على أن هذا الصندوق لا يستفيد منه هؤلاء، طبعا فإن إشكالية إيصال الدعم لمن يستحقه، تبقى مطروحة، لأننا نلاحظ هذا المشكل في عدد من البرامج، مثلا نسبة كبيرة من برنامج مكافحة الجفاف لسنة 2000، لم يستفد منه المعنيون بالأمر. ولهذا يجب الاشتغال على تحديد الفئة المستفيدة. طبعا الآن انطلق الدعم بصيغة أولية، من خلال صندوق دعم التماسك الاجتماعي. والذي سيخصص لتعميم نظام المساعدة الطبية، وهذا نوع من الدعم المباشر. هذا النظام سيشكل نموذجا للدعم المقبل الموجه للفئات المعوزة التي تعاني من الفقر المدقع أو النسبي. ولا يجب أن ننسى أن الحكومة برمجت أيضا استفادة فئة ثانية، وهي الإدماج الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة. إذن فإن كل ما سيتم اقتصاده من صندوق المقاصة في إطار الإصلاح سيوجه كدعم مباشرة للفئات المحتاجة. ما هو المعيار الذي سيتم على أساسه تحديد المستفيدين من المساعدة الطبية؟ هناك فئتان: هناك فئة أولى، دخلها السنوي يقل عن 3660 درهم. هؤلاء سيستفيدون من هذا النظام دون مساهمة منهم، وهناك الفئة الثانية، والمندرجة في إطار من يتقاضون دخلا سنويا قدره 5600 درهم سنويا للفرد. وهذه الفئة ستستفيد من الدعم مقابل أداء رمزي، يقدر ب 120 درهم سنويا عن كل فرد دون أن تتجاوز مساهمة الأسرة مجتمعة 600 درهم سنويا. إجمالا فإن الهدف النهائي هو 4 ملايين شخص سيستفيدون دون مساهمة، و4.5 ملايين بمساهمة رمزية، و160 ألف سيستفيدون بحكم القانون. هل ستكون هناك أي إصلاحات لصندوق المقاصة، خلال تنفيذ القانون المالي لهذه السنة؟ إصلاح صندوق المقاصة لا علاقة له بقانون المالية إلا من حيث الوقع المالي. هناك إصلاحات مرتبطة بأمور تنظيمية، عبر تقريب بعض الأثمنة من أسعار السوق أو إصلاحات تمس سلسلة الدعم، من حيث فعاليتها، لأن هناك إشكالية عدم استفادة المعنيين من الدعم. سبق لنجيب بوليف، الوزير المكلف بالشؤون العامة، أن انتقد استفادة المكتب الوطني للكهرباء من الدعم؟ هل ستلجأ الحكومة إلى معالجة هذا الوضع أيضا؟ المكتب الوطني للكهرباء يستفيد من الدعم الموجه للفيول الصناعي، وهي ليست استفادة تفضيلية أو تمييزية دون غيره من المؤسسات. فالقطاع الخاص الصناعي كله يستفيد من هذا الدعم، ولهذا هناك توجه نحو إصلاح شامل لا يتعلق بمؤسسة معينة، لأن الزيادات في أسعار الطاقة، أصبحت تتجاوز المستوى المقبول. لماذا لم يتم إدراج حذف الضريبة، عن السمعي البصري، في القانون المالي الحالي؟ فعلا لم تدرج، لأننا توصلنا باقتراح من وزارة الداخلية، في ظل شكاوى المواطنين من ارتفاع فاتورة الماء والكهرباء، ونوقش هذا الاقتراح، في لجنة ولم ندرج المقترح، لأن دراسة هذا المقترح جاءت بعد مصادقة مجلس الحكومة على القانون المالي. ويمكن إدخال تعديل لإعفاء المواطنين ذوي الاستهلاك الضعيف، من أداء هذه الضريبة. كيف سيتم احتساب الأشطر المعفية من الضريبة؟ ما تمت مناقشته هو اعتماد حد أدنى من الاستهلاك لا يخضع للضريبة كما سيأخذ بعين الاعتبار العدادات الكهربائية الفردية والجماعية، خاصة في المناطق الفقيرة. المشكل أن مجموعة من العائلات تشترك في عداد واحد ما يؤدي إلى تجاوزها لأشطر الاستهلاك، وينبغي أن يأخذ هذا بعين الاعتبار. هل هناك زيادات جديدة في الضرائب؟ هناك زيادة في الضرائب على السيارات الجديدة برفع واجب التسجيل، ورفع الرسم السنوي على السيارات فوق 11 حصان، وسيطبق في العام 2013، لأن الضريبة تم استخلاصها هذا العام. أيضا هناك إجراء ضريبي يهم تشجيع السكن الاجتماعي المعد للكراء لمدة 8 سنوات، حيث يستفيد من إعفاء من الضريبة على الدخل أو من الضريبة على الشركات لمدة 20 سنة. وعند البيع يعفى من الضريبة على الدخل على فائض القيمة. أيضا بخصوص الرياضيين، كانت دخولهم خاضعة للضريبة على الدخل بالطريقة العادية، وفي التجربة الدولية لا يوجد هذا التعامل، ففي تونس يتم اعتماد 17 في المائة و نفس الشيء تقريبا في تركيا، وأيضا في المغرب اعتمدنا نسبة فعلية تقارب 17 في المائة. أيضا فإن الشركات التي تصرح بالعجز، أصبحت ملزمة بالتصريح أيضا ببيان مصدر وأسباب العجز. والهدف من هذا الإجراء تمكين إدارة الضرائب من بيانات تتعرف من خلالها على مصدر العجز، وهل هو موضوعي، أم لا، مما يساعد على تحسين فعالية عمليات برمجة المراقبة الضريبية. ماذا عن حجم تأثير إلغاء الرسوم الجمركية عن الواردات الصناعية من الاتحاد الأوربي، بعد دخول اتفاقية التبادل الحر مع المغرب حيز التنفيذ؟ مشروع القانون المالي سجل زيادة ب4.8 في المائة من الموارد الضريبية بشكل عام. هذه الزيادة تتوزع على مختلف الضرائب. المورد الوحيد الذي تراجع هو المتعلق بالرسوم الجمركية بما يعادل 4 في المائة. وهذا طبيعي، لأن هناك تراجع للرسوم الجمركية. وباعتماد قراءة اقتصادية عامة، فإن ارتفاع الموارد الأخرى يبقى مدينا لتراجع الرسوم الجمركية، أي أن النسيج الاقتصادي يستفيد من خفض الجمارك، كما يستفيد المواطن من خلال الخفض في الأثمنة، مثل انخفاض ثمن السيارات. ما هو المبلغ الإجمالي الذي ستفقده خزينة الدولة نتيجة رفع الرسوم الجمركية؟ هناك 400 مليون درهم، هي التي لن تدخل خزينة الدولة نتيجة لهذا الإجراء، وبالمقابل كما قلت هناك زيادة في موارد ضريبية أخرى. بخصوص عجز الميزانية، كيف سيتم التعامل معه؟ يجب أن نذكر بأن عجز الميزانية سجل 6,1 في المائة من الناتج الداخلي الخام، سنة 2011، مقابل 3.5 في المائة التي صوت عليها في البرلمان. نحن طرحنا، هدف تخفيض العجز هذا العام إلى 5 في المائة، على أساس أن نصل سنة 2016 إلى تخفيضه إلى 3 في المائة. وذلك من خلال الاشتغال على الموارد، من خلال رفع فعالية الإدارة الضريبية، وتحصيل الموارد الباقية، لأن مبالغ كبيرة باقي تحصيلها، ولنا خريطة طريق لتحصيلها، ثانيا، عبر الاشتغال على النفقات، من خلال إصلاح القانون التنظيمي وقانون المالية، وترشيد النفقات، ب50 في المائة، مثل الفندقة والحفلات. هذا الإجراء الأخير كم سيوفر؟ مثلا في السنة الماضية عندما وضعت الحكومة هدف تخفيض النفقات ب10 في المائة تم اقتصاد 400 مليون درهم، أما نحن فنتوقع الوصول إلى مبلغ أكبر من هذا بكثير. المحور الثاني، هو جانب اعتماد معايير موحدة لاقتناء السيارات والبنايات، وإعداد الدراسات. يجب أن نعرف أن الغلاف المخصص للدراسات وحدها هو مليار درهم بالنسبة للإدارة كلها. مثلا في البنايات الإدارية لا يوجد أي معيار موحد، وهذا لا يطرح فقط مشكل العبء المالي إنما يطرح أيضا مشكل العبء على الميزان التجاري، حيث نجد من يلجأ إلى اقتناء مواد بناء تجهيزات أجنبية ، ولهذا فإن المعايير سيدخل فيها أيضا التشجيع على اقتناء المواد الوطنية. ما تأثير الجفاف على الاقتصاد الوطني؟ أخذنا موضوع الجفاف بعين الاعتبار وتمت مراجعة معدل النمو إلى 4.2 في المائة على هذا الأساس لأنه ينتظر تراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي، التي كانت في حدود 4.9 في المائة، في السنة الماضية، وهذا العام توقعاتنا هي 1.7 في المائة، وفي هذا الإطار هناك برامج موجهة للعالم القروي، ضمنها مليار درهم مرصودة لصندوق التنمية القروية. فضلا عن برامج تهم العالم القروي، منها برامج الماء، وبرنامج التنمية البشرية، والبنيات التحتية، وقد لاحظنا بعد تراجع تساقط الأمطار زيادة الأثمان بسبب المضاربة، وخاصة في مادة الشعير، وهذا أثر على أثمان الماشية التي تراجع ثمنها، لهذا قمنا بإيقاف استيفاء رسوم الاستيراد على هذه المواد، وتجاوب السوق مع هذا الإجراء. أيضا سيتم تزويد مناطق الماشية المتضررة بهذه المواد بسعر لا يتعدى 200 درهم للقنطار. أيضا ستأخذ الدولة على عاتقها نقل هذه المواد إلى المناطق القروية، حتى لا ترتفع الأسعار، فضلا عن نقل الماء إلى هذه المناطق. وكذا تمكين الفلاحين عبر نظام التأمين من تعويضات عن الأضرار التي لحقتهم. رفعت الحكومة شعار الحكامة وحسن التدبير، وحسب مرسوم الاختصاصات المسندة للوزير نجيب بوليف، المكلف بالشؤون العامة والحكامة، فإنه سيصبح له مسؤولية على مؤسسات الرقابة داخل الوزارات، كيف تنظرون لهذا التوجه؟ المرسوم لا ينص على مسؤولية وزارة الشؤون العامة والحكامة على مؤسسات الرقابة، حيث ستبقى جميع مؤسسات الرقابة تابعة لكل إدارة، علما أن هناك أيضا مؤسسات رقابة مستقلة، لكن ما ورد في المرسوم يستهدف تفعيل دور مؤسسات الرقابة وإعطاء دور لوزارة الشؤون العامة في الحرص على المتابعة، لأن الهدف هو متابعة هذه التقارير، ليس فقط في الجانب الردعي إنما الأخذ بالتوصيات لترشيد عمل الإدارة. في السابق كانت برمجة المراقبة تتم بشكل أحادي، أما المقاربة الجديد المعتمدة فهي إشراك الحكومة في برمجة المراقبة، والابتعاد على الانتقائية. هكذا ستتوصل رئاسة الحكومة بتقارير التفتيش، وسيكون لها دور في تفعيل هذه التقارير. بخصوص مرسومي صلاحيات وزيري المالية، يبدو أن هناك غموضا في هذا المجال، خاصة أن وزير المالية والوزير المنتدب قدما لأول مرة مشروع قانون المالية أمام البرلمان؟ ليس هناك اي غموض. وهذه الوزارة محورية، سواء فيما يتعلق بتنزيل البرنامج الحكومي أو الإصلاحات، ولهذا لا بد أن تبقى الوزارة موحدة، ونحرص على الاشتغال بطريقة منسجمة، لأنه لا يمكن التنازع داخل هذه الوزارة. أنا لا تعنيني الاختصاصات إنما تهمني الفعالية والمصلحة العامة. وهناك عمل مشترك على كل الملفات.