بتزامن مع الحراك الشعبي الذي دشنته حركة 20 فبرايربالمحمدية، عرفت المدينة ظاهرة ربيع البناء العشوائي، نتيجة للحاجيات المتزايدة للسكن. وما تزال هستيريا البناء العشوائي بالمحمدية تواصل نشاطها، في صمت للسلطات المختصة، التي وجدت نفسها مكتوفة الأيدي ومرتبكة من مخاطر التدخل، بعد مسلسل التغاضي عن التشييدات العشوائية التي عرفتها المدينة، حيث التهم البناء العشوائي الأخضر واليابس، وأكل هوامشها كما تأكل النار الهشيم. والحصيلة بناء مساكن عشوائية حسب الموارد الضئيلة للفقراء، فوق الأراضى الفلاحية والمساحات الفارغة، بعد أن عجزت موارد البسطاء من تدبير تكاليف السكن داخل التجمعات السكنية المهيكلة. كما أن النقص في عدد الوحدات السكنية، وزيادة الطلب عليها وعدم تناسب المشاريع السكنية مع معدلات النمو السكاني، وارتفاع أسعار الأراضى والشقق السكنية في المناطق المهيكلة، وضعف الاستثمارات الحكومية والقطاع الخاص في مجال الإسكان المنخفض التكاليف، وحب التملك لأكثر من منزل، وفساد بعض أجهزة المراقبة، كلها عوامل ساهمت في تفاقم الظاهرة. وبعد أن سدت تماما كل فرص حيازة السكن الإجتماعي بالمحمدية أمام ذوي الدخل المحدود، ووضعت كل المتاريس والعراقيل أمام الوداديات السكنية، بسبب احتكار مجموعة من "المنعشين" العقاريين للقطاع، ورفعهم أسعار العقار إلى مستويات قياسية، والبناء العشوائي بعمالة المحمدية لا يتركز في منطقة دون غيرها، فالمدينة أصبحت بالكامل ورشا مفتوحا للبناء العشوائي، الذي أصبح ينبت كالفطر في عدد من الأحياء وفي وضح النهار، وينشط تحت جنح الظلام ويظهر مع تباشير الصباح، الأمر الذي أفرز أحياء بكاملها فوق أراضي غير مجهزة، لا تستجيب لأي معيار أو تصميم هندسي، ولا تتوفر على شروط السلامة. ناهيك عن التجزيء و تقسيم العقارات دون احترام المساطر القانونية. بحيث لم يعد بمقدور الكثير من البسطاء البناء وفق القانون، ويشكل النمو الحضري بالمحمدية الذي تغذيه هجرة قروية دائمة، ضغطا قويا ومستمرا على المدينة، وبالطبع فإن التمدين المتسارع يتطلب تعبئة وإعداد مساحات شاسعة من الأراضي ومن الموارد لإنجاز البنيات التحتية، ذلك أن ما تم إنجازه لا يرقى إلى مستوى الطلب.