المفترض أن كل الناس سواسية أمام القانون، وبالتالي حين يمثل شخص أمام العدالة يصبح مجردا من كل الأكسسوارات من نسب ومال وجاه وثقافة، ويحاكم بناء على صك الاتهام الموجه إليه، حتى تثبت براءته أو قرائن إدانته. أن القانون ينص، في منطق أشبه بالرياضيات، على أن كل جرم تقابله عقوبة، مع الإحتفاظ للقاضي بسلطة التقدير والضمير بشأن مراعاة الظروف نحو التشديد أو التخفيف. هذا هو الميزان الأقرب إلى العدالة، لأن العدالة المطلقة من صفات الخالق عز وجل، لكن يحيد هذا الميزان البشري عن إحقاق الحق وإعمال الإنصاف كلما تسللت إليه مقاييس أخرى من قبيل الحسابات السياسية أو الخضوع لتأثير عناصر أجنبية كلوبيات الضغط المالي وتوجه وسائل الإعلام ذات الوقع على الرأي العام. فلا يستساغ بتاتا أن تخضع الأحكام للظرفية مهما كانت هذه الظرفية، كما يجب على الجميع الابتعاد عن التشهير القبلي بالمحالين على القضاء احتراما لقرينة البراءة التي تظل هي الأصل. وهنا دور الإعلام على درجة كبرى من الأهمية، حيث هومطالب بمواكبة وتيسير ترسيخ استقلالية القضاء عوض تقمص دور القاضي. تصوروا معي حالة شخص ما وضعته الصحف بشكل مسبق في قفص الاتهام والإدانة، وظهرت براءته فيما بعد. بأي ثمن يستعيد ماء وجهه؟ رجاء، لندع القضاء يشتغل بلا تصريحات حتى يستقيم ميزان العدالة وتصان حرمة الماثلين أمامه، ففي عديد من الحالات تكون كلمة في الصحافة أشد قسوة من حكم بالسجن.