يتجه المشهد الحزبي المغربي صوب مواجهة ثنائية بين التحالف من أجل الديمقراطية الذي يضم 8 أحزاب، منها 3 تتواجد في الحكومة الحالية، وبين الكتلة الديمقراطية التي تضم بدورها 3 أحزاب سياسية متواجدة في الحكومة الحالية، بينما سيظل حزب العدالة والتنمية الإسلامي يتنافس ضد الصفين لوحده، وسط توقعات تمنحه المرتبة الأولى أو الثانية في انتخابات 25 نوفمبر/تشرين الثاني، مع ترجيح من المحللين بارتفاع حظوظه بالتواجد في التشكيلة الحكومة المغربية المقبلة، خاصة وأنه الأقدر على مواجهة احتجاجات الشارع ومطالب الإصلاحات. وتتكون الكتلة الديمقراطية من حزب الاستقلال، ورمزه الميزان، ويقود الحكومة؛ وحزب التقدم والاشتراكية اليساري، ورمزه الكتاب، ويشارك في الحكومة بحقيبتين اثنتين؛ وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ورمزه الوردة، وهو أكبر حزب يساري ويشارك في الحكومة. وكشفت الكتلة المذكورة اليوم الأربعاء في الرباط عن أرضية عمل مشتركة جديدة أطلق عليها اسم "تعاقد جديد للمستقبل"، ويتم الالتزام بها كإطار مرجعي لعمل حزبي مشترك تحت مظلة الدستور الجديد الذي صوت عليه المغاربة في يوليو/تموز المنصرم. وبحسب مصادر تحدثت ل"العربية"، فإن الكتلة الديمقراطية أزالت الغبار عن تحالفها التاريخي عقب ظهور ما تسميه الصحافة المغربية بG8، أو تحالف الثمانية، والذي بدأ يبشر بكونه الحكومة المغربية، وبأنه ظهر للوجود كمشروع ليبرالي للمجتمع. ويعمل تحالف الكتلة الديمقراطية على الانتقال من مجتمع الوصاية إلى مجتمع المواطنة المسؤولة، وإتمام بناء الدولة الديمقراطية للمؤسسات وسيادة القانون، وتفعيل الجيل الجديد من الإصلاحات، مع رد الاعتبار للفعل السياسي النبيل. هذا بالإضافة إلى إرساء ميثاق اجتماعي جديد يضمن الإنصاف، واعتماد سياسة اقتصادية تجعل المواطن هدفاً للتنمية، وعلاقات المغرب الخارجية على ضوء المتغيرات الجهوية والإقليمية. ولم يتردد عباس الفاسي الأمين العام لحزب الاستقلال المنتمي للكتلة الديمقراطية في توجيه سهام النقد إلى تحالف الثمانية، متهماً الأحزاب المنتمية له والمكونة للحكومة الحالية بفض الجمع المشرف على تدبير الشأن العام قبل الأوان، ومحذراً من عزوف المواطنين عن المشاركة في انتخابات الخريف، رابطاً ما بين نجاح الانتخابات وبين حيادية الدولة. فيما صدرت عن نبيل بن عبدالله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية تصريحات قوية مفادها أن عدم نجاح المملكة في التشريعيات المقبلة يعني انهيار كل شيء. وفي مدينة الدارالبيضاء، قدم التحالف من أجل الديمقراطية، والذي يضم 8 أحزاب سياسية منها المشارك في الحكومة ومنها المتواجد في المعارضة، ورقة عمله للمرحلة المقبلة، مفتتحا إياها بكلمتين، هما الديمقراطية والكرامة، في رؤية للمملكة عام 2016، تتضمن 3 تحديات و20 التزاماً. وترتكز على التمسك بثوابت الأمة المغربية المتمثلة في الدين الإسلامي السمح، والملكية الدستورية، والهوية الوطنية متعددة الروافد، والاختيار الديمقراطي، وصيانة وتوسيع المكتسبات في مجال الحقوق والحريات. ومن تحت قبة البرلمان في الرباط، أرسل الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية المغربي، رسالة تطمين للأحزاب السياسية وللمراقبين الداخليين والخارجيين، على أن الحكومة عملت وفق مقاربة وصفها بالتشاورية، للوصول لتعزيز الوسائل القانونية لتمرير انتخابات 25 نوفمبر الجاري في أحسن الظروف. ومن أهم تلك الوسائل تشكيل لجنة مركزية للمتابعة في قبل وزارة الداخلية لدراسة الشكاوى التي تتلقاها الوزارة من الهيئات السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، وعموم المواطنين، مع مواكبة الحالات التي تتم إثارتها في الصحافة المغربية، زيادة على التحقق من جميع الخروقات والمخالفات الانتخابية المرتكبة واتخاذ ما يلزم بشأنها. ودعت الداخلية المغربية كل المسؤولين العاملين تحت إشرافها المباشر عن الامتناع عن القيام بأي عمل أو نهج أي سلوك يمكن أن يفسر كدعم مباشر أو غير مباشر لحزب سياسي أو مرشح. فمقاربة الحكومة المغربية، بحسب وزير الداخلية، هي التقيد الصارم بالقانون، وتوفير شروط المنافسة الانتخابية الحرة، والالتزام بالمساواة بين مختلف الأحزاب، والتصدي الحازم لكل الخروقات، ومحاربة استعمال المال، وشراء الأصوات لإفساد الانتخابات. وفي مواجهة التحالفين اللذين يشكلان أبرز محاور العملية السياسية، يبرز حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض الذي تميل له كثير من ترجيحات المحللين داخل المملكة، على اعتبار قوته الانتخابية المتصاعدة، وعدم خضوعه لإدارة الحكومة من قبل، وهو ما سيجعله في موقع مريح للتفاوض في حالة احتلاله موقعاً متقدماً في النتائج من دون نسيان الإشارات الإيجابية صوبه من قبل حزب الاستقلال الحاكم حالياً في المملكة. ويبقى الهاجس في المغرب هو العزوف عن الانتخابات، ففي انتخابات 2007، لم تتجاوز نسبة المشاركة 40 في المئة، وتبذل الحكومة مجهودات لحث المغاربة على الإقبال بكثافة على الصناديق الزجاجية للتصويت.