مقدمة على خفيف لنتعرف على موقف الإسلام من الأعراب البدو. و قبل أن نخوض في الحديث, أريد أن احدد مفهوم كلمة الأعراب لغويا, إن الكثيرين يريدون بالعرب سكان البوادي و الحواضر, و قد تعمم كلمة العرب , فيراد بها الأعراب كذالك. فال الجوهري في صحاحه/ العرب جيل من الناس , و هم أهل الأمصار, و بالنسبة إلى العرب عربي و إلى الأعراب أعرابي, و الذي عليه العرف العام, إطلاق لفظ العرب على الجميع/. و يقول الالوسي في بلوغ الأرب / إن العرب أهل الأمصار و الأعراب سكان البادية و في العادة يطلق لفظ العرب على الجميع/. المدخل العام الأعراب أصحاب عقول متحجرة يوصفون بالغلظة و الخشونة وقلة الاكتراث. بطبعهم فصيلة بشرية صعبة المراس , لهاد وقف منهم القرءان موقفا سلبيا, حيت جاء في الآية التالية / الأعراب اشد كفرا و نفاقا , و أجدر أن لا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله, و الله عليكم حكيم, و من الأعراب ما يتخذ ما ينفق مغرما , و يتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء, و الله سميع عليم /. لقد كان الأعراب قبل الإسلام أهل شجاعة و كرم و احترام و مصداقا لهدا ما قاله الرسول محمد / إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق/. صحيح أن الأعراب هدفهم إشباع الغرائز, و ليكن بعد دالك ما يكون, و كان شعارهم في الحياة ما ندى به طرفة بن العبد قائلا.. تلات هن من شيمة الفتى وحقك, لم احفل متى قام عودي فمنهن سبقي العادلات بشرية كميت , متى ما تعل, بالماء تزبد و تقصير يوم الدجن, و الدجن معجب ببهكنة تحت الخيام المعمد و كان هدا التهافت على طيبات الحياة و مغرياتها هو الذي دفعهم إلى الحروب فيما بينهم حيت قلوب البعض منهم كانت طافحة بالاضغان و الأحقاد, تغديها صراعات بين القبائل إما حول مصادر المياه أو المراعي , لقد كان البدو عندما يدخلون الإسلام يدخلون و كأنهم متفضلون على الرسول و أتباعه,و يروى أن عشرة من بني أسد و فدوا على الرسول محمد و فيهم حضرمي بن عامر و ضرار بن الازور , فقال حصرمي /يا رسول الله أتيناك نتذرع الليل البهيم في سنة شهباء, لم تبعت إلينا بعثا/. فنزل فيهم قول الله / يمنون عليك أن اسلموا, قل لا تمنوا على إسلامكم , بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين/ . لكن القرءان استثنى بعض الأعراب من أصل البادية من هدا الهجوم و وصفهم بأنهم أصحاب إيمان يقول الله في كتابه / و من الأعراب من يؤمن بالله و اليوم الآخر و يتخذ ما ينفق قربات عند الله و صلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم في رحمته إن الله غفور رحيم /. من المؤسف له أن بعض الفئات المثقفة استندت ما جاء قي القرءان , من هجوم على الأعراب و عممته على العرب أجمعين بدوا و حضرا, و هؤلاء نوعان.. أولهما جماعة جعلت الفضل كله في تقدم العرب سياسيا و أخلاقيا و اجتماعيا إلى الإسلام, و أرادوا بدالك أن يجعلوا الفضل كله إلى الدين الإسلامي لا غير.. مندفعين بحماسهم و غشاوة على العيون .. صحيح.. ان الإسلام قد وجه العرب و جهة أخلاقية جديدة و دفعهم إلى حب العلم و المعرفة تحت رداء الإسلام بطعم مختلف عما كان عليه من قبل, و ليس معنى هدا أنهم كانوا خلوا من كل شيء فلقد كان لأهل الحواضر و المدن بعض المعارف, بالاظافة إلى ما كان يتمتع به العرب كما سبق الذكر أعلاه, من فضائل كالشجاعة و الكرم فقط جاء الإسلام ليحارب أمورا كانت متداولة بين أوساط العرب, ليجتث بعض الصفات والأخلاق التي وقف الإسلام منها موقف المحارب و المهاجم. أما ثاني الفريقين اللذين انبروا لمهاجمة العرب ..فهم الشعبويون الذين كانوا يحملون كل الحقد لهم , فما برحوا يكيلون لهم التأخر و التحلل الأخلاقي في كل مناسبة, و ينسبون إليهم كل الرذائل و الصفات القبيحة و حبهم للجنس و هم يهدفون من وراء دالك إلى التعصب و يدعون أن الإسلام كان الخلاص لهؤلاء الجهلة. مؤسف أن ينحو منحى هؤلاء أدباء لهم صولات و جولات في عالم الأدب العربي و الفكر و البحت, و منهم الراحل احمد أمين في كتابه / فجر الإسلام/ و قد كان متاترا بآراء المستشرق / اوليري / و من العجب العجاب أن ينزلق العالم الفطن و المؤرخ و الترجمان الأكبر , ابن خلدون, فيتهم العرب فبل ظهور الإسلام, في أماكن من كتابه/ كتاب العبر/ و ديوان.. المبتدأ والخبر.. و ثمة مجموعة أخرى دفعهم حبهم للعرب الدفاع عنهم, و أن يجعلوا منهم شعبا حضاريا يفوق الشعوب الأخرى تقدما و حضارة قبل ظهور الإسلام. الم يقل الشاعر؟؟ و عين الرضا عن كل عيب كليلة كما إن عين السخط تبدي المساويا فعلى المؤرخ المنصف و الباحث و الأديب و الكاتب, أن يكونوا منصفين و أن يتحلون بالموضوعية.لقد كاد الرأي العام أن يجمع على أن العرب قبل الإسلام كانوا في جاهلية, جهلاء عباد أصنام و اوتان لا علاقة لهم بالتوحيد و لا بالله, حتى بعت الله رسوله محمد فانتشلهم من تلك الظلمات و أخرجهم إلى النور. و ورد على دالك قصصا و حكايات, اكترها مفتعلا و مدسوسا على هؤلاء القوم فبعض المؤرخين جردوا العرب قبل ظهور دين محمد, من كل فضيلة و صوروهم كالوحوش الضارية, خاضعين لقانون الغاب ..قانون القوة فهادا الهجوم لا يخلوا من الظلم و الافتراء و قسوة مقصودة من حفنة من الجهلاء , فلقد كان للعرب فضائل و مثل / بضم الميم/ لا يستطيع كل عاقل متعقل لبيب ا ن يجحدها. الجزيرة العربية و التوحيد عرفت الجزيرة العربية ديانة التوحيد , عندما نزل بها نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام التام, و استقر بمكة بعد أن ابتنى الكعبة الشريفة. و في مكة ترك زوجته هاجر و ابنه إسماعيل الذي يعتبر أبا للعرب, و طلب من ربه أن تكون مكة أرضا مباركة يؤمها العرب من كل صوب و حدب. قال الله على لسان إبراهيم/ ربي إني أسكنت دريتي في واد غير ذي زرع عند بيتك المحرم فاجعل أفئدة الناس تهوى اليه / . لا مجال للريب ادن أن الجزيرة عرفت التوحيد مند آلاف السنين, عرفته مند أن وطأت أرضها أقدام الخليل المبجل عليه السلام التام و على أهله. ظلت عبادة التوحيد مستقرة في أعماق العرب, لكن مع مرور الزمن بدأت تدخل شعائر و خرافات على هده الديانة و تقاليد غريبة, التي لا تعد إطلاقا من ديانة إبراهيم الخليل عليه السلام التام, و قد يحصل هذا لكل دين أو عقيدة مع تقادم الزمن, و ما اكتر البدع التي دخلت على الإسلام في زمن فقهاء الفضائيات على وزن الفضاحيات.. و كراكيز الأنظمة الاسلامية الحاكمة التي تتابع تلة من البدع / جماعات صوفية .زيارت الأضرحة.. ذبح العجول على قلقولت/ رأس / بعض الأوياء الضالحين ..علاج الامراض العقلية / mon Père OMAR .. بويا عمر .. نموذجا لقد كان العرب يعبدون الله قبل ظهور الإسلام , أما الأصنام فهي واسطة ما بينهم و بين الرب ,.و قال.. الله على لسانهم / و ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى/ مشيرا بدالك إلى الأصنام. و قد اعترف اوس بن حجر باعتقاده التام بالله, مع إقراره باحترام آلات و العزى فقال.. و بالات و العزى و من دان دينها و بالله, إن الله منهن اكبر و هذا الشاعر النابغة يقسم بالله الذي ليس هناك من هو اكبر منه فيقول.. حلفت فلم اترك لنفسك ريبة و ليس وراء الله للمرء مذهب و اذا تصفحتم الشعر العربي مليا لقرأتم الكثير عن وحدانية الله و قدرته حتى لتخايلهم.. أي عرب ..ما قبل الإسلام أنهم مسلمون قبل ظهور الإسلام.و ما الإسلام إلا اظافة ليس إلا.. و كما سبق الذكر سلفا, فان الإسلام حارب بعض الأمور و جاء بأخرى كالصيام الختان ..الخ. علما ان اليهود كانوا يصومون 3 ايام في العام , اما الختان فاليهود هم السباقون الى ختان اطفالهم ....الخ و في نفس السياق دائما, اعترف العرب بان الله هو الحافظ الواقي و انه الملاذ و الوحيد للبشر و ان الذي لا يحتمي بقوة الله و عظمته فماله الضياع و الهلاك. على نفس السكة يقول الشاعر المتميز أفنون التغلبي.. لعمرك ما يدرى امرؤ كيف يتقي اذا هو لم يجعل له الله واقيا و كانوا يعتقدون أن الله يجزي على العمل الصالح فادا ما قدم الإنسان خيرا فسيرى خيرا, أليس هدا من ضمن ما ندى به الإسلام؟؟ يقول الشاعر ابن الاسلت.. أجرت مخلدا و دفعت عنه و عند الله صالح ما أتيت و يكمل الشاعر العفيف الكبير و استاد الحطيئة زهير ابن أبي سلمى, بان الله عالم الغيب مطلع على السراء و ما تخفيه النفوس فقال.. فمن ملغ الأخلاق عني رسالة و ديبان, هل أقسمتم كل مقسم فلا تكتمن الله ما في نفوسكم ليخفى, و مهما يكتم الله يعلم و هناك شاعر آخر يقسم بان الله و حده الذي يحي العظام و هي رميم , و تنسب إلى حاتم الطائي .. أما و الذي لا يعلم السر غيرهم و يحي العظام البيض و هي رميم لقد كنت اختار القرى طاوى الحشا محافظة من أن يقال لئيم فهذا إيمان مطلق بالبعث و الحساب أما الشاعر لبيد فهو يعتقد أن كل الناس سيقفون بين يدي الله و سيكشف أعمالهم , فمن عمل مثقال درة خيرا يراه, و من عمل مثقال درة شرا يراه قال.. و كل امرئ يوما سيعلم سعيه ادا كشفت عند الإله المحا صل سؤال عفوي.. أين هي الظلمات التي تحدت عنها الإسلام , و الجهل الذي حاربه , عندما ظهر الإسلام, كان العرب يعيشون حضارة و تمدن و حياة زاهية في مجالات التجارة و تربية الأغنام و جلسات الأدباء و الشعراء, حياة ملؤها الجد و الكد و الأدب الراقي متداولة بين كل القبائل. لا نخفي أن الحروب كانت حامية الوطيس بين القبائل و دالك راجع فقط, للنزاعات حول الأراضي الخصبة و الحصول على المياه العذبة لكي تضمن قبائل العرب الحياة لمواشيها و تضمن أيضا الخير ولذائد الحياة لنفسها. الم يكن الإسلام مجحفا و قاسيا قي حق هؤلاء العرب, اللذين كان لهم الفضل الكثير قي دفع الإسلام إلى خارج الجزيرة. فقضية كعب بن زهير ابن أبي سلمى, الشاعر الرزين مثل والده, و قد أهدر الرسول محمد دمه تم دخل عليه المسجد و ألقى أمامه قصيدته المشهورة.. بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم اترها, لم يغد مكبول حتى ادا وصل إلى قوله.. إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول فما كان من الرسول إلا أن خلع بردته/ جبته/ وقفة تأمل كيف نعلل عبادتهم للأصنام , علما بان الأشعار التي قدمتها تكشف لنا رسوخ العرب على مبادئ التوحيد و إقرارهم بعظمة الخالق, حتى انك لا تكاد تجد فروقا جوهرية بين عقيدة الإسلام و بين عقائد أخرى و دالك واضح من خلال أشعارهم. قد يقول قائل لمادا تعلق العرب بالاوتان و الأصنام و لعلنا سنجد تعليلا لدالك في كتاب / الأصنام/ لمؤلفه هشام بن محمد الكلبي حيت يقول / و كان الذي بلغ بهم إلى عبادة الاوتان و الحجارة , انه كان لا يظعن من مكة ظاعن إلا احتمل معه حجرا من حجارة الحرم, تعظيما للحرم و صباية بمكة, فحيثما حلوا و ضعوه و طافوا به كطوافهم بالكعبة, تيمنا منهم بها و صباية بالحرم و حباله, و هم بعد يعظمون الكعبة و مكة و يحجون و يعتمرون على ارث إبراهيم الخليل و إسماعيل عليهما السلام التام/. ادن كانت ديانة إبراهيم عليه السلام التام, قد استقرت في ضمائرهم و إن شابها بعض الأفعال التي لا تتفق و تلك الديانة , إنهم لم يقدسوا لا الحجارة و لا الأصنام و لا قشور البطيخ , إلا لأنها تمت بصلة إلى حجارة الحرم, التي أقام قواعدها إبراهيم الخليل عليه السلام التام. إضافة إضافة إلى ما تقدم هو ان العرب كانوا يعيشون في وحدات سياسية صغيرة هي القبائل, فكان لكل قبيلة رئيسها و فارسها و شاعرها...فما المانع أن يكون لها رب يختص بها دون سواها من القبائل هدا ادا علمنا ان لكل قبيلة صنما , فالصنم هبل كان لقبيلة قريش, و هو اكبر الأصنام و كان من العقيق الأحمر, و العزة كانت لعظفان و هي شجرة بوادي نخلة في مكة و قد قطعها خالد بن الوليد و هو يقول.. يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك أما اللات.. فقد كان يعبدها عرب الجنوب و الحجاز, أما مناة .. فكانت صخرة منصوبة على شاطئ البحر بين مكة و المدينة و كانت معظمة عند هديل و خزاعة , أما سوارع فهو صنم همدان و خولان. و قد ذكر القرءان بعض الأصنام / افرايتم اللات و العزة, و مناة التالتة الاخرى/ . مقتنع أنا كل الاقتناع ان العرب قبل الإسلام, اضطروا أن يتخذوا عدة آلهة لأنهم مجموعات من القبائل فأحبت كل قبيلة أن تنفرد بالإله الذي تريده و ليس معنى هدا أنهم كانوا في الجاهلية كما صورهم الإسلام. لقد كانوا على عقيدة إبراهيم الخليل عليه السلام التام.. ..أي نعم .. فكلما طال الدين القدم و امتد به العهد لا بد أن تلحقه بعض التغييرات في الأحكام الفرعية. زبدة المبحت و خاتمته ان تمسك العرب ما قبل السلام, بالأصنام و الاوتان ليس للعبادة التي ملكت نفوسهم اد سرعان ما يغضبون على هده الآلهة و يحطمونها و يرجمونها لان شعورهم بنفعها و ضررها هو شعور ضعيف جدا جدا..و ما عبادتهم للأصنام إلا لتكون لهم و وسائط ما بينهم و بين الخالق . لم يكن العرب و تنيين بما تنطوي عليه الكلمة من معنى , بل كانوا يؤمنون بوحدانية الله, أما تلك الأصنام فهي الشفعية و الوسطية لهم عند الله. كما يقوم البعض اليوم من المتخلفين بتقديم الذبائح إلى الأولياء على باب الأضرحة لتحقيق الأماني. هناك نماذج كثيرة في المغرب للأسف.. اضاف للمقارنة بين الامس و اليوم .. عندما اختار الله أن يكون رسوله محمد من العرب لحمل الرسالة كان الله عالم ان العرب سيستجيبون لداعي التوحيد, لان الله فطرهم على دالك بعد أن بعت فيهم إبراهيم الخليل عليه السلام التام. الدافع وراء هدا البحت المتواضع, غصبي الشديد على مقالات و كتابات لبعض الأشخاص اللذين مارسوا قسوة في حق العرب ما قبل ظهور الإسلام و اعتبروهم و تنيين لا صلة لهم بالتوحيد.. إهداء إلى روح والدي المقاوم الذي أبى إلا أن يحشرني في زمرة الفضلاء, و ينأى بي عن أجواء الجهل و الجهلاء, إلى لحده المضمخ بالرحمات اهديه هدا المبحت و إلى كل شهدائنا الأبرار في غزة المحاصرة و بغداد الشامخة الى اللقاء .