إذا كانت اللغة العربية الفصحى هي الأصل واللهجات المختلفة هي الاستثناء فإن ما نلاحظه بكل أسف من خلال عملية دبلجة المسلسلات التي غزت قناتينا الأولى والثانية من تركية ومكسيكية وبرازيلية والتي اختيرت لدبلجتها للهجات اللبنانية وأخيرا الدارجة المغربية، باتت تشكل لما تحمله هذه اللهجات من كلمات وتعابير التي تخرج في العديد من المرات عن اللياقة والاحترام خطرا محدقا على ناشئتنا التي كان من المفروض أن نطعم ما تتعلمه في المدرسة النظامية (أي العربية) بلغة مثيلة لها في المسلسلات التي تقدمها القناتان الأولى والثانية، لا أن يصطدم أطفالنا بلهجات البعض منها غير مفهوم (اللبنانية) والأخرى (الدارجة المغربية) تختار الكلمات السخيفة والتعابير غير اللائقة التي تقال على مسمع ومرأى من الجميع، بمعنى أننا بهذه السيول من اللهجات نطمس هويتنا الحقيقية المتمثلة في اللغة العربية الرسمية بالبلاد التي ينص عليها دستورنا والتي كان يجب أن يبوءها المسؤولون بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية وأقسام الإنتاج على وجه الخصوص المكانة اللائقة بها والتي تتمثل على الأقل في السعي لدبلجة المسلسلات الوافدة من الخارج باللغة الأم لتنبيه الجيل الجديد من أولادنا إلى أن الأساس هو إتقان لغة البلاد قبل لغة أخرى أو لهجة ما.وكون أن عملية الدبلجة وخاصة منها المسلسلات التي تدبلج للدارجة المغربية تتطلب الإنفاق المادي لا شك أنه يقدر بعشرات الملايين لكل مسلسل فأي مانع أن تتحول هذه الدبلجة من الدارجة إلى العربية وبلادنا الحمد لله تعج بمتقني اللغة العربية بما في ذلك جموع الفنانين المغاربة الذين يجدون النقط بها لغة ونحوا وصرفا. فلمالا القيام بهذا، والإصرار على التمادي في الدبلجة بالدارجة والتي وإن كان البعض يصفق لبادرتهما بدعوى تقريب الفهم من المشاهدين فإنها من جهة أخرى وبالتدريج تزيح الاهتمام باللغة العربية التي هي لغتنا التي لا محيد لنا عنها.