تنوعت مطالب المغاربة خلال مظاهرات ضخمة شارك فيها الأحد عشرات الآلاف في عدة مدن بين تعزيز الحريات وحل الحكومة والبرلمان وإطلاق سراح المعتقلين وإغلاق معتقل تمارة السري وحزب صديق الملك وتجريم الاختطاف والتعذيب ومحاكمة المتورطين في قضايا الفساد والتعذيب. فقد شارك حوالي مائة ألف متظاهر في مسيرة جابت أهم الأحياء الشعبية بالعاصمة الرباط للمطالبة بالإصلاح السياسي، وإسقاط الحكومة وحل البرلمان، وتغيير الدستور، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتحويل نظام الحكم إلى الملكية البرلمانية. كما خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين في أكثر من مائة مدينة وقرية في مسيرات ضخمة. وقالت مصادر صحفية إن أكثر من عشرة آلاف شخص تظاهروا بمدينة الدارالبيضاء للمطالبة بالإصلاح، كما عرفت مدن ومناطق مغربية أخرى مشاركة آلاف المتظاهرين. ورفع المحتجون -الذين خرجوا استجابة لدعوة من حركة 20 فبراير- لافتات تطالب ب"تنقية المحيط الملكي من المفسدين"، ومحاكمة "رموز الفساد" و"الجلادين" المتورطين في اختطاف وتعذيب المعتقلين السياسيين، كما رفعوا شعارات تطالب بإلغاء مهرجان (موازين) الفني الذي يشرف على تنظيمه مدير الكتابة الخاصة بالملك محمد السادس. كما نادى المتظاهرون بحل حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه صديق الملك فؤاد عالي الهمة، وإبعاد بعض قيادييه عن دائرة القرار، والفصل بين التجارة والسلطة، واحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير، وضمان استقلالية القضاء. ورغم أن الشعارات التي رفعت في المسيرات لم تختلف كثيرا عن الشعارات التي تم رفعها في مسيرات العشرين من فبراير/شباط، والعشرين من مارس/آذار، فإن المحتجين أضافوا شعارات جديدة تطالب بإغلاق معتقل تمارة السري السيئ الذكر، وتجريم الاختطاف والتعذيب. مشاركة السلفيين وشهدت مسيرة الرباط مشاركة مكثفة للمنتمين إلى التيار السلفي، الذين طالبوا في أول خروج احتجاجي منظم لهم، بإطلاق سراح المعتقلين في ملفات "السلفية الجهادية"، ومحاكمة قيادات جهاز المخابرات، المتهمين من طرف سجناء سابقين بممارسة التعذيب عليهم بعد اختطافهم وسجنهم في قضايا تتعلق بالإرهاب. وكانت السلطات المغربية قد اعتقلت آلاف الإسلاميين السلفيين بعد التفجيرات التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء في السادس عشر من مايو/أيار عام 2003، بعد أن حملتهم مسؤولية تلك الأحداث. واعتبر المحامي ومنسق لجنة صياغة "بيان حول التغيير الذي نريد" خالد السفياني، أن مسيرات الأحد تخرج في زمن لا شيء يعلو فيه فوق صرخات الشعوب المطالبة بالتغيير، مؤكدا أن الشعب المغربي لن يقبل بأي حلول "ترقيعية"، أو إجراء تعديلات على الأوضاع الموجودة، لكنه سيناضل من أجل تغيير حقيقي وجذري، على حد تعبيره. وقال في حديث للجزيرة نت إن المغاربة يناضلون من أجل الانتقال من ملكية تنفيذية، إلى ملكية برلمانية ديمقراطية يسود فيها الملك ولا يحكم. إصلاحات غير كافية فالديمقراطية -حسب رأيه- لا تستقيم بملكية رئاسية، كما أكد أن الإجراءات التي تم اتخاذها من طرف الجهات الرسمية للقيام ببعض الإصلاحات تبقى "غير كافية". بدوره قال عبد الحفيظ السريتي -وهو معتقل سياسي مفرج عنه ضمن خلية بلعيرج- إن الشعب المغربي خرج في مسيرات للمطالبة بدستور ديمقراطي يحترم الإرادة الشعبية، ويتأسس على فصل حقيقي للسلطات. واعتبر –في حديث للجزيرة نت- أن أي إصلاح حقيقي لن يتم دون إسقاط الحكومة والبرلمان، وحل الأجهزة الأمنية المختلفة، مضيفا أن من أهم أولويات المرحلة الحالية، هو إسقاط ومحاكمة الفاسدين، وبناء دولة حقيقة تضمن لمواطنيها العزة والحرية والكرامة. وتعدّ مسيرات الأحد هي الثالثة من نوعها بعد المسيرات الكبرى التي عرفتها مدن المملكة يوم 20 فبراير/شباط و20 مارس/آذار الماضيين. وكان ملك المغرب قد أعلن يوم 9 مارس/آذار الماضي إصلاحات دستورية ترمي إلى تخليه عن بعض صلاحياته الواسعة، والحفاظ على استقلال القضاء والفصل بين السلطات، لكن المحتجين يطالبون بالمزيد. كما أنشأ الملك في اليوم التالي لجنة استشارية مكلفة بمراجعة الدستور واقتراح تعديلات عليه بحلول يونيو/حزيران المقبل.