لن ينسى سكان گرامة، تلك السنوات الخوالي، التي كانت فيها أم حنون، تحمل فلذة كبدها، على ظهرها، وتتنقل بها أربع مرات يوميا، بين البيت ومدرسة وادي الذهب، لكي لا تحرمها من حقها الطبيعي، في التربية والتحصيل، وذلك في تحد واضح المعالم لتبعات السقم ، الذي شاءت الأقدار، أن تبتلي به ، منذ أن رأت النور….. سنوات من الكفاح الحقيقي المستميت – إذن – ميزت حياة هذه الوردة البريئة، تخللتها عوامل مناخية، لا تقل قساوة عن متطلبات الحياة ومشاغلها… لكن العزيمة القوية، المشفوعة بالتصميم الراسخ، على مقارعة الواقع بكل تجلياته وإكراهاته، كانت حافزا كافيا للوالدين المجاهدين ، لكي يمضيا قدما، في سبيل مؤازرة " سعيدة "، وجعلها تحس، بأن من سار على الدرب وصل… وعلى هذا النهج، تابعت أيقونتنا المحبوبة، طريقها بثبات ونجاح ، لاسيما بعد حصولها على كرسي متحرك ، لتنال عن جدارة واستحقاق ، شهادة البكالوريا ، في مؤسسة طارق بن زياد ، عقب مشوار إعدادي وثانوي حافل، بالكد و الجد الدؤوب…… الأبوان الجليلان , لم يجدا بدا — إثر هذا المستجد المفعم بالأمل — من التفكير مليا، في حل يسمح للسعيدة " سعيدة " ، بولوج عالم التعليم العالي، فقررا دون تردد ، شد الرحال، إلى مدينة الحاجب، في قلب الأطلس المتوسط الشامخ ، للاستقرار بها .. الأمر الذي أتاح لأسرتهما المناضلة، فرصة التقرب ، من مكناسة الزيتون، حيث تتواجد جامعة المولى إسماعيل…. وبعد أربعة أعوام ، مقرونة بكل معاني البذل والعطاء ، استطاعت المحبوبة العزيزة، أن تنتزع إجازتها في شعبة الدراسات والآداب الإنجليزية، مطلع السنة الجارية، لتعم الفرحة أوساط الأهل والأقارب، وكافة المهتمين بالحقل التربوي، ممن واكبوا مسيرة موفقة ومثيرة، تستحق أكثر من وقفة تأمل… أحلى التهاني، وأحر الأماني، نقدمها لك يا سعيدة، ولوالديك الصامدين المبجلين، ولأشقائك ذكورا وإناثا، ومتمنياتنا لك بمزيد من التألق المثمر…. أملنا كذلك، أن تلتفت الدولة من خلال دواليبها ذات الصلة لهذه الشابة، في أفق مساعدتها على بناء مستقبل مستقر ، يضمن لها العيش الكريم. ( والله تعالى ولي التوفيق. ) إشارة : الطالبة المحبوبة المجازة : ( سعيدة فالح ) ، التي تظهر في الصورة، هي كريمة السيد : " علي أو عزيز فالح " و السيدة : " عائشة لعروسي "