عن أي حوار طلابي تتحدثون وعن أي جامعة تتحدثون و عن أي طالب تتحدثون و عن أي فصيل تتحدثون .. و خلاصة الحكاية أن الطالب يعانق الجامعة فقط عندما تكون ميزته في شهادة البكالوريا "مقبول" أو "مركول" .. يشد الرحال إلى مدينة غير مدينته و مجتمع غير مجتمعه يلزمه سنتان كي يتأقلم مع أجواء الضجيج و السيارات و المقاهي فيحاول تارة التمرد على بيئته فيبدأ بلبس لباس غير لباسه ثم يحاول جاهدا الإرتباط بطالبة أو ببنت ''الليسي'' القريبة من ''لافاك'' . و تارة أخرى يحاول تذوق ''البيرا'' و السهر و الرامي و شراء هاتف ذكي يساعده في غبائه طبعا بعد "لابورس " (المنحة) .. فينتهي العام الأول الإسفنجي ( non validé) . مع بقاء نصف "منحة" لتنقلب إلى "محنة" الأب مع "وافا كاش " يضطر خلالها الوالدان إلى إرسال ما تيسر من نقود لتغطية نفقات "الطالب" الذي يتخذ دائما "البحوث" كذريعة و يحملها مسؤولية "حزقته" ، يمضي الطالب 4 أو 5 سنوات عجاف يكون فيها قد أجل موعد البطالة لا غير .. سنوات لم يجني منها سوى الكريدي و التفكير في المجهول و الخوف من الواقع و الضياع في غياهب المستقبل .. نعود إلى الفصائل الطلابية المتهالكة و التي لا برنامج واقعي في جعبتها و خير دليل على ذلك لنلقي نظرة على أيامها الثقافية .. فأيام التجديد الطلابي مثلا تكون فرصة للتجارة في كتيبات "الحصن الحصين" و أهوال القبور و كتب "الصياح المباح في النكاح "و المسك و آيات الكرسي و كاسيط الشيخ كشك و رائحة البخور تدوخ الحاضرين فضلا عن محاضرة يلقيها شيخ ك"النهاري" حول الخلافة و ختاما بأغنية حول الحجاب لمغني الراب الشيخ سار.. طبعا كل هذه الأنشطة ممولة من الحزب .. أما أيام الحركة الثقافية الأمازيغية فلا تختلف في شيء عن سابقتها من حيث فراغها الفكري .. حيث نجد أن كل حلقيات الفصيل متمحورة حول سياسة التعريب و لا شيء غير التعريب يدور كل الحديث بلغة غريبة اختلطت بين الفرنسية و الأمازيغية فيتقزم الموضوع و ينحصر في اللغة دون التفكير في برامج واقعية تخدم الطالب و المجتمع ككل .. الأيام الثقافية ل "ح-ث-أ" أيضا تتخللها وصلات غنائية من أصحاب الغيتار و ذوي الشعر المنتوف و أظافر طويلة و قلادة في العنق بها حرف "الزاي" و لباس فضفاض بالألوان الثلاثة لعلم تامازغا ... و حلم مملكة نوميديا الميؤوس منه لازال يراودهم في كل نقاشاتهم البائسة .. أما النهج الديموقراطي القاعدي فأيضا لا جديد لديه خصوصا بعد انكسار شوكته و أفول نجمه و غروب شمسه .. فكل من قرأ البيان الشيوعي و حفظ أغنية "إحنا مين و هوما مين" للشيخ إمام و أغنية "أحن إلى خبز أمي" لمارسيل خليفة و أخذ صورة مع الرفاق حاملا شارة النصر و كل من لبس تي شورت ل"تشي غيفارا" يعتبر نفسه قاعديا قحا . يهددك بقطع أحد أطرافك إذا اختلفت معه أو إذا انتقدت إحدى فترات تاريخ فصيله .. أيام ثقافية أيضا تافهة تمتلأ خلالها الجامعة بلافتات أقوال لينين و سطالين و صور لبعض الشهداء فظلا عن كتب "رأس المال" لكارل ماركس و بعض خربشات هيجل و فرويد و أنجلز و أشعار أحمد مطر .. و أيضا جل الحوارات و الحلقيات تدور رحاها حول "النظام" و "الرأسمالية" و "الشيوعية" و "الاشتراكية" و "تحية ليك ألرفيق" .... خلاصة القول أن كل هذه الأنشطة تتكرر كل سنة دوما جديد يذكر و دون أي واقعية في الأداء فنسمع جعجعة و لا نرى طحينا .. لأن الدولة نجحت بالفعل في جعل الصراع أفقيا بين طبقات الشعب و أبناءه .. (هناك بعض "الإخوان" و "إمدوكال" و "الرفاق" الذين سينزعجون من كلامي .. لكن وجب عليهم تغييب العاطفة و أخذ الأمور بواقعية أكثر )