قبيل أيام وطئت أقدامنا أرض الوالي الصالح أبي سليم العياشي ذلك الرجل وتلك الشخصة الفذة العالم والفقيه هناك بقرية زاوية سيدي حمزة , حيث كانت الزيارة يوم ذكرى المولد النبوي الشريف وما يميز ذلك من طقوس وحكايات وخرافات لا تزال تعشعش في عقلية أجيال ينتظر منها تربية الناشئة على أساس صحيح ومعتقد سليم . لن نخوض في الجانب الديني للطقوس لكوننا لسنا علماء دين ولا دعاة .. بل سينكب الحديث عن صور إلتقطتها العدسات ووقف معها الضمير في حيرة وذهول .. بداية ونحن في مراسيم الاحتفال التي يخصها أهل القرية كل سنة بمناسبة الذكرى على نغمات قرع الطبول و المزامير احتشد الجمع في مكان حيث تحلقوا حول الفرقة التي رافقها رجل طاعن في السن يحمل شمعة موقدة فيحاول في خداع التظاهر بأنها لا تحرق يده ولا وجهه الأمر الذي يسلم له ضعاف العقول مما دفع بأفراد عدة للتوافد نحو يعطونه النقود تبركا ببركة الوالي الصالح ... أيضا ونحن هناك لفت انتباهنا أفواج من الزوار تقتحم المقبرة فشدنا الفضول لمعرفة ما يقع بداخل الغرف المتواجدة بداخلها " الروضة " , وبعد الإسراع والمعاينة وجدنا نساء وفتياة يضعن شموع ويوقدن أخرى ويحملن بعضا من التراب لأغراض خاصة وربما تندرج في مضمار الشعودة... طقوس عدة بتعدد الصور هناك . اتجهنا غير بعيد صوب ضريح الولي الصالح أبي سليم العياشي حيث بناية تضم غرفتين وبهو مغطاة الغرفة الأولى يرقد فيها والده , يدخل الزائر ويقوم بدورة عن جهة اليمن وعند جهة الرأس يقوم الزوار بمسح الأرض وأخد شيئ من التراب وتمريره على الوجه وأعضاء من الجسد رفقة كلمات يدعين بها للنيل من البركة كما يزعمون ووضع شموع موقدة في الجهة الأخرى من المرقد بعد طواف عليه . ولجنا وعلامات الحيرة تنتابني إلى الغرفة الثانية حيث يرقد أبي سليم العياشيي ذلك العالم الفقيه الورع الذي خلد ثروة علمية صحيحة وبعيدة عن مظاهر الشعودة التي أضحى زواره اليوم يٌنسبونها إليه ظلما وعدوانا , الغرفة تتكون من باب متوسط الحجم ونافذتين عن اليمين والشمال موضوع فيهما شموع موقدة وبداخل الغرفة رجال أو ما يسمونهم بالطلبة يسردون قصائد كالبردة في ألحان متوازية , وإلى جانبهم نساء جالسات والبعض يطفن حول المرقد الذي وضع عليه أثواب كثيرة ومنهن القابضة بطرف قماش وهي تتمتم بكلمات تطلب فيها البركة و صور عديدة أخرى ... الضريح يوجد في مكان مرتفع الوصول إليه يكون عبر درج يكابده الشيوخ والعجائز لوصول المبتغى الذي يجهلون أو يتجاهلون نتائجه.. وبالانتقال لمكان طهي الكسكس أو ما يسمى ب "الحنديرة" , تلحظ طقوسا تزاحمك خلال الولوج للمكان ونساءا في طوابير لا نعلم ما ينتظرن وإقبال على الأواني التي تم استعمالها في الطهي للمسها والفوز بشربة ماء المرق المعد للكسكس للنيل من بركة الموسم في إعتقاد أنه يشفي من الأمراض ... غير بعيد عن "أحندير " وبداخل المكتبة العلمية التي تحوي ألاف الكتب ومئات المخطوطات الضاربة في مضامينها لهاته الأفعال والطقوس عرض الحائط , هناك حيث يوجد صندوق صغير الحجم وسط الغرفة بمحاذاة عمود خشبي يضم حقيبة متآكلة ونعلين يقال أنهما من تركة الولي الصالح أبي سليم لاحظنا ونحن في المكان إقبال بعض الزوار على مسح الأشياء بل ووضع النعل في القدم وتقبيل الحقيبة وكذا الحداء .. صور تزداد رسوخا لما يطلب حارس المكتبة الضيوف بالولوج مرحبا بها لأخد بركة الشيخ وهو الأمر الذي ينتهي بوضع مبالغ مالية في صندوق خشبي بجانب الأمتعة السالفة , تجارة وتدليس كلها تقع بين أحضان خزانات حديدية بداخلها أمهات الكتب الدينية والمصادر العلمية المختلفة والمخطوطات الناذرة . الموسم تنتهي فصول مسلسله وطقوس الشعودة فيه بإيقاعات الجدبة أو الحضرة التي يرفع إيقاعها أعضاء الفرقة الموسيقية بالطبول والمزامير حتى يكث ضحاياهم بين صارخ وراقص فاقد للوعي وساقط على الأرض وصاخب ...