كثيرا ما تجده جالسا في مقهى نظرا لانعدام فرص الشغل؛ يتجرع مرارة التفكير في حل لوضعيته المزرية. يفكر؛يبحث ؛ يتصفح جريدة عسى أن يعثر على ركن خاص لفرص العمل؛ لكن ما ينفك من نسيان مآ ساة وضعيته حتى يجد نفسه مرة أخرى ؛ غارقا في التفكيرفي وضعيتنا الإجتماعية ككل ؛ ولا سيما عندما يجد بالخط العريض بعض عناوين الجريدة مثل : - أمنيون مزيفون ينصبون برجات. – تسجيلا ت هاتفية تجر 50 برلما نيا أمام القضاء. – إعتقال مدير بنك .- متورطون جدد في نهب المال العام. – إيقاف مرتكب جريمة قتل.- إعتقال عجوز مروجة للخمور. – فعاليات حقوقية تدعو إلى مسيرة ضد الغلاء ... في ظل محتوى هذه العناوين التي تشمئز لها النفوس؛ يدرك أن وضعيتنا ألإجتماعية ليست على أحسن حال رغم مجموعة من ألإصلاحات والمجهودات التي لاتحصى ؛ في إطار تحسين الوضعية ألإجتماعية؛الشيء الذي يستدعي مزيدا من تظافر الجهود ؛ في تدبير السياسة ألإقتصادية والإجتماعية ومعالجة دقيقة لظاهرة البطا لة وما ينتج عنها من فقر وفساد؛ (لكونها تشكل النقطة السوداء وحيزا اكبر من حيت نتائجها داخل الحقل ألإجتماعي )حتى يتسنى لوضعيتنا ألإجتماعية أن تسير في الوجهة الصحيحة السليمة . والبطالة أنواع ولها تعاريف متعددة تختلف بإختلاف المحللين وإختلاف بيئاتهم ؛ فهي مشكلة إقتصادية وإجتماعية ولها تأثير سلبي على الفرد ولأسرة والمجتمع؛وطبقا لمنظمة العمل الدولية فإن" العاطل هوكل قادر على العمل؛وراغب فيه ويبحث عنه ؛ويقبله عند مستوى ألأجر السائد؛ ولكن دون جدوى. " وإذا كان سوء التدبير في السياسة ألإقتصادية وألإجتماعية سببا لما آ لت إليه وضعيتنا ألإجتماعية الحالية التي لاتبعت على التفاؤل ؛ فإن تحسينها يستدعي بالضرورة حسن التدبير في السياسة ألإقتصادية ؛ و تكثيف جهود المتخصصين في الميدان ألإجتماعي قصد تشخيص ودراسة دقيقة لظاهرة البطالة ؛ وصياغة مناهج جديدة مستوحاة من طبيعة مجتمعنا والكفيلة بإعطاء نتائج ملموسة على أرض الواقع ؛ ولن يختلف إثنان في كون هذه الظاهرة ( أي البطالة ) تعد من أولويات ألأولويات ؛ التي يجب أن يولوا لها إهتماما كبيرا؛ لكونها ظاهرة تمثل بنية منغلقة حول نفسها ؛ ولها نظامها الخاص الذي لا يسمح لنا بتطبيق مناهج ومخططات واستراتيجية خاصة ببنيات إجتماعية أخرى؛ الشيء الذي يستدعي ضرورة البحث عن سبل ملائمة مستوحاة من طبيعة المجتمع ؛إعتبارا أن لكل مجتمع خصوصيته؛ والبطالة ظاهرة إجتماعية لاتنحصر فقط في صفوف حاملي الشهادات؛بل هناك شريحة من المجتمع بدون شهادات ؛وشهادات مدرسية قبل شهادة البكالوريا ؛يجب أخذها بعين ألإعتبار ووضع مخططات واستراتيجيات لتوفير فرص الشغل لها وهناك حالات إستثنائية داخل هذه الشرائح وجب وضعها في الحسبان؛ لأنها لاتملك موردا أومصدرا للعيش ؛ ولاتملك لامسكنا ولاعملا قارا؛ومع ذالك فهي ملزمة بالمصاريف اليومية والكراء ؛التطبيب والدراسة .هذه الشريحة في حاجة ماسة إلى حلول عاجلة قبل اي شريحة إجتماعية أخرى ؛لأنها لاتجد ماتسد به رمقها لضمان الحق في ألإستمرارية ؛فهي شريحة مستهلكة غير منتجة ؛ ووجود شريحة غير منتجة أو شبه منتجة داخل مجتمع ما ؛ يعد من بين العوامل الرئيسية التي تساهم في عرقلة التنمية . وإذا جاز وصف البطالة بالديدان التي تنخر جسم المجتمعات على كافة المستويات ؛ فوجب على ألإقتصاديين والإجتماعيين وكل الفعاليات ؛البحث عن أقوى مبيد لها؛وإيجاد جراح خبير قصد إستئصال الورم الخطير من شرايين المجتمع ؛ وإعطاء نفس واقعي ملموس لفرص الشغل؛ للتخفيف من حدة إنعكسات هذه الظاهرة ولاسيما الجانب النفسي منها ؛وثمة هوة شاسعة بين البطالة كمصطلح جاف لايمكنه التعبيرعن الشعور النفسي للعاطل؛وبين البطالة كواقع يومي يتأثربه ويتفاعل معه العاطل ؛وكما يقول المثل الشعبي المغربي (ما كيحس بالمزود غير لي مضروب به) . إن النظرة التشاؤمية التي تتولد نتيجة الترسبات النفسية المتزايدة كل يوم والمتراكمة بأحجام مختلفة لذى هذه الشرائح ؛ لاتدع مجالا إلا للغليان النفسي الذي يحرض على مجموعة من ألإنحرفات الخلقية والسلوكية المختلفة باختلاف تكوين الشخص. وسواء تعلق ألأمر بعدم إستيعاب خصوصيات هذه الظاهرة ؛ أو بمحاولة تطبيق مناهج مقتبسة ؛أو لأسباب أخرى نجهلها؛فإن وضعيتنا ألإجتماعية على كل؛ ليست على أحسن حا ل . فكلنا نتحمل مسؤولية سوء وضعيتنا ألإجتماعية ؛ وكلنا يجب أن نتحمل مسؤولية تحسينها بالنقد الذاتي لما نقوم به كل يوم في سلوكاتنا وتصرفاتنا وأفعا لنا والمسؤولية الملقاة على عاتقنا ؛ لبناء غد افضل لتغييروضعيتنا ألأجتماعية إلى أحسن ؛وتلك العناوين التي تشمئز لها النفوس ؛ إلى عناوين ترتاح لها النفوس وتطمئن لها القلوب ؛ ومحاربة الفساد بشكل عام؛ فالمسؤولية ملقاة على كل منا بدون إستثناء ؛ فهي مسؤولية الجميع وليست مسؤولية نخبة معينة . بقلم