يعتبر مفهوم المجتمع المدني من المفاهيم التي تم الخوض فيها كثيرا من طرف الباحثين ، خاصة في ظل احتدام النقاش حول هويته الحقيقية حيث يطرح السؤال التالي : هل هناك مجتمع مدني و أخر غير مدني ؟ و ما هي المعايير التي يجب الاعتماد عليها للفصل هذين المجتمعين ؟. التعريف الأكثر شيوعا للمجتمع المدني هو ما يصف بالمجال الذي تعمل فيه الجمعيات التطوعية و الاتحادات مثل النوادي الرياضية و اتحادات العمال , و هو أيضا فضاء يتحرك فيه الإنسان بعيدا عن مصالحه الشخصية . كما تعتبر هذه الجمعيات و الاتحادات بمثابة مؤسسات ثقافية و اجتماعية تقدم خدماتها مجانا و دون مقابل ، و تعمل على تأطير الشباب لبناء مجتمع مسؤول يساهم في التنمية و التغيير، و لكي يتحقق ذلك يجب اتخاذ التطوع كركيزة رئيسية لتحقيق الأهداف النبيلة و التي من أجلها خلق هذا المجتمع و تتمثل أساسا في : مساعدة الفئات المعوزة , إدماج المعاقين في الحياة العامة ،و الاهتمام بالطفولة، قضايا المرأة و الشباب قضايا و البيئة , الرياضة .... إلى غير ذاك من القضايا و المشاكل التي تعاني منها مجتمعاتنا المتخلفة. و هذا النقاش يجرنا إلى طرح تساؤلات عديدة أبرزها : إلى أي حد يؤدي المجتمع المدني دوره في المغرب بصف عامة؟ وبمنطقة تونفيت بصفة خاصة ؟ أين جمعياتنا بتونفيت من كل هذه القضايا ؟ لماذا هذا التحول من جمعيات اجتماعية ثقافية و رياضية إلى جمعيات اقتصادية أو بالأحرى مقاولات صغرى ؟ و هل أصبح المجتمع المدني مجرد غطاء من أجل قضاء المصالح الشخصية ؟ أسئلة كثيرة و محيرة تبقي معلقة إلى حين ظهور بديل أخر. عرفت تونفيت في العقد الأخير تكاثرا بكتيريا لجمعيات اعتبرت التنمية هدفا أساسيا ضمن أهدافها الأخرى، لكن الواقع يعكس زيف ذلك، جمعيات يتجاوز عددها المائة جمعية في منطقة هي في حاجة إلى عدد أقل بكثير ، جمعيات بدون مقرات بدون منخرطين بدون أي شيء لا تضيف أي قيمة للمنطقة، لأن بعضها إذا لم نقل جلها أسست بهدف الاستفادة من بضعة دراهم يمنحها لها المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بدعوى الدفاع عن قضية هي بريئة براءة الذئب من دم يوسف منها، و لا تنتظر شرذمة من الانتهازيين ليدافعوا عنها بمهرجاناتها السخية التي تكريس ثقافة الشطيح و الرديح. في حين تبقى القضايا الأخرى التي كانت في الماضي القريب مجالا خصبا لازدهار العمل الجمعوي بالمنطقة مثل الرياضة والأنشطة الثقافية كالمسرح . من منا لا يتذكر أيام الزمان الجميل أيام دوريات كرة القدم في ألمو , من منا لا يتذكر الغريمين التقليدين ، فريق الربيع بايت عبدي و فريق البرج باشمحان , من منا لا يتذكر سبورة تازيزاوت التي كانت تعلق في ساحة تاسويقت و تعلن بان الأستاذ الفلاني أو الطالب الفلاني سيلقي محاضرة في موضوع ما. من منا لم يحن إلى الأنشطة الثقافية من مسرح و موسيقي و معرض للكتب . أين جمعياتنا من قضايا الشباب؟لكن في ظل غياب دارهم تبقي هذه الجمعيات بعيدا عن همومهم ومشاكلهم ، فعوض تأطيرهم و صقل مواهبهم تركتهم ينصهرون في موجة الموضة ، موجة الستون و التشويكة و السليم . رشيد مبروك.