كم مرة يجب أن نكتب ونقول و نندد بالمهرجانات التي تقام هنا و هناك، تلك التي تصرف من جيوب المواطنين و تقتطع من قوتهم اليومي الصعب ...بدون سابق طلب منهم إن صح القول. "" الملايين تصرف في الشطيح و الرديح، و أحيانا يتجاوز ذلك إلى مشاهد مخلة بالآداب وتخدش الحياء العام . أصوات تنادي بأن توقف هذه المهزلة، و مع ذلك لا حياة لمن تنادي ! أو لا ضمير لمن تناديه ! أعتقد أنه من المعقول جدا والسيل قد بلغ الزبى كما تقول العرب، أن تتحرك جمعيات المجتمع المدني من أجل دعوة الدولة و معها المواطنون و كل المساهمين في مثل هذه المهرجانات من شركات و مؤسسات خاصة إلى مقاطعة شاملة لتلك المهرجانات وما شابهها احتراما للشعب المغربي و احتراما لفقره و بؤسه. و لم لا أن يتم تأسيس جمعية مدنية " تحمل إسم "متقيش رزقي " على غرار "متقيش و لدي" و" متقيش بلادي" .. تضم كل من له غيرة على ثروات بلده يكون هدفها الوحيد هو الدعوة إلى مقاطعة تلك المهرجانات و مسحها من الوجود إلى حين أن تستوفي شروطها الواقعية و الأخلاقية لإقامتها. أو أن تقوم تلك الجهات التي تدعونا في مواسمها إلى مقاطعة الانتخابات، بحملات تدعو فيها الشعب المغربي إلى مقاطعة تلك المهرجانات. أم أن الأمر لا يدخل في عملها السياسي، بل يبقى فقط حبيس قبة البرلمان وعلى صفحات الجرائد، دون أن يتحقق ذلك على أرض الواقع (على مستوي العمل الجمعوي كما أشرت مثلا و الذي لا يمكن أن ينكر عمله أي جاحد). لست ضد الفن أو ضد الترويح عن النفس في أي مهرجان من المهرجانات، و لكن أنا ضد أن تصرف كل تلك الأموال على موازين فاسدة. إذا كان أصحاب المهرجانات يفكرون في مصلحة الشباب، فبناء دور لهم أولى، في الوقت الذي نجد فيه أحياء بأكملها لا تتوفر على قاعة واحدة لهم، و أين تظنون أن هؤلاء الشباب سيقضون وقتهم و يروحون عن نفسهم / هل في صالات اللعب أو ما يعرف ب" البيار" و هنا الطامة الكبرى، حيت يتخذ البعض مثل هذه الأماكن وكرا صالحا لترويج المخدرات ! تصوروا معي أن الملايير التي تصرف في مهرجان موازين الرباط مثلا، يمكن أن تصرف في بناء مدرسة و مستشفى ودار للشباب في مدينة أو الأصح في قرية من قرى المغرب لازال أهلها يموتون بأتفه الأسباب ! كما يمكن لتك الملايير أن تنقذ أفواجا من العاطلين عن طريق توفير فرص للشغل لهم، بدل توفير قوات التدخل السريع. أو قد تصرف في برامج لمحاربة الأمية التي تنخر مستقبل البلاد، أو تصرف على الأيتام و المحرومين من حنان الأبوين و من لقمة العيش، والمرضى الذين لا يجدون ثمن الكشف الطبي، و العجزة الذين ضاقت بهم أحوال البلاد و العباد، أو في محاربة الهذر المدرسي،والأمثلة كثيرة ... إن كنا حقا نريد تنمية بلدنا، أما هذه المهرجانات فلا أرى فيها لا خير و لا إحسان لأهلها، اللهم تسويق صورة المغرب الحداثي و مقولة كل عام و أنتم بخير المزيفة... تساءلت مع نفسي و أنا أتذكر أسماء الفنانين و المطربين و النجوم و ضيوف الشرف الذين يحضرون إلى هذه المهرجانات، لماذا لا يقاطع هؤلاء مثل هذه " المناسبات" تضامنا منهم مع ما يعيشه الشعب المغربي من أزمات إقتصادية و إجتماعية .. أو على الأقل احتراما للرأي الداخلي الذي لا يرغب في تواجدهم بيننا. أقول لكل هؤلاء مادام لا أحد منهم تجرأ و قام بمثل هذه الخطوة : إرحلوا عنا من فضلكم ... و من يحتاجكم منا سيعرف أين يجدكم ...! الفن رسالة نبيلة، أ وليس من النبل أن تحترموا فقرنا و ضيق حالنا. و أقول لكل المسؤولين الساهرين على هذه المهرجانات بركا ...كفى، الشعب لا يريد منكم الشطيح و الرديح، الشعب يريد تعليما في المستوى، يريد الصحة، يريد حلا لمشاكله الاجتماعية و الاقتصادية، يريد مجتمعا بلا فوارق، يريد انتخابات نزيهة، يريد فنا يحترم ذوقه و دينه و تقاليده ...يريد أن تصرف أمواله في مصلحته العامة ..و قبل هذا و ذلك الشعب يريد الخبز .. فالبطن الجائعة لا يطرب رأس صاحبها ...! أما التفاهة و (ثقافة) القصاير فلا يريدها ...