قبل أسابيع أسس مواطنون مسلمون في ولاية شمال الراين ويستفاليا الألمانية حزبا سموه “تحالف التجديد والعدالة”، يهدف إلى خوض الانتخابات البرلمانية في الولاية، والمشاركة في تشكيل السياسة الألمانية مستقبلا. ستتخذ ولاية شمال الراين ويستفاليا الألمانية التي عاصمتها دوسلدورف، ستتخذ في الثلاثين من مارس / آذار الحالي قرارها بشأن الموافقة على أن يخوض الحزب الجديد”تحالف التجديد والعدالة” الانتخابات البرلمانية للولاية التي ستجري في التاسع من مايو/ أيار القادم. وهذا الحزب أسسه مواطنون مسلمون في الولاية في فبراير الماضي من اتحادين للناخبين، أحدهما “تحالف السلام والعدل” الذي خاض في مدينة بون الانتخابات المحلية للولاية في أغسطس / آب من العام الماضي، وفاز بمقعدين في مجلس المدينة. ومنذ تأسيس حزب” تحالف التجديد والعدالة” أصبح له عشرة أفرع على مستوى الولاية، ووصل عدد أعضائه حاليا إلى حوالي أربعمائة عضو. “تحالف التجديد والعدالة ليس حزبا إسلاميا” وكما جاء في نشرة الحزب الإعلامية لا يهدف الحزب إلى خوض هذه الانتخابات كحزب إسلامي، وإنما يهدف إلى أن يشارك أعضاؤه بفعالية في سياسة واقعية على مستوى الولاية، والدولة. وكما قال رئيسه، خلوق يلديز، تتوفر في الحزب المعايير الرسمية للمشاركة في الانتخابات، مضيفا أن أعضاءه أسسوه لأنهم لا يريدون المشاركة السياسية تحت مظلة أي من الأحزاب الموجودة حاليا على الساحة الألمانية. وأوضح سبب ذلك قائلا:”لأننا نرى أن هذه الأحزاب ليست مناسبة بعد لانضمامنا إليها. ينبغى إدراك أننا جزء من المجتمع، والاعتراف بأننا بشر نفكر أيضا في الكيفية التي ينبغي أن تسير بها السياسة الاقتصادية والتعليمية، وسياسة شؤون الأسرة. ومثل هذا الاعتراف لم نلاحظه بشكل مؤكد، وهكذا فالأمر هو أننا لا نجد أن هذه الأحزاب تعبر عنا، وخاصة من حيث السياسة التي تنتهجها”. وتابع يلديز يقول بأن الهدف الواضح للحزب الجديد هو إزالة التحفظات القائمة إزاء المسلمين والمواطنين من أصول مهاجرة، وذلك من خلال المشاركة الفعالة في القضايا السياسية. وأضاف يلديز أن الحزب مفتوح أمام كل المواطنين، فالمضامين الدينية ليست موضوعا للعمل السياسي، وإنما الهدف هو الاشتغال بسياسة واقعية لألمانيا خالية من أعباء الأيديولوجيات. وأوضح خلوق يلديز أن الحزب في حاجة إلى الوقت ليصبح حزبا متوطدا، مضيفا أنه لم يكن من الممكن تأسيس الحزب قبل ذلك لأن المجتمع الألماني لم يكن مستعدا على كل حال لقبول تأسيس مثل هذا الحزب. الاندماج الناجح أهم أهداف”تحالف التجديد والعدالة” ويعتزم الحزب الجديد أن تكون له معالمه الواضحة من خلال سياسته في مجالي التعليم والاندماج. وحول ذلك يقول رئيسه خلوق يلديز: “في مجال السياسة التعليمية نعتقد أن من الواجب على كل حال إزالة مظاهر عدم المساواة، وذلك ليتمكن المواطنون من ذوي الأصول المهاجرة، وكذلك من ينتمون إلى الطبقة الفقيرة في المجتمع من الحصول بشكل متساو على فرص أفضل لدخول المدارس الثانوية العامة؛ إذ في هذا المجال يوجد عجز كبير، ففي مدينة غيلزينكيرشين على سبيل المثال يتعلم ستون في المائة من أولاد هؤلاء المواطنين في المدارس المؤهلة للتعليم الفني، وفي مدينة دويسبورغ تصل هذه النسبة إلى أربعين في المائة، وفي بون إلى ثلاثين في المائة”. كما يريد الحزب الجديد تسجيل نجاحات في سياسة الاندماج، ويقول رئيسه بأن المطالب الأساسية في هذا المجال تتمثل في الحفاظ على الهوية الثقافية كشرط لعملية اندماج ناجحة، والاعتراف بالخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمواطنين ذوي الأصول المهاجرة، وربطهم بطريقة أفضل بالقضايا الاجتماعية والسياسية، مضيفا أن من غير المقبول أن تكون عملية الاندماج من جانب واحد يطالب بتخلي الجانب الآخرعن قيمه وهوياته الخاصة. كما صاغ الحزب في لائحته برنامجه بالنسبة للسياسة الاقتصادية والأمن الداخلي والمشاركة السياسية، وكذلك بشأن سياسة البيئة وشؤون الأسرة. التحفظات التي قد يواجهها الحزب الجديد بيد أن “تحالف التجديد والعدالة” يواجه أيضا الارتياب من قبل بعض المسلمين في ألمانيا. وفي هذا الصدد يقول الأمين العام للمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، أيمن مزيك،: “أرحب مبدئيا بمحاولة الربط بين اهتمامات المسلمين على مستوى البلديات، وأيضا عندما يدور الأمر حول التطورات السياية في الولاية. إذ في ولاية شمال الراين ويستفاليا يعيش حاليا حوالي مليون مسلم، ثلثهم ممن يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في الاتتخابات. ولكني أرى أن ما يحتاج إلى التفكير والتمعن أن تتم هذه المحاولة على مستوى الدولة، لأن الأصوات على مستوى الدولة قليلة جدا، كما سيكون تأثير ذلك إشارة سلبيا”. ويقصد مزيك بالتأثير السلبي الإشارة التي ستوجه إلى المجتمع الألماني ومفادها أن المسلمين في ألمانيا لا يريدون أن تكون أنشطتهم داخل الأحزاب القائمة، ويسعون إلى تأسيس أحزاب خاصة بهم مستقبلا. ولكن مزيك يؤكد أيضا أن الأحزاب القائمة حاليا فشلت إلى الآن في تقديم عروض كافية للمواطنين المسلمين لتشجيع مشاركتهم السياسية. وحتى وإن حصل الحزب على الموافقة لخوض الانتخابات البرلمانية ، فإنه سيواجه بقليل من القبول لدى الأحزاب المتوطدة . وحول ذلك يقول آرندت كلوكه، رئيس حزب الخضر في الولاية:”بالطبع يحق لجميع الأحزاب خوض الانتخابات. مع أنه كان الأفضل أن يكون هدفنا انفتاح الأحزاب المتوطدة سياسيا أو بتعبير آخر أن تقدم عروضا كثيرة للمشاركة في الانتخابات المحلية، وتيسير الحصول على الجنسية. ولكن هناك عملية التعليم، إذ إن التعليم هو الطريق إلى التعامل مع المجتمع، والمشاركة السياسية؛ فالمواطنون الحاصلون على تعليم مدرسي أفضل يستفيدون بشكل أقوى من الإمكانات الديموقراطية. وفي هذا السياق أرى أنه إذا تحقق ذلك فمن المؤكد أن المواطنين ذوي الأصول المهاجرة سينشطون داخل الأحزاب المتوطدة بشكل أقوى ولن يؤسسوا لهم جمعيات أو قوائم انتخابية خاصة”. مراكش بريس 2010/ د.ف-أولريكه هوميل / محمد الحشاش-ألمانيا