عبد الرحيم العكزي طالما انتظر الفاعلين الجمعويين المغاربة حوارا وطنيا جديا حول جمعيات المجتمع المدني، كطول انتظارهم للمشاركة في تدبير السياسات العمومية كحقل لإعادة إنتاج طبقات برجوازية جديدة تناط لها مهمة عرقلة الولوج للحقوق وتوزيع الثروات بشكل عادل. والواقع أن المسؤولين بالمغرب يعتبرون أن الجمعيات هي فقط دعامات للحكم يتم الرجوع غليه كلما فرضت توجهات فوقية إظهار مرونة الحكم وتبرير مشاركة المواطنات والمواطنين في رسم السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يعيشون فيها. فجمعيات المجتمع المدني الديمقراطية والمستقلة بالمغرب أكثر مواظبة على قراءة وتحليل لواقع المجتمع المغربي، بكل مكتسباته و إكراهاته وتحدياته، وتسخر قدراتها من أجل عمل دءوب يساعد على مكافحة كل أشكال وأنواع التمييز و احترام الحريات الفردية و الجماعية بالشكل الذي تنص عليه الاتفاقيات والقوانين الدولية التي انخرط فيها المغرب دون تحفظ. وفي علاقة الدولة بمؤسساتها مع مشاريع جمعيات المجتمع المدني تبخيس للأدوار الفكرية والثقافية التي يقوم بها الفاعلين الاجتماعيين، وذلك لأنها أنشئت في ظروف لا تتوافق سياسيا واجتماعيا مع الأرضية التاريخية والفكرية التي ظهرت فيها الحركات المدنية، مما خلف علاقة تنافر بين الطرفين، فأين يبدأ عمل جمعيات المجتمع المدني وأين ينتهي في علاقته مع مؤسسات الدولة؟ على ماذا ومتى ومن أجل من يتوافق الطرفان؟ إنها الإشكالات التي نتطلع من "وزارة المجتمع المدني" إلى أن تحسم فيها بشكل علمي وقانوني واستنادا إلى الواقع الحالي للجمعيات وللنصوص القانونية والدستورية التي تشير إلى ضرورة الاعتماد على جمعيات المجتمع المدني في تدبير مشاريع عمومية، والواقع أن وزارة السيد الشوباني ترى أن التنظير والمصطلحات الضخمة هو السبيل الوحيد لإصلاح مجتمع مدني تعجز نفس الوزارة أولا عن الاعتراف بخدمات نسائه ورجاله وتضحياتهم من أجل تنمية وازدهار هذا البلد، ثانيا، عدم القدرة على نهج ديمقراطية تشاركية كبديل لديمقراطية مركزية يعتمد فيها على خدمات الفاعلين بالمركز، وثالثا ضعف الإرادة السياسية والمؤسساتية حول الإصلاح الحقيقي لجمعيات المجتمع المدني. ولأن الفاعلين بالمركز هم المواطنون كاملي المواطنة اعتمد الشوباني وإخوانه على من يسمون أنفسهم" خبراء " وهم المعول عليهم في التأسيس للحوار الوطني حول المجتمع المدني لا يعرفون حيثياته أكثر من الفاعلين الجمعويين الذين نعتبرهم "أساندة الخبراء" في مجال العمل الاجتماعي الذي يقدمونه بشكل مستمر، ويعلم "السي الشوباني" أن الكلمات الفخمة والضخمة التي يلقيها "خبراء" أنيقون أمام جمهور متحضر يساهم في اللعبة، تزن ذهبا، ذهبا كفيلا بتمويل مشروع في منطقة تستمر معانة سكانها من قساوة البرد حتى فصل الصيف، وأيضا من شأنه تزويد ساكنة من دواوير "زاكورة المنسية" بالماء الصالح للشرب، وربط سكان الكهوف بطرق تقي نسائهم من موت المخاض وأطفالهم من لسعات الأفاعي والعقارب والأمية. ومن أجل حوار ناجع نتطلع إلى مراجعة قانونية للقوانين المنظمة للعمل الاجتماعي، تسمية نريدها بديلا للعمل الجمعوي، مأسسة العلاقة مع فعاليات ومنظمات العمل الاجتماعي، تمكين الفاعلين بالقطاع من أبسط شروط العمل، منع التنظيمات الموازية للأحزاب السياسية…