حسناء صابور دخل مفهوم الصحافة الإلكترونية مؤخراً في قائمة الإعلام، نتيجة التطور الهائل الذي لحق بوسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات، واكتسب هذا النوع الجديد من الصحافة أهمية بالغة منذ ظهوره أوائل التسعينات من القرن الماضي، وتزايدت أهميتها مع توالي الأعوام وانتشار الإنترنت وتضاعف أعداد مستخدميه فأصبحت غالب المؤسسات الصحفية على الصعيدين العالمي والعربي تمتلك مواقع إلكترونية لمطبوعاتها الورقية، لكن الجديد هو ظهور نوع جديد من الصحف غير التقليدية وهو ما عرف ب ” الصحف الإلكترونية ” والتي يقتصر إصدارها على النسخة الإلكترونية دون المطبوعة. وذهبت الكثير من الأقلام والآراء إلى التكهن بانقراض الصحافة الورقية وربما اختفاءها نهائياً بعد أعوام قليلة ،وقد يكون من المنطقي جداً تغلب الصحافة الإلكترونية والإعلام الإلكتروني بشكل عام في وقت قريب تماشيا مع واقع العصر الذي نعيشه، ومستقبل الأجيال القادمة التي ستكون بالطبع أكثر استيعابا واعتماد وتأهيلا لذلك، غير أن القول بضرورة اختفاء الطباعة الورقية أو الجزم باندثارها تماما ليس له ما يبرره فالمذياع رغم انتشار الفضائيات والحد من تأثيره واستخدامه ما يزال عنصرا ووسيلة هامة من وسائل الاتصال والإعلام. وبرغم المؤشرات الإيجابية الكثيرة التي تصب في صالح الصحافة الإلكترونية فإن كثيراً من الصعوبات والتحديات والسلبيات ما تزال تشكل حجر عثرة في طريق تفوقها، مما يتوجب على المهتمين بهذه الصناعة العمل على تلافيها في المستقبل ، برغم هذه الصعوبات والعوائق التي تواجه الصحافة الإلكترونية والسلبيات التي تعترض طريقها إلا أننا في المقابل نستطيع أن نلمس بوضوح الكثير من الإيجابيات والمميزات التي ينفرد بها هذا النوع الوليد وينبئ بمستقبل مبشر . الصحافة الإلكترونية تتميز بقلة التكلفة المالية التي تعيق غالبا القارئ مقارنة بالصحافة التقليدية فعن طريق الاشتراك في خدمة الانترنت تستطيع تصفح كافة الصحف والمجلات التي تمتلك مواقعها إلكترونية في حين أنه من الصعوبة بمكان أن تشترك في كافة هذه المطبوعات أو تقتنيها. ويلعب عامل الوقت الدور الكبير فتحديثها مستمر على مدار الساعة في حين أن الصحافة المطبوعة ومواقعها الإلكترونية يتم تحديثها كل أربعة وعشرين ساعة الأمر الذي يجعل الصحافة الإلكترونية تحرق الأخبار كما يقال أو تجعلها عديمة الفائدة في الجرائد المطبوعة فتصبح عبارة عن أحرف تملأ بها المساحات . تتمتع الصحافة الإلكترونية بهامش أكبر من الحرية بعيدا عن مقص الرقيب، والحرية الموجودة في هذه الصحف الإلكترونية أكبر من نظيرتها المطبوعة التي تواجه قيوداً كثيرة لم تقتصر على المادة التحريرية فحسب، فحتى تعليقات القراء على الموقع الإلكتروني تخضع غالباً لمعايير شديدة الرقابة تتنافى مع حرية الإنترنت التي يريدها الجمهور، في حين نجد أن أغلب الصحف الإلكترونية تعطي هامشا كبيرا من الحرية في التعليقات تصل لحد التصادم والسباب “عند البعض” لزيادة التفاعل والإقبال الجماهيري عليها. بالإضافة لإمكانية تضمين الخبر مقاطع صوتية أو لقطات مصورة بالفيديو مما يجعل التغطية أكثر ثراءً وجذباً للقارئ وتعايشا مع الحدث. غير أنه من المبكر جدا الحكم على هذه التجربة كونها ما تزال تخطو خطواتها الأولى، سيما أن الصحافة الورقية ما زالت تحتل الريادة ،رغم دخول الأشكال الصحفية الجديدة في دائرة المنافسة كونها ما تزال تمتاز بامتلاك كبار الكتاب والمفكرين وصناع الرأي التي يحرص القراء على معرفة آراءهم وتوجهاتهم وتحليلهم للأحداث الجارية، كما أن العلاقة بين الصحافة الإلكترونية ونظيرتها المطبوعة لا يجب أن ينظر لها على أنها علاقة إقصاء أو إلغاء بل هي علاقة تكاملية تنافسية تصب في النهاية لصالح القارئ والرأي العام شأنها شأن جميع الوسائل الإعلامية الأخرى.